إزرع تحصد ، بقلم: ياسر خالد

قف انت كبير ولا يليق بك هذا القول او العمل..نعم غالبيتنا هكذا نتصرف مع ابنائنا..وخصوصا بالبيت والمدرسة وننهال عليهم بالعقاب تلو الاخر وبالتوبيخات الجامدة ..فبدلا من العلاج الناجع والناجح نصب داء فوق الداء… واكثرنا يكون سعيدا بردة الفعل المؤقت التي يبديها ابنائنا عند معاقبتهم..

بالواقع ان ما نقوم به بالبيت والمدرسة هو اضافة لسلوك نحن لا نريده فنمارسه بالخطأ عليهم فيزداد سلوكهم سلبية وعدوانية..نعم هم لديهم ذكاء سبق جيلهم وسبق جيلنا نحن ولكن هذا لا يعني وعيهم ونضجوهم السلوكي..فثقافتهم المعلوماتية لا تؤثر بالضرورة على ثقافتهم السلوكية والتعاملية…وهنا نقع في فخ التربية الحقيقية التي تناسينها ولحقنا العولمة بها..حيث عصر التكنولوجيا وكل شيء سريع كذلك نريد لابناءنا اخلاقا حميدة سريعة دون عناء التربية الملقاة على عواتقنا..

التربية نظام دقيق يجب ان يسير وفق معايير مرحلية لا يجوز تخطيها..فكون ابني او تلميذي متفوق او ذكي علميا فهذا لا يعني ان نموه اكتمل سلوكيا..فيجب اعطاء كل مرحلة حقها..كيف لا ونحن من قسمنا المرحلة الدراسية لمراحل متعددة..حضانة فبستان فمدرسة فجامعة..والمدرسة قسمناها مراحل ابتدائية فالاعدادية فالثانوية..مع ان اليوم المرحلة الاعدادية لو دمجت بالثانوية لما تصعب التلاميذ منها بفضل الانفتاح التكنولوجي..لكن التربية وهي الاصل والاساس نريدها مكتملة وكانه وجب على ابنائنا منذ رؤيتهم للنور ان يكونوا كبارا في كل شيء..فنحرمهم حق الطفولة بكل حلاوتها وسيئاتها ..فويل لاحدهم ان أخطأ وتصرفاته كانت غير لائقة ..نثور ونغضب ونبدأ بالبحث في المعاجم لكي ننزل عليه الإنذارات والعقابات ان لم نستحدث اساليبا جديدة.

كيف تريدون منهم ان يغيروا تصرفاتهم وكلماتهم ومواقع الشبكة العنكبوتية (الانترنت) وما فيها من مواقع سيئة ومواقع تواصل اجتماعي تحيط بهم بالبيت والمدرسة والشارع ايضا بفضل الهواتف الذكية حبلى بالالفاظ والسلوكيات الهابطة والساقطة..فأنت تربي والشارع بما فيها من اناس واصدقاء يشاركك في التربية بالتعاون مع الفضائيات والانترنت..وتريد من تلميذك وابنك ملاكا يسير على الارض.

كلنا مشغولون والسرعة تحتل الاولوية في حياتنا..ونريد كل شيئا بسرعة ونسينا الحكمة الربانية في خلق السماء والارض في ستة ايام مع انه قادر على ان يقول للامر (كن فيكون) ان التربية المجتمعية بالثقافة والسلوك التي نطمح لها ان تكون لا تصح بالعقاب والانذار السابق لأوانه..فمن يستحق العقاب هو من يعاقب وبالعقاب الذي يلائم فعلته وباسلوب رادع بادخال الوازع ..اما الطرق المتبعة حاليا سواء كانت بالبيت او المدرسة فما هي الا زيادة في العدوانية وتشيتتا لاذهان التلاميذ والابناء وزيادة في عدم الالتزام بالاخلاق التي نريد.

لنبني جيلا سويا يتساوى علميا وسلوكيا علينا اتباع سبل التربية الحقة واعطاء كل مرحلة حقها في التربية السلوكية والتعاملية..وان لا نثقل على الاهل في الانتقادات ولا ننتقد المدرسة عندما تتوجه الى الاهل للشكوى عن سلوك ابنائهم ..بل يجب ان يقوم البيت والمدرسة بالعمل بشكل متوازي كي يستطيعان البناء بطريقة صحيحة وهذا يتم من خلال تفعيل لجان اولياء الامور الذين يتم انتخابهم او تعينهم بحسب الاهلية لا المحسوبية..وان يتم تخصيص اوقات خاصة للتربية والسلوك باساليب متطورة كما هو الحال في دورات اساليب التدريس.

Exit mobile version