ذكرى مذبحة الحرم الإبراهيمي (25 فبراير 1994-الجمعة الأخيرة في رمضان)
في مثل هذا اليوم، تجسدت صورة لواحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبت في تاريخ الإنسانية جمعاء، ف أثناء تأدية المصلين لصلاة الفجر في الحرم الإبراهيمي وعند السجود وقبل إستكمالهم لصلاة الفجر دخل على المصلين يهودي أمريكي يدعى باروخ غولدشتاين، وفتح النار بكثافة على المصلين، ما اسفر عن استشهاد 60 فلسطينيا.
بعد اتفاقات أوسلو أصبحت مدينة الخليل في الضفة الغربية موضع اهتمام خاص على ضوء أجواء التوتر التي أحاطت بالمستوطنين الإسرائيليين بعد طرح السؤال: هل يجري إخلاء المستوطنات وترحيل المستوطنين فيها في إطار مفاوضات الحل النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ وتكمن هذه الأهمية الخاصة في أن مدينة الخليل تُعَد مركزاً لبعض المتطرفين من المستوطنين نظراً لأهميتها الدينية. وإن جاز القول فالخليل ثاني مدينة مقدَّسة في أرض فلسطين بعد القدس الشريف.
وفجر يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الموافق 25 فبراير عام 1994 سمحت القوات الإسرائيلية التي تقوم على حراسة الحرم الإبراهيمي بدخول المستوطن اليهودي المعروف بتطرفه باروخ غولدشتاين إلى الحرم الشريف وهو يحمل بندقيته الآلية وعدداً من خزائن الذخيرة المجهزة. وعلى الفور شرع غولدشتاين في حصد المصلين داخل المسجد.
وأسفرت المذبحة عن استشهاد 60 فلسطينياً فضلاً عن إصابة عشرات آخرين بجراح، وذلك قبل أن يتمكن من تبقَّى على قيد الحياة من السيطرة عليه وقتله.
ولقد تردد أن أكثر من مسلح إسرائيلي شارك في المذبحة إلا أن الرواية التي سادت تذهب إلى انفراد غولدشتاين بإطلاق النار داخل الحرم الإبراهيمي.
ومع ذلك فإن تعامل الجنود الإسرائيليين والمستوطنين المسلحين مع ردود الفعل التلقائية الفورية إزاء المذبحة التي تمثلت في المظاهرات الفلسطينية اتسمت باستخدام الرصاص الحي بشكل مكثَّف، وفي غضون أقل من 24 ساعة على المذبحة سقط 53 شهيداً فلسطينياً أيضاً في مناطق متفرقة ومنها الخليل نفسها.
وسارعت الحكومة الإسرائيلية إلى إدانة المذبحة معلنةً تمسكها بعملية السلام مع الفلسطينيين. كما سعت إلى حصر مسؤوليتها في شخص واحد هو غولدشتاين واكتفت باعتقال عدد محدود من رموز جماعتي “كاخ” و”كاهانا” ممن أعلنوا استحسانهم جريمة غولدشتاين، وأصدرت قراراً بحظر نشاط المنظمتين الفج.
ولكن من الواضح أن كل هذه الإجراءات إجراءات شكلية ليس لها مضمون حقيقي. فالنخبة الإسرائيلية، وضمنها حكومة ائتلاف العمل، تجاهلت عن عمد المساس بأوضاع المستوطنين ومن ذلك نزع سلاحهم.