هذه طيبتي: مقابلة مع نشأت مصاروة باحث في مجال تطوير الادوية في شركة “تيفع”

نشأت مصاروة ابن مدينة الطيبة، الباحث في مجال اكتشاف وتطوير الدواء في شركة “تيفع” في اسرائيل. عمل في مجال تصنيع الدواء لأكثر من 10 اعوام، قبل 3 سنوات قبل عرض من شركة “تيفع”  للعمل كمركز للأبحاث، ويعمل كباحث في اكتشاف الدواء منذ 3 سنوات.

اعطنا نبذه عن حياتك?

اسمي نشات حسني مصاروة، من مواليد مدينة الطيبة، متزوج ولدي طفلة، انهيت دراستي الثانوية في مدينة الطيبة ومن

 ثم توجهت للدراسة العليا في جامعة “بن غوريون” في بئر السبع. انهيت دراسة كيمياء في جامعة بئر السبع وتخرجت  عام 1999. وحصلت على لقب اول.

كيف بدات العمل في هذا المجال?

البداية كانت بعد نحو عام ونصف  العام من انهاء دراستي. لأن الإمكانية الوحيدة التي كانت امامي بعد انهاء دراستي هو ان اكون مدرسا لمادة الكيمياء او علوم طبيعية  في احدى المدارس في المنطقة، في وقت كنت اطمح به لان اعمل في احدى شركات الكيماويات. والحمد لله رب العلمين، حصلت على فرصتي بان اعمل في احدى الشركات الصغيرة والمتواضعة لصناعة الدواء  في البلاد.

عملت بهذه الشركة لمدة ثلاثة اعوام، وفي هذه الفترة أكتسبت خبره متوسطة نوعا ما. ولكنها كانت كافية لان تؤهلني للانتقال للعمل في شركه اكبر.

وانتقلت للعمل في شركة دواء تعتبر من الشركات الكبرى والمتميزة في مجال عملها. في هذه الشركة اكتسبت خبرة واسعة وحصلت على عدة شهادات تقدير وتأهيل.

كما وتعرفت على الكثيرين ممن يعملون في المجال الذي اعمل به، في الشركة التي اعمل بها ومن شركات اخرى.

وبعد عدة سنوات وبعدما ان اصبحت لدي معرفة واسعة وخبرة كبيرة. قررت ان اتوجه للعمل في شركة دواء تعمل على مستوى عالمي، كان ذلك في اواخر عام 2009,، هذه الشركة تقع في خليج حيفا، فانتقلت للسكن في حيفا.

هذه الشركة فتحت ابوابها على مصرعيهما امامي واتاحت لي فرصة كبيرة وواسعة المجال لاكتساب خبرة قيمة وهائلة

 في مجال عملي ، ومجالات اخرى في الصناعات الكيماوية.

تعرفت من خلالها على  عدة وكالات ومؤسسات عالمية والتي تعمل في مجال الصحة، الغذاء والدواء، مثل وكالة الأدوية

الأوروبية (European Medicines Agency)  ومثل وكالة العقار الفدرالي او ما تسمى إِدارَةُ الأَغْذِيَةِ و الأَدْوِيَة الأمريكية Food and Drug Administration) U.S وباختصار FDA)، وبالطبع تعاملت مع هذه المؤسسات، بشكل مباشر ودرست ايضا هذه الهيئات وحصلت على ما يسمى “شخص قدير ومؤهل”(QP- Qualified Person)، وحصلت على رتبة “سنيور” ((Senior. وتعتبر هذه الرتبة هي الاعلى في هاذا المجال.

وفي عام 2012 قبلت عرضا من شركة “تيفع” للانتقال للعمل كباحث في مركز “تيفع” للأبحاث وهو المركزي للشركة

واكبرها.

حدثنا عن طبيعة عملك?

استطيع ان اتحدث عن طبيعة عملي بشكل مختصر جدا، وذلك لأن الوحده العامة لحفظ البيانات

(הבטחת מידע) والمتحدث العام لشركة “تيفع”  وجهوا الي بعدم التطرق للحديث بشكل مفصل عن عملي وعن طبيعة عملي. وبالطبع هذه المحادثه هي بموافقة هذه الوحدات.

كل ما استطيع ان اقوله انني اعمل في وحدة مميزة في عملها في “تيبع”، هذه الوحدة اعتقد انها يمكن ان تكون الوحيدة في  العالم في طبيعة عملها.

