نعم، التواضع في احتفالات التخرج ضروري جدا كما هو ضروري ابقاء هذه الاحتفالات ضمن إطار الطابع المدرسي، لا سيما عندما نتحدث عن تخريج فوج جديد من طلاب المدارس الثانوية الثلاث، ولكن لا ينبغي فرض التواضع المفرط على هذه الاحتفالات حتى لا تبدو وكأنها حصة بموضوع الفعاليات الاجتماعية داخل غرفة التدريس!
من الضروري التأكيد على حق خريج الثانوية ان يحتفل مع زملائه وزميلاته بإنهاء مرحلة مفصلية من سيرورة الحياة قبل الانتقال الى المرحلة القادمة والاصعب، ولذا فلا اجمل من لقاء يجمع الطلاب ليس على مقاعد الدراسة وانما على مقاعد من الحياة قبل ان تتشعب سبل الحياة بهم الى كل الارجاء، فليكن حفل وداع كما هو حفل تخرج في آن معا.
كما ارى ان على ادارة المدرسة ان تتولى زمام المبادرة الى هذا الحفل والاعداد له وتنظيمه لضمان نجاحه ورفعة مستواه على ان يكون الشرط الاول الذي تتوجب مراعاته ان يقتصر الحفل على الخريجين ومدرسيهم فقط ولا مكان للأهالي او بقية المدرسين في قاعة الاحتفال اطلاقا، لكي تتوفر للطلاب ظروف مواتية لقضاء أمسية جميلة لن تتكرر تعشعش في الذاكرة ما عاش الخريج.
إن منع حفلات التخرج، مثلما ورد ذلك في بيان لجنة أولياء أمور الطلاب البلدية، يعني دفع الطلاب الى تنظيم الحفلات فيما بينهم كما يرتأون ذلك خارج إطار المدرسة وبعيدا عن عيون الاهل والمسؤولين مما قد يحمل معه كثيرا من الندم للجميع.
وعلينا ان لا نغفل ما هو اخطر من ذلك! ففي حال حرمنا الطلاب من الاحتفال الجماعي في امسية واحدة منظمة بشكل راق ومسؤول، ما الذي سيمنع الاهالي المقتدرين من الاصرار على تنظيم احتفالات خاصة لأبنائهم الخريجين، سواء في البيت او في قاعات الافراح، وسيجد الفقير قبل المقتدر نفسه مضطرا على مجاراة الآخرين وارضاء ابنه او ابنته الخريج او الخريجة بحفل لا يقل عن حفل زميله تجنبا لخذله امام اصدقائه وزملائه مهما كلف ذلك. ومن حيث لا نشعر، سنجد أنفسنا امام عشرات الاحتفالات المزدحمة بالمفاخرة والتباهي التي ستفرض على الجميع تقليد الاخر. وهكذا نكون قد وقعنا في ذات البذخ وذات التبذير والبقية تأتي…. لذا علينا توخي الحذر قبل منع هذه الحفلات ببضع عبارات في بيان صاغه الكبار ليملوه على الصغار بسلطة الاب المنفق على مثل هذه الحفلات.
ان احتواء رغبات الطلاب الخريجين هو أفضل بكثير من رفضها ونبذها من منظور مادي فقط. والحديث هنا يدور فقط حول حفلات لائقة لخريجي الثانوية دون غيرهم، اي ثلاث مدارس ثانوية تعني ثلاث امسيات تعم البهجة البلد بأسره ويكون الخريجون في هذه الامسية قد حصلوا على راية الاستقلال الشخصي الى جانب شهادة التخرج المدرسية!
اما بقية المدارس الابتدائية والاعدادية فأرى ان احتفالاتها لا ينبغي ان تتخطى اسوار المدرسة وان تتم بصورة تحددها ادارة المدرسة على ان تكون رمزية جدا ومقتضبة جدا اثناء الدوام المدرسي في يوم توزيع الشهادات.
اعتقد ان لجنة اولياء امور الطلاب وبحق ارادت بهذا البيان ان تتصدى للفوضى التي تشهدها نهاية السنة الدراسية كل عام والقضاء على ظاهرة التهافت على التبذير المتهور وكأن الاسرة مقبلة على زفاف احد الابناء، نعم يجب وضع حد لهذه الظاهرة التي تفشت ببشاعة وبسرعة لأنها تحمل معها عنصر التفاخر والتقليد بين الناس، ولكن علينا التروي، لأن قرار الآباء لا يتماشى بالضرورة دائما مع رغبة الابناء، والخريجون هم الابناء وليس الآباء.
في النهاية يتوجب علينا ان لا ننسى ان القول الفصل في هذا الشأن يعود اولا وأخيرا الى إدارة المدرسة وهي مطالبة بألاّ تختبئ خلف لجنة اولياء امور الطلاب. فقرار منع الاحتفالات يعود الى مانح الإذن قبل ذلك بإقامتها.