يتضح أن نظرية التطور ليست مثبتة وتنقصها براهين ومشاهدات ،اذ لم يشاهد أحد قط عملية التطور لا في الماضي ولا نعاينها في الحاضر. هذه النظرية ليست بعلم وإنما هي إعتقاد وإيمان ، يبذل التطوريون جهودهم في محاولة إثبات صحتها خشيةً منهم من الاعتراف بوجود خالق للكون تتجلى قدرته وحكمته في المخلوقات.
تعتبر نظرية التطور احد ركائز العلم الحديث في علوم الأحياء والوراثة، كذلك يعتمد عليها قسم كبير من علماء النفس والتاريخ في الغرب ، من جهة ثانيه لا تزال هذه النظريه تشكل محور صدام وخلاف بين مناصريها “التطوريين” وبين المعتقدين بوجود خالق للكون .
ما هي نظرية التطور؟
في 1859 نشر داروين كتابه ” أصل الانواع” طرح فيه فكرة أن أصل الأنواع الحيوانية واحد فقد لاحظ داروين أن هناك تشابه كبير في المبنى الأساسي بين الحيوانات، فمثلا تتشابه بنية الأطراف بين الطيور، الحيتان، الحيوانات ذات القوائم الأربع والإنسان.
(انظر رسم ١)
استنتج داروين أن كل فصيلة حيوانات تفرعت من اب مشترك وهو حيوان بدائي منقرض، ومن ثم كل واحد من تلك الآباء المشتركه تفرع بدوره من اب مشترك أكثر بدائيةً وهكذابعوده الى الوراء نصل إلى كائن حي أولي ذو خلية واحدة عاش في الماء. تفترض النظريه ان مع مرور الزمن تطورت أنواع متطورة من الكائنات الحية ومن بينها الإنسان. تفسر نظرية التطور الاختلافات والتنوع بين الكائنات الحية بأن الطبيعة طورت نسل كل من الكائنات الحية البدائية بشكل يلائم البيئة الموجودة فيها مثل نمو مناقير للطيور أو نمو زعانف للأسماك، تسمى عملية تحسين النسل على مدار ملايين السنين ب ” الانتقاء الطبيعي”. تتم هذه العملية عن طريق تغيير بالمادة الوراثية(طفرة) لإنتاج نسل أكثر ملائمةً لبيئته. تدعي نظرية التطور أن التشابه البنيوي (المورفولوجي) بين القردة والبشر يعود إلى أن الإنسان والقرد انحدرا من أب مشترك واحد وهو نوع قرود بدائي منقرض. تفترض هذه النظرية حدوث ذلك التطور قبل 85 مليون سنة حيث بدأت تتطور من تلك القرود البدائية أنسال ذات صفات جديده ، تستمر عملية التطور والإنتقاء الطبيعي وصولاً إلى ما قبل 8 ملايين سنه أدت عملية الانتقاء الطبيعي إلى ظهور قرود علوية( متطوره) ذات أدمغة أكبر حجماً، إستمرت عملية التطور والإنتقاء حتى تحولت القرود العلوية إلى أشباه البشر قبل 7 ملايين سنة مضت عندهابرزت للوجود نماذج بشرية تمشي على قدمين أنظر (
رسم ٢).
لا يخفى على القارئ أن نظرية التطور تنفي بالضروره وجود قوه خالقه ومدبره ولا تعتقد بوجود حكمه أو هدف لوجود المخلوقات بل تعزو نشؤ الحياه الى محض صدفه لتفاعلات كيمائيه أنتجت أشكال حياه بدائيه تطورت الى عالم غزير التنوع والتباين في الحيوان والنبات .
