قليلةٌ هي .. وباردةٌ ! تلكَ الدموع التي تُحدث فينا عكسَ ما يجبُ أن تفعلهُ الدموع .. ونادرٌ جداً أن يكون لها وقعٌ عكسيٌ على النفس! إنكِ لا تحزنُ لأجلها وإنما ترتسمُ على وجهكِ إبتسامةٌ وتحمد الله الذي عافانا مما إبتلى فيهِ غيرنا ..
وكم أردتُ وتمنيتُ لو أن الجميعَ من عرب الداخل قد شاهدوا الإعلامية لوسي هريش غارقةً في دموعها مخاطبةً ومعاتبةً رئيس الحكومة على ما قال ! وقد نسيت في السابق ان تبكي وتعاتبه على ما قد فعل…
تمنيتُ لو شاهد كل أبناء شعبي وشعبها خطابها الذي كان أشبه بإعترافٍ بين يدي الراهب في الكنيسة على خطيئةٍ ما ..
تمنيتُ لو شاهدوكِ ليعلموا إلى أي مدىً وصلنا في ضياع الهُوية!
وقد حاولتُ وبكل ما اؤتيتُ من مشاعر وبكل ما ألهمني الله من أحاسيس أن أصدق تلك الدموع وذلك الوجعَ الذي وجهته الإعلامية المتفاجئة بشكل قد يكون مبالغاً فيه ، مشهدٌ كان ليكون قد إكتمل لو أنهُ بُثَ مساءَ يومِ الجمعة على القناة الإسرائيلية الأولى باللونين الأبيضِ والأسود.. ربما عندها كنت سأعرفُ طريقي إلى التصديق ، مع أن دموعَ فاتن حمامة في دعاء الكروان كانت اقل مبالغة واقل حدة !
عزيزتي لوسي..
انا لم أصوت في الإنتخابات التي جرت ولم أمارس حقي في التصويت منذ أن أُعطي لي هذا الحق ، وانا أيضاً على حافةِ الإيمان بأنه لا يجبُ أن يكون لنا تمثيلٌ في الكنيست الإسرائيلي .. لا لشخص حنين زعبي ولا غيرها ..
لكنني أيضاً وإن كنتُ أُريدُ لأبنائي المستقبليين بأن يتعلموا اللغة العبرية وأن يتقنوها مثلكِ لكنت قد علمتهم مسبقاً قراءة الظروف وقراءة الواقع وأن لايصدقوا كذبةً قد إختلقوها في أفكارهم .
إن أهمَ الأسباب التي تمنعني من التصويت في الانتخابات وأن أمارس الحق الذي بكيتي من أجله هو عدم إيماني بأننا أقليةٌ على هذهِ الأرض .. ما دمنا ننطِقُ باللغةِ العربية! نحنُ هنا أصحاب حق نحنُ هنا أكثريةَ .. بزعترنا وزيتوننا وصخرنا ، وهذا الهواءُ الذي من حولنا وإن كنتِ لا تسمعيه ناطقٌ بلغةِ الأرض ..
لا نرجو المحبةَ من أحد .. ولا العطفَ من أحد .. لا أحد !
وإن كان لا بُدَ أن أُشعلَ الشمعَ فليكن شمعاً على أرواح الشهداء لا شمعاً في ذكرى موت الهُوية !
دموعكِ لوسي سوف تجف وسيبقى الواقعُ الذي تنكرين ..
وأنا وإن كنت أعيشُ في وهمٍ أسمهُ “الحكم الذاتي” فإني أعيشُ على أمل .. يومها لن يكونَ لدموعكِ مكان ..