أقيمت قبل عامين تقريبنا واسست على يد العالم الرئيسي لشركة “تيبع” وعلى يد مجموعة من الباحثين. وتضم نخبه من الباحثين في اكتشاف وتصنيع الدواء. وتم تصنيفها كوحدة “راس الهرم”. تمنيت لو كان بإمكاني التطرق للحديث عن مجال عملي لأني اراه شيقا جدا.

ما هي المتطلبات للعمل في مركز الابحاث?

في كل مركز ابحاث هناك وحدات مختلفت، وكل وحدة تتطلب مؤهلات خاصة للعمل بها. الوحدة التي اعمل بها تتطلب اناس حاملي لقب دكتوراة في كل من الكيمياء، هندسة كيمياء او صيدلة. وانا لا احمل لقب دكتوراه ولكن خبرتي تؤهلني لان اعمل في هذه الوحدة، بل وتأهلني لان اترأس مجموعة من الباحثين ممن يحملون لقب دكتوراه، وهذا ما يحصل بالفعل.

ما هي الاليات التي تستخدمونها؟

هناك نوعان من الاليات النوع الاول هو في تصنيع الدواء وعادة تكون اجهزة ميكانيكية تعمل بحوسبة وبرامج حاسوبية.

هذا النوع من الاليات يستعمل في غرف التصنيع. والنوع الاخر يستعمل لتحديد جودة الدواء ومكوناته ومدة صلاحيته.

وهذا النوع من الاليات يعمل ببرامج محوسبة متطورة جدا  ويستعمل في المختبرات.

ما معنى اختراع الدواء؟ وكيف يتم تطويره؟

اختراع الدواء يكون على شكلين،  الاول يتم تصنيعه من  نقطة البداية، والمخترع بهذه الحالة يستعين ويرتكز على

 ابحاث ومقالات علمية.  في هذه الحاله المخترع يسمى “مبتكر” (Innovator) وهو بطبيعته يقوم بحماية ووقاية اختراعه عن طريق تسجيله كبراءة اختراع.

وبالتالي فهو يتمتع بامتياز خاص يمنح له، وهو منع الاخرين من صناعة او استخدام او بيع او حتى عرض ذلك  الاختراع دون الحصول على موافقه منه.

وفي هذه الحالة فهو المنتج الوحيد لهذا الاختراع وفقط هو لوحده لمدة تتراوح ما بين 17-25 سنه. تحديد فتره الاحتكار يختلف، وفي تقريره تؤخذ امور عدة بالحسبان، يطول شرحها!

ومن الجدير بالذكر ان اكتشاف واختراع دواء يستغرق عادة سنوات كثيرة، بالمعدل من 12 الى 15 عاما. وتكلفته بالمعدل 800-1200 مليون دولار. وطبعا دائما لدى المخترع في فترة الاختراع تخوف بان يقوم احد غيره باختراع الدواء قبله وعندها طباعا جهوده والاموال التي صرفها ستذهب سدى.

الثاني هو ان تقوم شركات اخرى بتصنيع دواء بعدما ان انتهت الفترة المحدده لبراءة الاختراع وفي هذه الحالة يسمى  الدواء “جناري” .(Generic)

ما معنى براءة اختراع?  

للتحدث عن براءة اختراع، ما هو? وكيف يتم تسجيله? وكيف يكون تسجيله?وما هي المتطلبات للاعتراف فيه كبراءة اختراع? وما هي التقنيه التي يتم اتباعها للحفاظ عليه? وما هي الاليات والطرق لاختراقه?

وهناك اسئلة عدة حول هذا الموضوع، يطول شرحها ولكني سأعطي القارئ معلومات اولية وبسيطة بهدف ان تكون  لديه فكرة عن براءة اختراع. هو حق امتياز خاص يمنح بشكال رسمي لشخصة مؤسسة او شركة، تمكنه من الحفاظ على اختراعه مقابل سماحه للعامة بالاطلاع على اختراعه. ويمنع اي طرف ثاني غير المخترع من صناعة او استخدام او بيع او عرض ذلك الاختراع دون الحصول على موافقة من صاحب الاختراع. ويسجل عادة في دولة او اكثر ويمكن ان تصل الى 25 او حتى 50 دولة.