على الرغم من تغلغل نظرية التطور في العلم الحديث فانها تبقى تعاني من الكثير من القصور والخلل فيما يلي أستعرض قسم منها:
1. بحسب نظرية التطور يجب أن تكون الكائنات الحية وبضمنها البشر في عملية تغيير مستمرة منذ الماضي في الحاضر وفي المستقبل لذلك من المفروض ان نرى ״حالات انتقالية״ لمخلوقات تتطور، لكننا نرى حولنا أنواعاً لمخلوقات واضحة ،محددة ومتعددة. نحن نعرف ما هو الكلب وما هو القط لكن لم يعثر العلماء على متحجرٍ لمخلوق منقرض عبارة عن حالة انتقالية بين القط والكلب! ولا نشاهد حالة انتقالية تتم في الوقت الحاضر بين الدب وبين مخلوق مستقبلي آخر! لم تتمكن نظرية التطور من ملئ ” الفجوات ” بين الماضي الذي تفترضه وبين انواع الكائنات ” المتطوره ״ هذاالشئ يجعل من نظرية التطور فرضيه وإعتقاد ينقصهما الإثبات ، يدرك التطوريون هذا الخلل ويطلقون عليه ( الحلقه الناقصه) يحاولون تبرير ذلك بأن عمليه التطور استغرقت ملايين السنين ولم تحتفظ الطبيعه بكل المتحجرات ، لكن البحث من جهتهم مستمر !
2. تستطيع نظرية الانتقاء الطبيعي ان تفسر لنا سبب ظهور نسل جديد أكثر صموداً في بيئته ، مثل ظهور بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية او خلايا سرطانية عنيدة للعلاج الكيماوي، لكن في كل الحالات النتيجة تكون نسل جديد من نفس النوع ، ولا يظهر كائن من نوع آخر ، لا يظهر من البكتيريا نوع من الفطريات ، ولا تنتج بذور لاشتال برتقال من شجرة تفاح! كيف يمكن الافتراض اذاً ان الحياه نشأت من خليه واحده في الماء!
3. يحاول علماء تاريخ تطور الإنسان إيجاد متحجراتٍ لاشباه القرود لملئ ” الفجوات”او الحلقات الناقصه بفرضية تسلسل الجنس البشري من القردة ( رسم ٢)، كانت هناك عدة اكتشافات أعلن فيها هؤلاء ” التطوريون” عن اكتشاف متحجرات لاشباه الإنسان، وبعد زوال الضجة الاعلاميه التي كانت ترافق كل إعلان من هذا النوع كان يتبين أن المتحجرات تعود إلى أصناف قرود بائده ليست بشرية ولا يمكن وصفها باشباه البشر.
مؤخراً، قبل حوالي شهرين أُعلنَ عن اكتشاف متحجرات لمخلوق في كهف في جنوب افريقيا أطلق عليه ” الهوموناليدي” يعتقد المكتشفون ان هذا المخلوق كان يقبر موتاه تماما كالانسان ويدعّون انه حالة انتقالية في سلسلة التطور إلى الإنسان العاقل ” الهوموسابيانس” تم الإعلان عن هذا الحدث بزخم وحراره ليس فقط في الأوساط العلميه بل وفي نشرات الاخبار . لكن الغريب ان وسائل الإعلام تجاهلت وجود علماء “تطوريون” يشككون في المصداقية العلميه للحدث حيث أن لهم العديد من الانتقادات العلميه وهي : ان كومة العظام التي وجدت تعود إلى خليط من المخلوقات وليس لمخلوق واحد، وأنه تم تركيب الهيكل العظمي الافتراضي على أساس أنه يعود لمخلوق واحد، على الرغم من وجود جماجم ذات مبنى بدائي يناسب فصيلة قردة بائده تدعى ( أسترالوفيت).
يدعي العلماء أن هذا المخلوق قام بدفن موتاه على الرغم من أن حجم جمجمته يساوي ثلث حجم جمجمة الإنسان العاقل يشكك العلماءبامكانية وجود نسبة ذكاء بهكذا حجم جمجمة لتجعل ذلك المخلوق يدفن موتاه. وجدت العظام في ممر ضيق اسفل مغارة مغلقة وهنا يتساءل العلماءالمشككون، لماذا اعتبر المكتشفون أن المكان عبارة عن مقبرة!! بالرغم من أن العظام لم تكن مدفونة!. ولو افترضنا أن ذلك المخلوق كان ذكياً لماذا قام بسحب موتاه الى مكان عسير الوصول وترك الأمكنة السهلة! لماذا لم يأخذ صاحبو الإكتشاف بالفرضيه الاكثر منطقيةً وهي أن تلك المخلوقات هربت من خطر ما إلى ذلك المكان ولم تستطع الخروج منه.
