“ما الذي أفعله في هذه الدنيا؟” ..بالتأكيد مر هذا السؤال على ذهنك – على الأقل مرة واحدة في حياتك – على الرغم من أنه أول سؤال يوجهه لك المحيطون بك في المناسبات الاجتماعية المختلفة، غير أنهم يتساءلون عن وظيفتك أو اتجاهك المهني، ولكن السؤال يتغير معناه تماما عندما تسأله لنفسك..
فأنت لا تريد الإجابة عن مهنتك، بل تريد أن تتوصل إلى ماهيتك الحقيقية.. أنت تبحث عن إجابة تعريفية تعبر عن ذاتك وروحك ووجدانك.. ما سبب وجودك في الدنيا؟ ما الهدف الأسمى الذي تريد تحقيقه؟
وهنا لن تكون الإجابة تقليدية: أنا طبيب.. أنا مدرس.. أنا محاسب، بل ستكون أكثر عمقا، فهل أنت مستعد لمصارحة نفسك والإجابة عن هذا السؤال؟
لا تنزعج اذا لم تجد اجابة واضحة لهذا السؤال الوجودي المهم، فالكثيرون لا يزالون يبحثون عن هويتهم الحقيقية وعن البصمة التي يريدون تركها في هذا العالم.
ولكي تستطيع تحديد هدفك الأسمى.. عليك أن تحدد أولا ماهية هذا الأمر، فالهدف الأسمى ليس قمة النجاح الذي يصل إليه الشخص ليتوقف عنده، فهو ليس غاية تصل إليها ليتوقف كل شيء وتحقق الرضا الذاتي والسلام الداخلي، بل هو رحلة طويلة متعددة المراحل تقوم من خلالها باستكشاف نفسك وقدراتك، هو ما ستكونه بعد أن تمر من هذه الرحلة بخبراتها وانكساراتها وانتصاراتها، وليس ما أنت عليه حاليا. وهو يختلف من شخص لآخر، لأن كل انسان هو مخلوق فريد يتسم بصفات ومميزات ويمر بخبرات وظروف مختلفة عن غيره، فعليك أن تحاول النظر في ماضيك وتاريخك أولا حتى تحدد هدفك الأسمى في الحياة. ابحث في تلك المناطق القاتمة في حياتك عن الألم والشعور بالذنب أو التعرض للخسارة أو الهزيمة، فكل هذه الأمور تشكل الشخصية والنظرة للمستقبل، ووقتها ستعرف أن هدفك الحقيقي في هذه الحياة هو معالجة آلامك، لكي تستمتع بحياتك وتكون للآخرين خير سند ورفيق.
وبعد أن تتصالح مع ذاتك، سيكون عليك العمل على وضع بعض الأهداف المستقبلية التي تعكس الأمل وحب الحياة، وأن تبدأ في تحقيقها من خلال استراتيجيات معينة.
كيف أحقق أهدافي؟
لا تسخر من أي هدف مهما كان يبدو بسيطا، فهو جزء من شخصيتك وتحقيقه سيجعلك تشعر بالسعادة والرضا الذاتي، حتى إن كان هذا الهدف هو تنظيم مباراة كرة قدم ودية بينك وبين أصدقائك في إجازتك الأسبوعية المقبلة.
ولكن، هذا لا يعني أن تجعل أهدافك غامضة أو مستحيلة التحقيق، عليك أن تقوم بقياس قدراتك والصعوبات التي ستواجهها والهدف الذي تسعى لتحقيقه، وهل سيمكنك تحقيقه في النهاية وفق هذه المعطيات؟
لا تحاول أن تسعى وراء هدف دون خطة واضحة، ودون بدائل متعددة تعينك على التحرك بحرية نحو تحقيق هدفك، وكذلك ابتعد عن الأهداف التي لا يكون هناك جدول زمني محدد لتحقيقها، فالأهداف التي لا يكون لها خط زمني واضح لا تتحقق في النهاية رغم المجهود المبذول فيها على مدى سنوات.
وعليك أيضا أن تحاول تقسيم الهدف الأسمى إلى مجموعة من الأهداف المرحلية الصغيرة التي تقوم بالتحرك لتحقيقها واحدا تلو الآخر لتصل في النهاية لهدفك المرجو، فمثلا إذا كنت تريد إنقاص وزنك، فعليك أن تقسم الوزن المراد إنقاصه إلى عدة مراحل، مثلا أن تنقص 5 كيلوجرامات من وزنك كل شهر، وهكذا بتحقيقك للأهداف المرحلية سيزداد تفاؤلك وسعيك للوصول للهدف النهائي.
عليك أيضا أن تكافئ نفسك كلما حققت هدفا من تلك الأهداف المرحلية، وألا تيأس اذا فشلت في مرحلة ما، بل قم بتقييم المرحلة، وابحث عن وسائل وأساليب جديدة تحاول من خلالها تخطي تلك المرحلة والوصول للهدف النهائي.
وهكذا، كلما انتهيت من تحقيق أحد أهدافك، ابحث عن هدف جديد يعزز تحديك لنفسك ورغبتك في النجاح.