مع المستشارة احلام جمعة- الجزء الثاني: الحلول للتقليل من العنف ومواجهته؟
في الجز الثاني من تقرير مفهوم العنف، تتناول المستشارة التربوية احلام جمعة، من مدينة الطيبة، الحلول للتقليل من العنف ومواجهته؟
اذا ما هي الحلول للتقليل من العنف ومواجهته؟
اذا وقفنا على الاسباب المؤدية الى العنف المجتمعي او الفردي لن يكون صعبا ايجاد الحلول لهذه الافة المجتمعية. واذا نظرنا الى الاسباب المذكورة لتفسير العنف فاننا نجد ان جميع العوامل المساهمة بزيادة العنف والتي ذكرت انفا، نراها مجتمعة في مجتمعاتنا العربية بشكل عام وفي مجتمعنا المحلي بشكل خاص. العلاج يكون بالاضطلاع على الاسباب اولا ومن ثم البدء ببناء برامج وقائية وعلاجية فورية واتخاذ جميع الموارد والوسائل المتوفرة على كافة المستويات:
1. على مستوى الفرد والاسرة:
ا- ان لا تترك الاسرة مسؤولية تربية الابناء لوسائل الاعلام بسبب الانغال بمتطلبات الحياة، بل على الوالدين الانتباه لما يشاهده ابنائهم (الاطفال خاصة) من برامج وافلام كرتونية، وان تكون لديهم نظرة فاحصة لما للمضامين المعروضة لما تحويه من عنف واضح ومخفي ومشاهد لا تلائم جيلهم مثل مشاهد الجنس والعري والعنف والمخدرات، والتي تحمل في طياتها قيم مغايرة لثقافة البيئة المحيطة. وللحد من التاثيرات السلبية لهذه البرامج على الاطفال والمراهقين، على الاهل ان يعملوا على ابراز القيم التربوية الاسلامية من خلال القصص البطولية لشخصيات تاريخية غيرت مجرى التاريخ واشتهرت بعدلها او شجاعتها او علمها ومساهمتها في رقي مجتمعها، وعدم التلقي السلبي بل تحديد الوقت للجلوس امام الشاشة واختيار البرامج الملائمة ومشاركة الابناء بمشاهدة البرامج ومناقشتها معهم من اجل اكسابهم القدرة على فهم مضامينها وتوجيه نظره ناقدة لها، حتى لا تؤثر سلبا على بلورة هويتهم الذاتية مستقبلا. توعية الابناء للاستعمال الامن للانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، لتجنب خطر الوقوع في اعمال عتف على الشبكة مثل نشر مضامين غير لائقة ومشاركة معلومات وصور شخصية قد تؤدي في كثير من الاحيان الى مخالفات جنائية وعواقب وخيمة.
ب- مساعدة الابناء على تفريغ طاقاتهم الزائدة بنشاطات انتاجيه وليست استهلاكية، وعليها ان تكون موجهه نحو التفكير الفعال والابتكار، ومساعدة الاخرين والعطاء والمساهمة في خدمة المجتمع والبيئة القريبة لتعزيز قيم الانتماء والعمل الجماعي.
ج- على الاهل ان يوفروا لابنائهم ما يحتاجونه من الاهتمام والعطف والحنان والدعم الوجداني منذ ولادتهم وحتى بلوغهم، حتى لا يبحثوا عن بديل لدى مجموعات الاقران والشلة التي تكون غالبا سلبية وعلى استعداد تام لاحتضانهم. تبين الدراسات ان مجموعة الاقران (الاصحاب) تكون بالنسبة للمراهق في كثير من الاحيان بديلا للاسرة التي لا تؤدي وظائفها بشكل سليم، وان معظم الاشخاص المنحرفين المتواجدين في السجون او في المؤسسات الاصلاحية كانوا على علاقة باصدقاء منحرفين.
2. على مستوى المجتمع:
ا- تعزيز قيمة التكافل الاجتماعي للتصدي لجميع انواع العنف والسلوكيات غير السوية. المقصود هو تقوية الروابط بين الفرد والمجتمع والتعاون على تحمل المسؤولية بما يقتضيه الواجب الديني والاخلاقي والاجتماعي بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم قبول كل سلوك عنيف مهما كان حجمه وحدته. يمكن ان نرى مثالا لاهمية مسؤولية الفرد في مجتمعه عندما يمتنع البعض الذين اعتادوا ان يمارسوا في بلدتهم او في مجتمعهم سلوكيات عنيفة ومؤذية للغير، يمتنعوا عن ممارستها اذا تواجدوا في مجتمع اخر لا يسمح افرادها بهذه السلوكيات، ذلك سيؤدي الى حتما الى خفض نسبة العنف.
ب- تخصيص مساحة لمحاضرات توعوية وارشادية في المساجد واستغلال خطبة الامام في يوم الجمعة في طرح قضية العنف واشراك الجمهور بعلاجها، لاهمية دورها في التاكيد على المسؤولية الفرديه والمجتمعية في نبذ العنف ونبذ من يسلك هذا السلوك متعمدا لانه من حق كل فرد ان يعيش في بيئة امنة في مجتمعه.
