يتناول المؤرخ صدقي ادريس في هذه الحلقة معارك الطيرة وفزعة اهالي الطيبة لها عام 1948، الطيرة التي صمدت في وجه الاحتلال والتي لولا فزعة اهالي الطيبة في هذه المعارك لسقطت الطيرة وكان مصيرها كمصير قريتي مسكة وقاقون.
تقسم القرى العربية الفلسطينية عام 1948 الى قسمين، القرى التي احتلت عنوة ورحل اهلها ومسحت عن بكرة ابيها مثل قرية قاقون وقرية مسكة، اما القرى الاخرى سلمت بموجب اتفاقية “رودوس” مثل الطيبة وقلنسوة اما الطيرة، فقد صمدت الطيرة وكان فضل صمودها فزعة اهالي الطيبة لها.
قبل توقيع اتفاقية رودوس دارت على ارض الطيرة اربع معارك طاحنة، فقد كانت الطيرة في عام 1948 محاطة بعدد من المستوطنات اليهودية، فمن الجنوب تقع مستوطنة رمات هكوفيش ومن الغرب مستوطنة حيروت ومن الشمال الغربي تقع كفار هيس وتلموند، لذا راى الجانب اليهودي ان الطيرة موقع متقدم ومقلق بالنسبة لهذة المستوطنات وانها تشكل خطرا عليها وتهدد امنها. لذا تعرضت الطيرة لمناوشات واعتدائات وهوجمت عدة مرات من قبل التنظيمات اليهودية.
وقعت المعركة الأولى يوم الخميس 13 ايار 1948 عندما هاجممت “الهجانا” الطيرة من الجهة الشمالية الغربية من مستوطنة “كفار هيس” فدخلوا كروم الطيرة المحاطة بسياج من الصبر وقد قصدوا الفاجئة ومباغتة الطيرة وحاميتها لذا كانت الاوامر عدم إطلاق النار على اصحاب الكروم والمزارعين لكسب عنصر المباغتة.
شاهدت عدد من نساء المزارعين الجنود اليهود الزاحفين تجاة الطيرة فهرعت نحو الحامية في الاستحكامات الغربية من البلدة وقد حفرت بمحاذاة البيوت في الجهة الغربية واعلموهم بذالك ودخلن البلدة ناشرات خبر الهجوم فهب المقاتلون وكل من معة قطعة سلاح نحو المنطقة المهددة.
وكان أيضا في الطيرة حامية من المتطوعين السوريين من “حماة” من جيش الانقاذ. وفي فترة وجيزة اخذ المسلحون مواقعهم في الاستحكامات ولما كشف امر الهجوم وقعت المعركة وارتفع صوت الرشاشات والبنادق في ارض المعركة.
وقد سقط اربعة شهداء في هذة المعركة ثلاثة من اهل الطيرة وهم: محمد طة، عبد الحفيظ اسعد وابو عثمان من مسكة واما الشهيد الرابع فكان مقاتلا سوريا. وفي اليوم التالي (الجمعة) 14 ايار 1948 قامت “الهجانا” المعركة الثانية والهجوم على الطيرة التي كسبت المعركة الأولى ورفعت من معنويات اهلها الا انهم من باب الحيطة والحذر رحلوا قسما من النساء والأولاد بعيدا عن ارض المعركة.
فقد بدات القذائف والقنابل تقع على الطيرة وعلى استحكاماتها ثم تبع ذالك هجوم من الجهة الجنوبية من رمات هكوفيش وتقدم حتى وصلوا مشارف بيوت الطيرة وبفضل النجدات التي وصلت إلى الطيرة من الطيبة قام قسم منها بحركة التفاف من الجهة الجنوبية الشرقية على المعتدين وقلبوا موازين المعركة لصالح المجاهدين، فتراجع المهاجمون فارين إلى رمات هكوفيش واحتل المدافعون عن الطيرة بعض المواقع وأهمها الحاووز واوقعوا عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوفهم وبذالك انتهت المعركة الثانية بالنصر رغم وقوع ستة شهداء.
ووقعت المعركة الثالثة التي تعرف لدى اهالي الطيرة والطيبة بمعركة “المدافع” وكان ذالك يوم الاحد 27/5/1948 اذ قصف المهاجمون اليهود الطيرة من عدة جهات بمدافع قصفا شديدا، مما حدا بالسكان للخروج من القرية فارين من خطر القذائف ولم يبق الا المقاتلون.
وقد جاء المهاجمون من جهة الشمال حتى وصلوا المدرسة “العمرية اليوم” فاشتبكوا مع الحامية المحلية التي نفذت ذخيرتها وأصبح الخطر يهدد الطيرة بالسقوط بايدي المهاجمين لولا وصول النجدة من الطيبة والتي ضربت طوقا على القوات المهاجمة دون تخطيط مما اربك المهاجمين واعتقدوا انهم وقعوا في مصيدة ففروا هاربين تاركين اسلحتهم وعتادهم في ارض المعركة مما رفع من معنويات اهالي الطيرة وطاردوا فلول المهاجمين في كروم القرية الشمالية موقعين فيهم خسائر فادحة.
ومن الشباب الطيباويين الذين اشتركوا في هذة المعركة:
المرحوم عفيف مصاروة
عبد الرحيم الحاج يحيى
وعبد الفتاح الدسوقي
واحمد رمضان اجميل
وعبد الحميد نصر هدهد حاج يحيى.
هذا وقد قام المجاهدون بسحب وسحل راس أحد المهاجمين وراء سيارة نقلتة حتى قرية الطيبة بعد هذة المعركة دخل الجيش العراقي الطيرة وجعل لة مقرا واحدا واحدث نظاما جديدا من (الطابات) ونقاط الدفاع كما جند عدد من الشباب ودفع لهم الرواتب. في هذة هذة الفترة وقعت مناوشات كثيرة مع رمات هكوفيش.
وفي اعقاب هذة وقعت معركة “كينات أبو علبة” في الجهة الجنوبية بعد أن احتلها اليهود فقام الجيش العراقي بقصف الموقع ثم تلاة هجوم بمشاركة المقاتلين من أبناء الطيبة والطيرة وتم استعادة الموقع وتحريرة. وممن اشترك في هذة المعركة من أبناء الطيبة:
عبد الرحمن الهدهد (أبو خالد)
أبو سليم مصاروة (مصري)
عبد الرحمن الشيخ يوسف
وحسن التلي واخرين من عائلة بلعوم وعائلة جبارة