قصة أول صور للأرض التقطتها من القمر مركبة لناسا منذ خمسين عاما
كشف مؤخرا مهندسان من وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) عن أول صور التقطت للأرض من الفضاء، وهي صور التقطها مسبار فضاء أمريكي العام 1966 كان يحلق فس سماء القمر لتحديد الأماكن الصالحة لهبوط المركبة الفضائية التي تقل بشرا لأول مرة “أبوللو 11”. المهندسان عملا على إصلاح جودة هذه الصور ورقمنتها.
في ضواحي موفيت فيلد بولاية كاليفورنيا فاجأ أحد محلات ماكدونالد زبائنه بقائمة أطعمة مختلفة عما اعتادوا عليه، فعوضا عن شطيرته المعروفة “بيغ ماك” قدم مطعم الوجبات السريعة الشهير صورا لعينات من تربتيالأرض والقمر. يقع هذا المطعم على بعد خطوات من “مركز أبحاث إيمس” التابع لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، ووظف عاملين ذوي مؤهلات أكثر من المعتاد.
بيد أنه من المهم الإشارة إلى أن هذا المطعم هو مطعم مهجور ولم يعد مرتادا من قبل الجمهور، وقد بدأ مهندسان من ناسا منذ 10 سنوات في استخدام هذا المطعم المهجور كمركز أبحاث بعيد عن الأنظار، وأطلقوا عليه اسم “ماك موون” (ماكدونالد القمر)، والهدف من إنشاء هذا المركز هو رقمنة الأشرطة التناظرية، والتي تحتوي على أوائل صور الأرض التي التقطتها مركبة صغيرة من القمر في 23 أغسطس/آب 1966.
الصور الأولى للأرض كانت جودتها هي الأسوأ على الإطلاق
أطلقت ناسا في شهر أغسطس/آب 1966 مسبارها الفضائي “لونار أوربيتر 1” الذي كانت مهمته سبر الأماكن الصالحة على القمر لهبوط فريق “أبوللو 11” عليها العام 1969. وجهزت هذا المسبار بكاميرتي كوداك. وأرسل المسبار أول صور لكوكب الأرض عندما كان على مسافة 48 كيلو مترا فقط من سطح القمر في 23 أغسطس/آب.
وكان المسبار مجهزا بوحدة تحميض للصور وتخزينها بعد ذلك على شرائط مغناطيسية، وكان بمقدور المسبار إرسال هذه الصور إلى الفريق المتابع للرحلة على الأرض عبر موجات خاصة فيما يشبه عمل الفاكسيميلي الآن. وكانت الصور المرسلة تشبه إلى حد بعيد صور السونار الذي يكشف عن حالة الأجنة في بطون أمهاتها، ولكن بجودة أقل بكثير.
وتم تخزين الشرائط المغناطيسية التي أتى بها المسبار بعد ذلك على أشرطة كاسيت وضعت ونسيت في مخزن بميريلاند لمدة 20 عاما ما أدى إلى تدهور حالتها.
من الثلاجة إلى ماكدونالد
وفي ثمانينيات القرن الماضي قامت موظفة في الوكالة الفضائية تدعى نانسي إيفانس برقمنة هذه الشرائط وتخزينها في ثلاجة بيتها بجوار عشرات الدجاجات المذبوحة والتي كانت تقوم بتربيتها في الحديقة الخلفية لمنزلها. وظلت هذه الشرائط محفوظة في ثلاجة نانسي لمدة تزيد عن العشرين عاما.
وبمجيء العام 2007 انتقلت مسؤولية هذه الشرائط إلى المهندسين كيث كوينغ ودينيس وينغو اللذين أطلقا مشروع “استعادة صور لونار أوربيتر” من على شرائط نانسي المثلجة. ومن أجل هذه المهمة الصعبة قام المهندسان بوضع أيديهما على مطعم “ماكدونالد” مهجور قريب من مركز أبحاث إيمس، ليبدآ مهمتهما دون أي دعم مادي أو تقني من الوكالة وبواسطة التكنولوجيا المتأخرة المتاحة لديهما، وخاصة أنهما كانا محظوظين لأن نانسي كانت تمتلك ماكينة أمبكس إف أر-900 الوحيدة القادرة على قراءة هذه الشرائط.
يقول كوينغ: “كان لدينا فقط مكانان للاختيار بينهما، محل حلاقة ومطعم ماكدونالد المهجور، ووقع اختيارنا على المطعم لأننا لم نرد أن ندفع مليما واحدا من أجل المكان”. وبعد بضعة أعوام كانت النتيجة مذهلة، فقد نجح المهندسان في الحصول على صور بجودة عالية، ويعود الفضل في هذا إلى جودة تكنولوجيا تخزين الصور على المسبار والتي تعادل جودة أجهزة “الدي في دي” في أيامنا، أما الجودة السيئة للصور الأولى فيعود سببها إلى تقنية الطباعة في ذلك العصر.