الذكرى الثامنة رحيل محمود درويش
تحل اليوم الذكرى الثامنة على رحيل واحد ممن كتبوا أسماءهم بحروف من نور في وجدان العالم العربي بنضاله وكلماته، فلم يكن مجرد شاعر يغزل الكلمات ليُخرجها في أبهى صورها ومعانيها فحسب، لكنه كان شاعرًا بدرجة ثائر، هو الفلسطيني محمود درويش.
وكان درويش قد توفي في مثل هذا اليوم 9 أغسطس من عام 2008 في مدينة تكساس الأمريكية بعد تدهور حالته الصحية إثر عملية جراحية في القلب عن عمر يناهز 67 عاما، فهو من مواليد 1941 في قرية البروة بفلسطين.
وترك فلسطين رغمًا عنه مع أسرته برفقة اللاجئين الفلسطينيين عام 1948 مع الاحتلال الإسرائيلي لها، وكانت لبنان هي القبلة التي قصدوها، لكنه تمكن من العودة مجددًا متسللًا إلى وطنه في 1949، بعد توقيع اتفاقيات الهدنة.
وبعد عودته من لبنان، اكمل تعليمه الابتدائي والثانوي متخفيا خوفًا من أن يتم نفيه مرة أخرى اذا كُشف أمر تسلله، وبعد إنهائه تعليمه الثانوي اتجه إلى كتابة الشعر والمقالات.
وأخذ على عاتقه مهمة مقاومة الاحتلال حتى ولو بالكلمة، وهو ما جعله عرضة للممارسات القمعية من الكيان الصهيوني الإسرائيلي، الذي اعتقله اكثر من مرّة منذ العام 1961 حتى عام 1972 بتهم تتعلق بأقواله ونشاطاته السياسية.
ونزح درويش إلى مصر وانتقل بعدها إلى لبنان، وعمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، واستقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، التي كان عضوًا فيها احتجاجا على اتفاق “اوسلو” في تسعينيات القرن الماضي.
وشغل محمود درويش منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين وحرر مجلة الكرمل، وكتب في عدد من الجرائد والمجلات مثل “الاتحاد والجديد”، الذي أصبح فيما بعد مشرفا على تحريرها.
ودرويش كما قالوا عنه ووصفوه فهو هوية إنسانية بامتياز، حيث نجح في أن يجعل اللغة تنتج حياة باسلوبه الفريد في الكتابة ومفرداته اللغوية المتميزة التي كان يستخدمها، فساهم في تطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية في نصوصه التي يمتزج فيها الحب بالوطن والغربة والحبيب.
ومن أبرز أعماله الشعرية “ذاكرة للنسيان، حالة حصار، قصيدة إلى أمي، في حضرة الغياب ،عاشق من فلسطين، عابرون في كلام عابر، في وصف حالتنا، ورد أقل، مديح الظل العالي، وتلك صورتها وهذا انتحار العاشق، العصافير تموت في الجليل، سرير الغريبة وأوراق الزيتون”.
وحصل محمود درويش على عدد من الجوائز منها: “جائزة لوتس، جائزة البحر المتوسط، درع الثورة الفلسطينية، لوحة اوروبا للشعر، جائزة ابن سينا وجائزة لينين في الاتحاد السوفيتي “روسيا حاليًا”.
قبل وفاة درويش بأشهر قليلة، جاء تكريمه باطلاق اسمه على أهم ميادين مدينة رام الله، وهو ما علق عليه وقتها: “من المألوف أن يكرم الأحياء، فالموتى لا يحضرون حفل تأبينهم، وما استمعت إليه اليوم هو أفضل تأبين أود أن أسمعه فيما بعد”.
ومن أبرز اقواله :”ما معنى أن يكون الفلسطيني شاعراً، وما معنى أن يكون الشاعر فلسطينيا؟ الأول: أن يكون نتاجاً لتاريخ، موجوداً باللغة؟ والثاني: أن يكون ضحية لتاريخ، منتصرا باللغة .. لكن الأول والثاني واحد لا ينقسم ولا يلتئم في آن واحد”، “أتيت ولكني لم أصل.. وجئت ولكني لم أعد”، “ليتنا إستطعنا أن نحب أقل كي لا نتألم أكثر”، و”ما أشد سعادة المرء حين لا يودع أحداً ولا ينتظر أحداً”.