الإرهاب إسلامي أم مسيحي أم يهودي؟، بقلم: الشيخ رأفت عويضة

تُروِّج وسائل الإعلام أن المسلمين يقفون وراء الإرهاب في العالم، فلماذا لا نسمع شيئًا عن الإرهاب المسيحي واليهودي؟!

لماذا هذا التعمد الواضح من قبل بعض وسائل الإعلام الغربية لربط أيديولوجية تنظيم داعش بشكل صارخ بقيم الإسلام وشريعته، حيث يجرى بشكل عام توظيف سلسلة الممارسات العنيفة التى قام ويقوم بها تنظيم داعش بحق مدنيين على نحو تعسفى لتشويه سمعة الإسلام والمسلمين، ويتم تداول عدة مقولات من قبيل “تنظيم داعش يبرز الوجه الحقيقي للإسلام”، و”الإسلام لا مكان له فى المجتمعات المتحضرة”، وغيرها.ورغم إدانة ورفض المسلمين قادة وشعوبا لمثل هذه الممارسات والفظائع الصادرة عن داعش او غيرها من التنظيمات المنسوبة للإسلام او الأفراد. ورغم تأكيدهم على براءة الإسلام منها وكونها لا تمثل الإسلام بأي شكل من الأشكال ولا  تمت الى الإسلام العظيم -دين الرحمة والإنسانية والتسامح والعزة- بصلة،الا ان الحملة التشويهية والتحريضية مازالت متواصلة،على المستويين السياسي كما الإعلامي، حتى غدا “الإرهاب المؤسلم” الخطر الأكبر الذي يهدد العالم وعلى دول العالم الغربي -بل حتى الشرقي- ان تواجهه موحده، وصارت الاسلاموفوبيا هي البضاعة الرائجة في الأوساط الغربية واليهودية.

  مع ان الحقيقة تقول بأن الغالبية العظمى من الهجمات التي تقع في الغرب 98% منها يقوم بها غير المسلمين،وانه خلال الخمسة أعوام الماضية أقل من 2% فقط من الهجمات ارتكبها مسلمون، كما تبيَّن من تقارير مكتب التحقيق الفيدرال “إف بي آي”، ومؤسسة “أوروبول”،علما ان “أوروبول” تعتمد على الأرقام الصادرة عن 28 دولة هي دول الاتحاد الأوروبي.فالأرقام الصادرة عام 2013 عن “أوروبول”، تظهرأن 152 هجمة إرهابية وقعت في أوروبا فقط 2 منها ارتكبها مسلمون، و84 من هذه الهجمات ارتكبها أوروبيون من قِبَل مجموعات انفصالية، ومجموعات عِرقية قومية، ولكننا بالكاد نعرف هذه الإحصاءات.

فحركة FLNC مثلا تُناضل من أجل استقلال “كورسيكا”، وفي “اليونان” مجموعة MPRF، وفي “إيطاليا” مجموعة FAI التي قامت بهجوم على صحفي.

وفيما يخص الإرهاب المسيحي، ففي “الولايات المتحدة الأمريكية” يقوم المسيحيون بشكل خاص بالغالبية العظمى من الأعمال الإرهابية، وعلى سبيل المثال يقومون بتفجير عيادات الإجهاض بانتظام.

وفيما يخص النرويجي “أندرس بريفيك” الذي قتَل 77 شخصًا في “النرويج”، لم يتم وصفه في مكان ما بأنه إرهابي مسيحي، على الرغم من أن دوافعه كانت العودة إلى أوروبا المسيحية ذات الثقافة الواحدة.فأين “الإرهاب الإسلامي” يا ترى مقارنة مع “الإرهاب الغربي”؟الا يبدو كنقطة في بحر لجي؟ولماذا يا ترى يتم تضخيم الممارسات العنيفة المحسوبة على الإسلام وتجاهل الفظائع والبشائع التي يقوم بها غير المسلمين المحسوبين على المسيحية واليهودية والبوذية ؟ام ان المسلمين لا بواكي لهم!ويكفي للمقارنة ان نعرض للتقرير الصادر عن منظمة المؤتمر الإسلامي وعن اللجنة لمناهضة الاسلاموفوبيا في فرنسا، حول الاسلاموفوبيا والاعتداءات على المسلمين في عام 2013.لنجد الحقيقة  المؤلمة التالية:

