الفساد يفتك بإسرائيل، بقلم الشيخ رأفت عويضة

الفساد آفة مجتمعية عرفتها المجتمعات الإنسانية منذ فجر التاريخ ، وهو مرض عضال تحمله كل الدول والمجتمعات سواء أكانت غنية ام فقيرة ، متعلمة ام جاهلة ، دكتاتورية ام ديمقراطية ، قوية ام ضعيفة ، وهو مما يرتبط ظهوره واستمراره برغبة الإنسان في الحصول على مكاسب مادية او معنوية يعتقد في قرارة نفسه انه ليس له حق فيها ومع ذلك يسعى اليها ، لذا فهو يلجأ الى وسائل سرية للوصول إليها منها إقصاء من له الحق فيها ، او الحصول عليها عن طريق الرشوة او المحسوبية او الواسطة او اختلاس المال العام وغيرها .

  ويعد الفساد اليوم ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ، ذات جذور عميقة تأخذ أبعادا واسعة تتدخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينهما ، وسيكون الفساد هو التحدي الأهم المتوقع والذي ستجد الحكومات والمجتمعات نفسها في مواجهته .

   إسرائيل واحدة من تلك الدول التي بات الفساد يزعزع أركانها ويهز بنيانها فقد اخترقها الفساد بكل أنواعه وأشكاله: السياسي ،والمالي،والإداري،القضائي..و باتت تتراجع  في مؤشر الفساد الدولي لتحتل المرتبة 37 من بين 175 دولة مدرجة في مؤشر الشفافية الدولية ،والمرتبة24 من ضمن 35 دول الـ “OECD”.

  فمنذ ان اصدر البرفيسور يوسي شاين كتابه”لغة الفساد في إسرائيل” عام 2010م،وسرد فيه بعضا من قائمة الفساد الاسرائيلي على اعلى المستويات على النحو التالي:

أ‌- الفضيحة الجنسية التي طاردت رئيس الدولة السابق “موشيه كتساف”، حيث اتهم بالتحرش، ومحاولة اغتصاب عدد من الموظفات العاملات في مكتبه.
ب‌- الفضائح المالية المتتالية التي لاحقت رئيس الحكومة السابق “إيهود أولمرت”، بدءً بالرشاوى المقدمة له، وانتهاءً بصفقة خصخصة بنك “لئومي”.
ت‌- الفساد الذي أصاب سلطة الضرائب، واعتقال رئيسها “جاكي ماتسا”، والتحقيق مع 20 مسئولاً فيها بتهم تلقي رشاوى.
ث‌- اتهام وزير المالية الأسبق “أبراهام هيرشيزون”، بسرقة وتبييض الأموال، والخداع والتآمر على تنفيذ جريمة.
ج‌- اضطرار الرئيس السابق “عيزر وايزمن” للاستقالة، بسبب تهربه من الضرائب، فيما شكل رئيس الوزراء السابق “أريئيل شارون” علامة فارقة مع عائلته في تاريخ الفساد، من حيث تلقي الرشاوى. واصلت هذه القائمة  انتفاخها وتضخمها ومازالت لتضم اليها:

ح- اتهام الحاخام الأكبر السابق يونا متسغر بتلقي رشاوى.

خـ- اتهام 8 من ضباط الشرطة والألوية فيها بالتحرش الجنسي،وإقالة بعضهم واضطرار البعض الآخر الى الاعتزال.

د – اتهام زوجة نتانياهو بسرقة آلاف
الشواقل من أموال الدولة وخزينة الدولة.

ذ- إدانة رئيس الوزراء الأسبق أيهود اولمرت بتهم الفساد بتلقي رشاوى وخيانة الثقة الممنوحة له .

ر- اتهام 30 شخصية بالحصول على المال بطرق غير مشروعة وتلقي رشاوى، غالبيتة المتهمين  ينتمون لحزب “إسرائيل بيتنا” الذي يرأسه “أفيجدور ليبرمان” وزير الخارجية ، ومن بينهم نائبة وزير، ورؤساء في المجالس المحلية ومسئولون في وزارات حكومية ووزير سابق.

ز- اتهام “شاؤول موفاز” وزير الدفاع الأسبق للجيش الإسرائيلي، “موشيه يعالون” بالتزوير، وذلك عن طريق مساعدة المستوطنين في تمرير صفقات شراء أراضي مزيفة في الضفة الغربية.

س-الشرطة توصي بتقديم لائحة اتهام ضد بنيامين بن اليعازر تتعلق بتلقيه رشاوى ضخمة من رجال أعمال إسرائيليين …الخ

 مما لا شك فيه ان هذا التغلل للفساد في كل مفاصل الدولة ومرافقها وعلى جميع المستويات سيكون له نتائج وخيمة واثار مدمرة على المجتمع الإسرائيلي وعلى الدولة برمتها..

 استشراء الفساد سيؤدي اول ما يؤدي اليه زعزعة الثقة بالحكم وبمصداقية الحكومة،اهتزاز الثقة بالدولة في نظرة الخارج اليها والتعامل معها على جميع المستويات،كما ستتم زعزعة الاستقرار الاقتصادي الذي يعاني اصلا ،وستتم عرقلة النمو وبالتالي زيادة الفقر والبطالة،وستترسخ المفاهيم السلبية من أنانية ومصلحة شخصية، وسوف تتحول الانتخابات الى وسيلة لوصول الفاسدين الى مراكز السلطة من اجل ضمان حماية اعمالهم الفاسدة وزيادة مدخولاتهم وثرواتهم غير المشروعة .

 باختصار اسرائيل غدت كما نطق رئيس الكنيست السابق “أبراهام بورغ”قائلا: “إن إسرائيل غدت دولة من المستوطنين تقودها زمرة من الفاسدين” انه وصف دقيق لحالة الفساد بل ان شئت قل حالة التفكك والانهيار الذي تعيشه اسرائيل العام 2015م ،انها الحالة التي عبر عنها القرأن الكريم قبل اكثر من 14 قرنا بقول الله تعالى:” وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا” وانها سنة الله في الدول والشعوب ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا تحويلا. فهل تعتبر اسرائيل ومن قبلها دول العرب والمسلمين!؟.

Exit mobile version