غدت حوادث الطرق في مجتمعنا العربي كارثة من اكبر الكوارث ونكبة من أفدح النكبات التي باتت تهدد مجتمعنا وبقاءه،فأكثر من ثلث القتلى في حوادث الطرق في الدولة هم من العرب(36%) بينما لا تزيد نسبتنا من سكان الدولة عن الخمس(20%) حسب الإحصائيات الرسمية لدائرة الإحصاء المركزية.
ففي العام المنصرم(2014 )على سبيل المثال لا الحصر وقع 229 حادث طرق قاتلًا (حوادث أسفرت عن مقتل شخص واحد، على الأقلّ)، بزيادة عشرة حوادث قاتلة، مقارنة بالفترة الموازية من العام الفائت – ارتفاع بنسبة 5%-،حيث بلغ عدد القتلى في هذا العام 107 شخصا من العرب حسب معطيات السلطة الوطنية للامان على الطرق.
وعند البحث عن اسباب حوادث الطرق عموما سنجد انها تعود الى مجموعة من العوامل والأسباب التي يمكن تصنيفها على النحو التالي:
ا –السيارة وصلاحيتها .
ب- السائق ودرجة يقظته وانتباهه أثناء القيادة,فالارهاق والنعاس والنوم واستخدام الهاتف المحمول،وشرب المسكرات، كلها عوامل قد تؤدي الى وقوع الحوادث.
ت-غياب الوعي المروري والسرعة المفرطة لدى السائقين او المشاة على حد سواء.
ث-الطرق وهندستها ودرجة صيانتها واضائتها.
ج- المناخ واحوال الطقس من أمطار وعواصف وما شابه.
ح- غياب المراقبة والشرطة والعقوبات غير الرادعة.
ولو أخذنا المأساة الأخيرة التي فجعت النقب واهله والمجتمع العربي برمته والتي راح ضحيتها 8 شهيدات اضافة الى عشرات الجرحى والمصابين وفتشنا عن سبب الحادث لوجدنا ان عدة عوامل من التي ذكرناها قد ساهمت في وقوعه.
اولا البنية التحتية الرديئة للشارع الذي وقع عليه الحادث (شارع 31 )– شارع حذّرت منه ونبّهت إليه جمعيّة “أور يروك” (ضوء أخضر) كثيرًا، في السنوات الأخيرة. كونه شارع أحمر، بمسلك واحد في كلّ اتجاه، بدون فاصل صُلب في وسطه. الشارع – في معظمه – مظلم في الليل، والمخارج والمداخل منه وإليه من البلدات المحاذية له غير منظّمة بصورة آمنة. وأنّه يُقتل فيه كلّ عام، ما معدّله نحو تسعة أشخاص، ويُصاب نحو 200 إنسان. ومع هذا التحذير فان وزارة المواصلات لم تقع بتحسين البنية التحتية للشارع مسترخصة دماء الابرياء .
ثانيا- الشرطة التي لم تقم بدورها بمرافقة الشاحنة الضخمة التي حملت التراكتورات التي قامت بحرث وابادة مزروعات اهلنا في النقب عقابا لهم على تشبثهم بارضهم واصرارهم على فلاحتها رغم التضييق عليهم لكي تتم مصادرتها،وبينما حمت الشرطة عملية الحصاد الاثم والغاشم لم تكلف نفسها حماية ارواح ركاب الباص والسيارات على الشارع المذكور فسمحت بذلك بحصد ارواح حرائر النقب وبوقوع المجزرة الرهيبة رغم كونها المسؤولة عن منع حوادث الطرق وتنظيم السير على الشوارع.
ثالثا- السائق الذي قاد الشاحنة وهي تحمل الحمل الزائد عن المسموح به والحمل البارز الخارج من الشاحنة،هذا السائق الذي ارتكب –حسب وسائل الاعلام- اكثر من 110 مخالفة ومع ذلك سمح له قيادة شاحنة بهذا الحجم وبتلك الخطورة ،وبصورة مخالفة ايضا لقوانين الشحن المعمول بها.
ومن هنا بات من الطبيعي جدا ان تتحمل الدولة بكل مؤسساتها المسؤولية الاولى عن هذه المجزرة البشعة وامثالها: وزارة المواصلات على تقصيرها في تحسين واصلاح البنى التحتية للشوارع الخطرة خصوصا في الوسط العربي فهناك –حسب جمعية الضوء الاخضر- 74 شارعا احمرا بطول 326كم في الدولة يمكن ان توفر العناية بها 55 انسانا سنويا.
الشرطة على تقصيرها في منع الحوادث وتطبيق قوانين السير بكل صرامة وحزم..والدولة عموما بعدم استثمارها الكافي في البنى التحتية في البلدات والقرى العربية، من أجل تقليل عدد القتلى في حوادث الطرق في إسرائيل.وفي اصرارها على تهميش العرب والتضييق عليهم مما يؤثر سلبا على حالتهم النفسية والصحية ومما يبعث على تحدى القوانين للتعبير عن الضيق والسخط . ومن هنا اعتقد ان على الدولة ان ارادت ان تكفر عن تقصيرها ودورها في هذه المجزرة ان تقوم باعتبار الضحايا ضحايا اعتداء- ولو لم يكن مباشرا- وان تقوم بتعويض ذويهم عن شيء من مصابهم الجلل كما تفعل مع ضحايا الحروب والاعتداءات. وللحديث عن مسؤؤليتنا نحن كمجتمع عربي عن حوادث الطرق مقام اخر..