تعد الاسرة نواة المجتمع والخلية الاولى التي تتكون منها المجتمعات، وإذا أردنا ان نحظى بمجتمع نرتقي به ويرتقي بنا، مجتمع يتمتع بالامن والامان، وتبعده آفات العنف والجريمة بجميع اشكالها وصورها، علينا ان نعمل على بناء الاسر على اسس متينة بالوعي التربوي، الثقافي والاجتماعي.
تسارع الدول والحكومات في الدول المتقدمة وبعض الدول غير المتقدمة الى اجراء امتحانات ودورات تأهيل للافراد، بعد الشهادات التي يحصل عليها الفرد من الجامعات او المعاهد العليا، ذلك لضمان العمل بشكل مهني، على سبيل المثال امتحان الطب، او المحاماة، او امتحانات القبول الى وظائف معينة، كامتحان “البسخوتخني” وغيرها.
وتشدد المؤسسات على هذه الامتحانات، التي تكبد الفرد الكثير من التعلم والدراسة والدورات لتخطيها.
بينما يقدم الشباب على الزواج، لمجرد توفر الامكانيات وحتى ان لم تتوفر يسعى الشاب الى بناء اسرة لاسباب تتعدد منها الحب ومنها الجيل، ومنها لان نظام المجتمع ينص على المرور بهذه المرحلة، ولا احد يسال هل انا جاهز لبناء اسرة؟، او هل انا مؤهل لانجاب طفل؟، او هل انا قادر على تربية طفل واخراجه صالحا للمجتمع…
غالبا ما نربي ابناءنا على ان ينجحوا في حياتهم وان يتعلموا او يمتهنوا مهنة معينة تمكنهم من العيش براحة او رخاء مادي، ولا نعلمهم بان يكون انسان، انسان يسهم في نماء ورقي مجتمعه، انسان ينبذ العنف…
ورغم ان هنالك مؤسسات رسمية ومؤسسات خاصة تسعى الى مكافحة العنف في المجتمع، الا ان هذه المبادرات لم تسهم الكثير، لانها تدخل على الافراد لتزاحم قيم سلبية، يمكن ان تترك حيزا فيهم ويمكن ان لا تترك أي حيز، خاصة في الذين نمو ونما معهم اناهم الاعلى…
لذا ارى بانه علينا بناء خطة عمل طويلة الامد الى جانب خطط العمل الحالية لمكافة العنف، خطة تستغرق عشرات السنين لكننا سنتحظى بمجتمع افراده ينبذون السلبيات من داخلهم لانهم كبروا مع القيم.
تأهيل الشباب المقبلين على الزواج
وبتدأ هذه الخطة من بداية تكوين الاسرة، ذلك بتأهيل الشباب المقبلين على الزواج.
الشباب والشابات المقبلون على الزواج تبقى لديهم مخاوف من المجهول المقبل عليهم، مخاوف من فشل هذا المشروع، الانسجام او عدمه، والمخاوف الاقتصادية وغيرها.
لذلك يجب اعدادهم لبداية هذه المرحلة، فان اتمامها بشكل صحيح، يسهم في بناء مجتمع امن واكثر من هذا بل مجتمع ديناميكي، ذلك بتبني مشاريع وبرامج ودورات تأهيل للمخطوبين المقبلين على الزواج، ترافقها الاستشارة والارشاد، كالاستشارة الاجتماعة، الاقتصادية، التربوية والنفسية، والتدبير المنزلي وغيرها، كذلك حلقات نقاش وتبادل خبرات، ذلك لبناء اسرة متينة قادرة على تقديم ابناء اصحاء نفسيا وتربويا وثقافيا للمجتمع.
تنمية القيم الانسانية منذ نعومة اظفاره
اما الخطوة الثانية لانجاح سبل مكافحة العنف وبتره، في المجتمع يتوجب بناء الطفل على اساس انساني، تنمية القيم الانسانية منذ نعومة اظفاره، على الاهل اكساب معايير وقيم ومبادئ وتغذية ضميره كما يغذون جسده لينمو اخلاقيا وجسديا.
على الوالدين كما يرضعان الطفل الحليب، ان يرضعاه المبادئ والقيم الانسانية والاخلاقية، ويعززان شخصيته بالطموح والارادة لتحقيق حلمه، كذلك تنمية مشاعره كالاحساس بالغير والتسامح والعطاء.
تبدأ هذه المرحلة منذ الطفولة، كي تنغرس فيه وتصبح منه، ولا تكون مكتسبة عندما يكبر ويتعلم القيم من خلال التربية البيتية او المدرسية او الدين، ما هو مكتسب يكون ضعيفا بينما الغرس يكون منه.
مشاريع مختلفة ترافق الطفل
لذا يجب اتخاذ خطوات اثناء مراحل التربية، وتبني السلطة والحكومة، برامج ومشاريع مختلفة ترافق الطفل منذ الشهور الاولى وحتى انهاء دراسته الثانوية، تبدأ من رعاية الطفل وحتى المدرسة والاطر المختلفة، كحصص تربية من قبل مختصين وليس معلمين، وعلم الثقافة الجنسية، اذ ان الكبت الجنسي ضغط يولد عنفا، كذلك تعليم علم “الاتيكيت”، عندما يتعلم الطفل لباقة التعامل، يتعمل التصرف بلباقة والتحدث بصوت منخفض والتحكم بمشاعر الغضب، ما يعلم الزوج مستقبلا كيفية التحدث مع زوجته دون عنف صوتي ولفظي ويدوي، كذلك الطلاب فيما بينهم يتعلمون التصرف باحترام، ما يكشف عن رجل المستقبل، بالاضافة الى حصص حب، الحب باشكاله، حب الوالدين والاصدقاء، الوطن، والحب العاطفي، وهنا يفتح مجال النقاش والتعبير عن الراي، ودروس مطالعة ، تتناول قصص وروايات عربية وعالمية، تتضمن بطولات لاشخاص يحتذى بهم، وايضا دروس مهنة المستقبل ، هذه في المرحلة الاعدادية، لتخلق لدى الطالب طموحا في الوصول الى غايته. وغيرها من خطوات قد لا تحصى، ذلك لتأهيل الابناء لكي لا يكونوا مجرد عدد في المجتمع، او مصدر ضرر على المجتمع، وان يكونوا قادرين على منح مجتمعهم.