انه تم تسجيل 691 عملا من الأعمال المعادية للمسلمين، من بينها 640 عملا استهدف الأفراد. منها 158 عملا هي اعتداءات جسدية او اعتداءات لفظية، و482 عملا من أعمال التمييز العنصري.

بل ان التقرير الذي رصد ظاهرة الإسلاموفوبيا في الفترة الممتدة بين 10/2013 -4/2014، ذكر حقيقة مثيرة هي أن “الإسلاموفوبيا” باتت تتخذ طابعا مؤسسيا ودستوريا، وأصبحت تستخدم كأداة انتخابية سواء في أوروبا أو أمريكا، ولم يعد العداء للإسلام يقتصر فقط علي الأفراد والجماعات، وإنما امتد ليشمل أجندات الأحزاب السياسية ضد ما تسميه “أسلمة أوروبا”. لذا تبدو “الإسلاموفوبيا” في نظر كثير من المحللين أنها ” إيديولوجية” متأصلة في وعي الرجل الغربي وأن مشاعر الكراهية يتم تغذيتها بشكل منظم ومخطط له.

واذا انتقلنا الى إسرائيل و”الإرهاب اليهودي” سنجد الوضع اكثر خطورة فقد قال موقع “ديلي بيست” الأمريكي في تقرير له في 15/2: “إن الإرهابيين اليهود أشد خطورة من المتطرفين الإسلاميين”، مشيرًا إلى تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب في عام 2013، والذي أفاد بأن “الهجمات الإرهابية التي ارتكبها اليهود المتطرفون بحق الفلسطينيين بلغت 399 عملية إرهابية, أسفرت عن 93 إصابة جسدية، وكذلك التخريب الذي طال عشرات المساجد والكنائس المسيحية”.

 ولذلك فان محاولة “أسلمه الإرهاب” هي سياسة ظالمة وغاشمة وهي ابعد ما تكون عن الحقيقة ،هدفها الرئيس تشويه صورة الإسلام وجعله عدوا جديدا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وبعد ان بات الإسلام يغزو قلب أمريكا وأوروبا بانتشاره وسرعة الإقبال عليه .

  والخلاصة ان الإرهاب ليس له دين ولا وطن ولا جنسية فهو يصدر من العرب ومن العجم ومن المسلمين ومن غيرهم،مع ان نسبته عند المسلمين لا تقارن مع غيرهم، ولذلك ينبغي على الإعلام الغربي واليهودي وعلى الساسة الغربيين واليهود  التوقف عن خلط الأوراق  المتعمد بجعل الإسلام والمسلمين شيئا واحدا ،لأننا لو طبَّقنا هذا الخلطَ المتعمَّد بين الدِّين وسلوكيات مُعتنِقيه لكانت النتيجة مُفزعة بالنسبة للمسيحية كدِينٍ؛ فالشعوب المسيحية في أوروبا والأمريكتين عاشت حياتَها كلَّها في حروب وعُدوان وسَفْك دماء، فهل يعني ذلك أن المسيحية والشعوب التي تَدين بها شيء واحد، كما يفعل الغربُ في رؤيته للإسلام وحديثه عنه من خلال رؤيته لقِلَّة قليلة من مُعتنِقيه هم في حقيقة الأمر جاهلون به، خارجون عن تعاليمه، خطرهم عليه أشدُّ من خطر أعدائه.وكذلك الحال بالنسبة لليهود واليهودية.وصدق من قال:”الي دارهم من زجاج لا يرم الحجارة على دار الجيران”.

Exit mobile version