لم يكن النقاش الدائر في مدينتي موضع دهشة بالنسبة لي فمدينتي حافلة بالعقول التي سترتها السماء برداء الواعظ ، والواعظ ليس حتما واعظا دينيا فهنالك الوعاظ المثقفين الذين يغطون عوراتهم على منصات الشرف وحين يجلسون في ركن مظلم يخلعون أقنعتهم ويتحسسون مرآة الخطيئة ، والوعاظ الذين يحملون شهادة الذكورة وهم كثر وهؤلاء يصيحون كالديك في قفص الدجاج ثم يخرجون فضلاتهم في حضن امرأة أعيتها طقوس الجاهلية .
سوق مليء بالسلع ، منها الكاسدة التي تباع بأبخس الأثمان لكنها تغلف بأغطية مزخرفة تجذب العقول المسطحة وسلع باهظة الثمن ، لها مشتريها من الطبقات الراقية التي تزور تلك الأسواق بين الفينة والأخرى بلباس الأسياد والمنظرين وأصحاب الأنوف المعطرة والحلقات الليلية المليئة برائحة عقولهم النتنة ،..
رمضان يا إخوان رمضان ، يأتينا بغتة ليكشف عوراتنا التي فاحت رائحتها من أقصى الخطيئة إلى أقصاها ، يزودنا بالتخمة والعقول المليئة ببراز العبيد، ..
أيتها السماء الصافية ارشقينا برحمتك فرمضان يتوجع بصمت ، وأسواقه تتوجع بصمت وإناثه تتوجع بصمت والكروش الملساء تصرخ فقط ثم تطلق الرصاص ..
ومدينتي الحزينة لا تفقه بالدين إلا ما تيسر من مواعيد الإفطار والسحور ..