وبالطبع كلما كان عدد الدول اكبر كان من الصعب اختراقه، اضف الى ذالك يقوم المخترع بتسجيل براءة اختراع ليس فقط على المادة الفعاله (API-Active pharmaceutical ingredients)، بل وانما على اشياء اخرى مثل: تقنية ذوبانه، مدة تحليله في المعدة، تقنية توزيعة في الجسم، وامورا اخرى تصل لدرجة تسجيل براءة اختراع على نوع وشكل  العلبه التي يوضع بها الدواء. وطبعا هدف المخترع هو الحفاظ على اختراعه من الاختراق والسرقة قدر الامكان.

هل يمكن سرقة براءة الاختراع? ومن يقوم بسرقته?

نعم يمكن سرقة براءة اختراع، وعادة يتم سرقته في الدول النامية، والدول التي لا تكون فيها قوانين وحقوق للحفاظ على براءة اختراع. عادة تكون سرقات لبراءات اختراع لأنواع معينه من الأدوية ,اضف الى ذلك انه عادة المخترق او السارق لا يستطيع ان يصل الى تقنية، وفعالية، وجودة الدواء الذي تمت سرقة براءة اختراعه. وعادة يجد صعوبة في تسويقه.

معظم الشركات الكبرى والعالمية على الصعيد المحلي وعلى مستوى دول العالم ككل  تحاول دائما تسويق منتوجاتها

بوساطة إِدارَةُ الأَغْذِيَةِ و الأَدْوِيَة الامريكيه  (FDA). عن طريق هذه الوكالة يتم تصدير معظم المنتوجات من الأدوية الى جميع انحاء العالم. هذه الوكالة تحافظ على براءات الاختراع المسجلة في الولايات المتحدة وفي شتى انحاء العالم. لهذا السبب ولأسباب عدة لا تقوم شركات كبرى  بسرقة براءة اختراع، ولكن تستطيع هذه الشركات ان “تطعن” في  براءة الاختراع وعليها ان تثبت ذالك. وهنا يطول الشرح عن كيف يتم الطعن في براءة الاختراع? كيف يتم مقاضاة الطاعن? وكيف تتم مقاضاة صاحب الاختراع? وكم تستمر المحكمة? وما هي العقوبات على الطرف المخطئ? وماذا يكسب الطرف الفائز? واسئلة متعددة حول هذا الموضوع شيقا جدا.

ما هي المراحل الأولية في اكتشاف الدواء?

المراحل الأولية هي عديده وبعضها معقد للغاية، فبعد ان يتم تركيب واكتشاف مادة فعالة وقبل بدا التفكير حتى في  تكوينها حبه او ككبسلة. تخضع هذه المادة للعديد من الاختبارات التي تسمى Clinical experiments والتي تشمل الاختبارات بحيوانات  مختلفة، اما بادخالها مباشرة داخل الحيوان او داخل انابيب تحتوي على خلايا معينة وفي هذه الاختبارات يتم فحص عدة مؤشرات وتسمى هذه المرحله in vivo/in vitro. بعد ان تجتاز هذه المراحل بنجاح تتم المراحل الاخرى وهي الاختبار بالإنسان وهذه المرحل اكثر تعقيدا وتركيبا، وللخوض في شرحها نحتاج الى الكثير من الوقت.

اختصر بان اذكر اهم مراحلها وهي   3phase 1,phase 2 and phase ، عدد الاناس الذين يجرى عليهم  الاختبار يختلف من مرحله لاخرى.

ومن الجدير بالذكر ان اصحاب المرحلة الاولى هم ناس لا يعانون من مرض. ولهذا السبب في تصنيع ادويه لامراض سراطنية، لا توجد هذه المرحلة ذلك لانه عادة الادوية للامراض السرطنية تقوم بتدمير خلايا معينة.

هل هناك جديد في هذا المجال ، لمحاولة اعانة او مساعدة او لتخفف من العوارض لدى المريض?

هناك دائما تجديد في هذا المجال، في السنوات الأخيرة تتجه معظم الشركات العالمية لتصنيع الدواء نحو تقنيه جديدة

تهدف للتخفيف من اعراض تعاطي الدواء. هذه التقنية هي حاليا في مرحلة “تعتيم كلي” لأنها ما زالت في مرحلة الفحص والتطوير. حسبي رايي هذه التقنية ستكون ممتازة وستكون ذات اهميه كبرى لمن يتعاطى الدواء بشكل دائم، وباعتقادي ستكون لديه  جودة حياه افضل.

