ما من جهة أعلنت لغاية الآن مسؤوليتها عن اختطاف الفلسطينيين الأربعة مساء الأربعاء من الأسبوع المنصرم، فيما يبقى ذوو المختطفين في حيرة من امرهم يتقصون كل معلومة قد تقودهم لمعرفة مصير أبنائهم.
اثنان من المختطفين مصابان بجروح منذ الحملة العسكرية الإسرائيلية “الجرف الصامد” على قطاع غزة وكانا متوجهين الى تركيا لمواصلة العلاج وهما ياسر زنون (28 عاما) وحسين الزبدة (28 عاما) بينما الاثنان الاخران طالبان كانا قد حصلا على منح دراسية في تركيا لاستكمال الدراسة الجامعية وهما عبد الدايم أبو لبدة (24 عاما) وعبد الله أبو الجبين (22 عاما).
تفاصيل الواقعة معروفة لدى الجميع، ولكن السؤال الأهم وهو من قام بهذه العملية يبقى مفتوحا في انتظار الإجابة عنه رغم ان حركة حماس سارعت الى القاء المسؤولية على عاتق السلطات المصرية بنبرة لم تكن مريحة للمصريين حملت في مفرداتها شيئا من الوعيد الموجه للسلطات المصرية في حال تعرض الأربعة لأي اذى.
من ناحية أخرى، تشير التفاصيل التي ادلى بها شهود عيان كانوا في الحافلة وعددهم بالعشرات وافاداتهم متطابقة مما يدل على حقيقة ما حدث، الى ان الحافلة تعرضت لإطلاق النار حتى توقفت ثم صعدها ملثمون وقرأوا أسماء الشباب الأربعة وطلبوا منهم الترجل ثم اقتادوهم الى جهة مجهولة.
هذه العملية على هذا النحو لا يمكن ان تكون من تنفيذ قوات حكومية مصرية، لأن السلطات الرسمية في مصر كانت ستتصرف بطريقة مختلفة لاعتقال الشبان الأربعة لو كانوا مطلوبين لديها. فعلى الأرجح كانت ستعتقلهم في مطار القاهرة بكل هدوء او كانت اعتقلتهم عند الجانب المصري من معبر رفح بطريقة تظهر فيها السيادة والقانون وليس بواسطة ترهيب حافلة الركاب ومن فيها وملثمين كقطاع الطرق في ظلمة الليل في طريق صحراوي.
يرجح معظم المراقبين ان من يقف وراء هذه العملية هم عناصر من الجماعات المسلحة في شمالي سيناء وهي على الاغلب تنتمي الى تنظيم “أنصار بيت المقدس”، الذي اصبح اسمه بعد مبايعة البغدادي “ولاية سيناء”، وهو تنظيم لديه أسباب القيام باختطاف الشباب الأربعة.
من المعروف ان نواة لتنظيم “داعش” بزغت في قطاع غزة منذ أكثر من عام، وسارع هذا التنظيم الفتي الى مبايعة أبو بكر البغدادي العام الماضي وأخذ ينشط بكثافة في قطاع غزة مما ازعج سلطة حماس التي حاولت التصدي له من خلال هدم مسجد في دير البلح كان يأوي نشطاء “داعش” غزة ويأوي حلقاتهم واجتماعاتهم.
هذا التصعيد استدعى رد تنظيم “داعش” فكان من خلال إطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية بغية احراج حركة حماس ودفع إسرائيل الى الرد بعنف على الصواريخ وبالتالي الى انهيار الهدنة الهشة القائمة بين إسرائيل من جهة وبين حماس وبقية الفصائل الفلسطينية في القطاع من جهة اخرى، وكان هدف “داعش” غزة هو ان تنصرف حماس عن مضايقة عناصره في القطاع وفتح المجال امامه لترتيب صفوفه وتعزيزها في ظروف الفوضى التي قد تنجم عن مواجهة جديدة تنشب بين حماس وإسرائيل.
ولكن الأمور لم تتطور حسب هذا السيناريو، بل باشرت حماس باعتقال عدد من نشطاء تنظيم “داعش” في غزة كي تضمن الهدوء وعدم خرق الهدنة التي توصلت اليها حماس في مفاوضات القاهرة مع إسرائيل ولحقت بها حركة الجهاد ايضاً.
ويقول المتابعون ان اختطاف الشباب الأربعة هو الرد الجديد الذي لجأت اليه “داعش” غزة بالتعاون والتنسيق مع “داعش” سيناء (ولاية سيناء) من اجل احتجاز هؤلاء الشباب وهم من نشطاء حركة حماس، من اجل مبادلتهم مع المعتقلين لدى حماس من نشطاء لفرع “داعش” في القطاع. ويعتقد ان من ابلغ عناصر “داعش” بأسماء الشباب الاربعة بأنهم على متن الحافلة في طريقهم الى القاهرة، هم المسؤولون من “داعش” غزة من اجل اختطافهم واحتجازهم وبالتالي مقايضتهم بسجناء “داعش” في سجون حماس.
الأيام القادم ستشهد على صحة هذا من عدمه، وإذا كان تنظيم “ولاية سيناء” (داعش) هو من يقف وراء عملية الاختطاف فلا بد ان يعلن مطالبه بالإفراج عن عناصر التنظيم المعتقلين لدى حماس، وفي حال كانت السلطات المصرية هي من اختطفت الشباب الأربعة، وهو امر مستبعد، فهي ليست جهة تخشى الإعلان عما فعلت لا سيما وانها تمثل دولة ذات سيادة وليست مجموعة قراصنة تعمل في جنح الظلام.