إنتقاد علمي اخر هو قيام الباحثين بنشر بحثهم دون فحص عمر المتحجرات، ( عن طريق حساب نسبة الكربون المشع في العظام). من المحتمل جدا أن يعود عمرمتحجرات الهوموناليدي إلى فترة قديمة جدا أبعد من الفترة التي يفترضها الباحثون في تلك الحالة لا يمكن اعتبار الهوموناليدي حلقة وصل بين أشباه قرود مُفتَرضين وبين الإنسان العاقل (الهومو سابيانس).
4. هناك العديد من الأسئلة التي لا تستطيع نظرية التطور الإجابة عنها منها: لماذا للقردة أن تتحول لنوع بشري بطيء الحركة يمشي على قدمين؟ وكيف لهذا أن يساهم في التكيف مع البيئة؟ ،لماذا للقردة أن تفقد فراءها لتصبح معرضة للتغيرات في الحرارة؟ أو أن تطوّر جماجماً أكبر حجماً وتثقل على فقرات الرقبة والعمود الفقري، أليس في هذا تناقضاً مع فرضية الانتقاء الطبيعي لنشوء نسل أفضل؟ ألم يكن من الأنسب ان يطوّر سكان القطب الشمالي فراءً تساعدهم على مواجهة البيئه الجليديه ؟ ألم يكن من الأجدر ان تكون بشرتهم سمراء اللون كي يحتفظوا بحرارة اجسامهم لمده اطول ؟ ولماذا لم تتطور بشرة الافريقيين لتكن ناصعة البياض كي تمتص حرارةً اقل ؟
5. بسبب انعدام وجود إثبات رئيسي ومباشر لنظرية التطور، يدعي التطوريون أن التشابه القائم بالحمض النووي DNA يعد دليلا على صدق النظرية، حيث أن هناك تشابه ب 90 % بين الحمض النووي للإنسان والشامبانزي. لكن من شأن هذه الحقيقة أن تكون اثباتاً واضحاً على وجود خالق قدير يخلق من المادة ذاتها ما لا نهاية من المخلوقات التي تتباين فيما بينها.
6. ينص القانون الثاني للديناميكا الحرارية في الفيزياء وهو قانون كوني ًًُُُمثْبَت ،على أن المنظومات في الطبيعة تتفاعل بصورة تؤدي إلى الزيادة في اللانظام واللاترتيب فمثلا: تتواجد الصخور بشكل متفرق متناثر وليست مصفوفة ومرتبة بشكل هندسي، تنمو الأزهار فرادى مشتتة وليست في باقات منسقة. تفترض نظرية التطور نشوء مخلوقات متعددة الخلايا مركبة ومعقدة من مخلوقات بدائية أحادية الخلية، كل هذا من دون قوة خارجية، هذا الافتراض يتنافى مع قانون الفيزياء المذكور لانه يفترض حصول حالة ترتيب وتركيب للخلايا بدلاً عن حالة التناثر وعدم الترتيب وكل ذلك دون قوه محرّكه!.
مما سبق، يتضح أن نظرية التطور ليست مثبتة وتنقصها براهين ومشاهدات ، لم يشاهد أحد قط عملية التطور لا في الماضي ولا نعاينها في الحاضر. هذه النظرية ليست بعلم وإنما هي إعتقاد وإيمان ، يبذل التطوريون جهودهم في محاولة إثبات صحتها خشيةً منهم من الاعتراف بوجود خالق للكون تتجلى قدرته وحكمته في المخلوقات ، افضل ما أختم به قوله عز وجل :{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ}.