 ما هي الادوية المنتشرة اكثر في الشركة؟

تعمل “تيفع” في شتى المجالات والصناعات المختلفة في تصنيع الدواء تصنع الشركة قرابة ال 70 مليار حبه في السنة في 63 مصنع لها حول العالم.

 حسب رايك، كعربي في هذا المجال، يوجد امكانية للتطوير؟

نعم يمكن لأي عربي ان يتطور في هذا المجال شريطة ان يتميز وان يكون بارعا بأدائه وقدراته.

 هل تقدمت في هذا المجال، وكيف، وما هي المراحل التي عبرت بها؟

الحمد لله رب العالمين، بفضل الله عز وجل،  تقدمت في هذا المجال. كان هناك العديد من الصعوبات، والتحديات التي واجهتها  في الانتقال من مرحله الى اخرى. وفي هذه المراحل خضعت للكثير من  الامتحانات الصعبة لكي يتم اختياري من بين نخبة من المتميزين في مجال عملي. في احدى الشركات التي عملت بها ترأسه ادارة الهيئت  لما يسمى  ممارسات تصنيعية جيدة  (Good Manufacturing Practice) وباختصار GMP. اضاف هذا الكثير الى رصيدي المهني والقيت الكثير من المحاضرات والتوجيهات لعدة شركات في هذا السياق. درست وحصلت على عدة مؤهلات وشهادات على المستوى المحلي والعالمي. وهذه المؤهلات كانت بمثابة اداة مساعدة ممتازة لاجتيازي من مرحلة الى اخرى. ادرت مختبرا (QC Laboratory Manager) لأحدى الشركات التي تعمل في مجال الأغذية لفترة ما.

هل دراستك وخبرتك تختصر على ما تعمل به الان?

بالطبع لا، دراستي الجامعية كانت الخطوة الاولى وبالطبع الأساسية لان اخوض في هذا المجال. لكن الخبرة التي اكتسبتها في مجال صناعة الدواء اتاحت لي الفرصة للعمل في مجالات مختلفة نوعا ما. من تقديم استشارات ودراسات لشركات كيماويات وشركة أغذية، ورجال اعمال. اضف الى ذلك انني تلقيت عرضا في الفترة الأخيرة من احدى الكليات لكي اكون محاضرا في موضوع الصناعات  الكيماوية (Pharmaceutical industry). ولكني رفضت هذا العرض بسبب التزاماتي في عملي.

في الطيبة هل ترى ان هنالك تفاعلا في هذا الموضوع؟

الطيبة كأي بلد عربي اخر تفتقر لهذا المجال. والسبب هو ان هذا النوع من الصناعات تكلفته باهظة جدا ويحتاج الى الكثير من الموافقات والترخيصات.

هل حاولت ان تقدم شيئا من اجل البلد في هذا المجال؟

نعم حاولت مرارا وتكرارا، وتوجهت الى بعض المدرسين لأجيال مختلفة وعرضت عليهم فكرة ان تستضيف احدى  شركات الدواء صفوف ومجموعات صغيره او حتى نخبة مختارة من الطلاب ليوم علمي يتم به الشرح لهؤلاء الطلبة

عن عملية التصنيع للدواء ,واجراء بعض الاختبارات العلمية وطبعا استضافتهم لوجبة غداء في الشركة. ولكن للأسف عرضي لم يلقى اذانا صاغية.

هل هناك كلمة اخيرة تريد ان تقولها او توجهها لاحد ما?

كل ما ذكرته في هذا المقال هو بهدف اعطاء فكرة مبسطة جدا  اعتبرها نقطة في بحر،  في هذا المجال الشيق جدا.

يمكن دائما التوجه للكتب والانترنت والتعرف اكثر واكثر على هذا المجال. انصح باللجوء لمصادر تنشرها مؤسسات دولية مثل التي ذكرتها. شركات دواء تنشر وتتحدث عن هذا المجال، ولكن بالطبع مع الكثير من التحفظات.

واتوجه بالشكر لموقع “الطيبه نت” الذي اتاح لي الفرصة للتحدث في هذا السياق، وكذلك الى المسؤولين في شركة “تيفع”  اللذين ساهموا في ان تخرج هذه المقالة الى حيز التنفيذ، بالرغم من  الصعوبات والفترة الزمنية الطويلة للحصول على التصريحات الازمة.

واخيرا اتوجه بالشكر الخاص لزوجتي الحبيبة وجميع افراد عائلتي على الدعم المعنوي الدائم منهم.