ج- التعامل مع المعلومات والمضامين في وسائل الاعلام بالحذر الشديد، فان وسائل الاعلام معظمها مسيسة وتخدم مصالح لجهات مختلفة، وهي تنشر العنف وتستعمله كيفما تشاء لخدمة اهدافها. وبما ان شبكة الانترنت تتيح المجال لاي كان نشر ما يرغبه من معلومات ومضامين سواء كانت ايجابية او مسيئة دون ان تكون عليها رقابة، من الواجب عدم التسرع بالانفعال ونشر او مشاركة اخباراو صور لمشاهد عنف او مضامين مسيئة للغير والتفاعل معها على شبكات التواصل الاجتماعي ليراها الجميع، فنحن لا نعرف ولا يمكننا ان نعرف في معظم الحالات مصدر هذه المعلومات والمضامين ومدى صحتها اذا كانت حقيقية ام مفبركة، ولا نعرف اهدافها ومن المستفيد من نشرها، وقد نكون مشاركين بنشر الفتنة دون ان نكون واعين لذلك او قاصدين. وفي نهاية الامر، التفاعل غير المدروس مع مضامين العنف والاساءة لن ييساعد فس تقليل العنف بل يزيد من انتشاره ويخلق مناخا مشحونا بالمشاعر السلبيه والاحباط والقلق.
3. على مستوى المؤسسة:
المدرسة
ا- الاسباب التي ذكرت سابقا كالتغيرات الاجتماعية، وتزعزع العلاقات الاسرية وظهور القدوة العنيفة في وسائل الاعلام, يعتبر عامل مساهم في ازدياد العنف المدرسي. اكدت الدراسات على وجود علاقه سببيه بين العنف في وسائل الاعلام وبين العنف على ارض الواقع, وعليه من الضروري ان يتطرق المعلمون, عند معالجتهم لقضية العنف المدرسي, لهذا الموضوع وللتاثيرات التي يتعرض لها الطلاب خارج غرفة الصف, فان تجاهلها سوف يترجم لدى الطلاب ان العنف هو امر اعتيادي يمكن التعايش معه. مناقشة الموضوع مع الطلاب تعلمهم كيف يقيمون محتوى المضامين التي يشاهدونها في وسائل الاعلام, وتساعدهم على التفاعل مع خيارات المشاهده وتقييم تاثيرها على حياتهم الشخصيه.
ب- العمل على تعزيز ثقة الطالب بنفسه وتوعيته لمواطن القوة لديه، تدريب الطلاب على مهارات التجكم بالغضب وحل المشاكل والنزاعات ومواجهة الازمات، تعلم مهارات التواصل السليم والتفاوض ولغة الحوار وتقبل الاختلاف بالاراء، تعزيز القدرة على التعبير عن الذات وممارسة التعبير العاطفي والتخاطب بلغة المشاعر، خاصة وقت الغضب كونه المحفز الرئيسي للسلوك العنيف، كوسيلة للتخفيف من الضغوط النفسية والدوافع العدوانية وتاجيل التصرف تحت تاثير الغضب، وتعلم طرق بديله للعنف. وكذلك يجب العمل على تاهيل كادر المعلمين لدمج هذه المهارات في المادة التدريسية خاصة في المراحل الاولى للتعليم.
ت- تفعيل برامج توعوية وارشادية للطلاب داخل المدرسه وخارجها عن طريق ورشات عمل وتوجيه مجموعات صغيرة، عن طريق مختصين بالعمل والاجتماعي والعلاجي.
ث-انتقاء البرامج المدرسية التي تتناسب مع قيم وثقافة مجتمعنا وتحري الأمانة في اختيار البرامج والمشاريع المناسبة وعدم تمرير برامج مستوردة للطلاب دون فحص ومراقبة لمحتواها ولاهدافها المخفيه والمعلنه ولمدى فائدتها وتاثيرها عليهم. فما يناسب المجتمعات الاخرى ليس حتما انه يناسب مجتمعنا، لان نقل نمط حياة وقيم جديدة من بيئات مختلفة عن بيئة وثقافة الطلاب من شانها ان تؤدي الى التصادم بين ما يتلقونه من البيئتين المغايرتين معا، والى خلخلة وتناقض في المعايير والمفاهيم والقيم التي يتلقاها الطلاب فلا يدركون ايها اصح وايها عليهم اتباعها، وهذا يؤثر سلبا على التطور السليم للطلاب وعلى سيرورة بناء هويتهم الذاتية.
ح-الرؤيا والسياسة المدرسية عليها ان تبث رساله واضحة بانه لا يتم التغاضي عن كل سلوك عنيف في المدرسة مهما كان حجمه ونوعه، من خلال قوانين مدرسيه واضحة ومحددة للتعامل مع السلوك العنيف في المدرسة ومن خلال تطبيق هذه القوانين من قبل جميع الافراد العاملين فيها. بالمقابل، العمل على تعزيز السلوكيات الحسنة من خلال خلق نظام تقييم ومكافئة بالطرق المناسبه لشريحة الجيل, وعدم الاعتماد على العلامات المدرسية فقط كمعيار لتقييم الطلاب.
خ- للوقاية من العنف، من الضروري خلق تعاون وتواصل بين المؤسسة التعليمية وبين الاسرة في تنشئة الابناء وان تكون المؤسسة التعليمية كونها مختصة في مجال التربية، طرفا لارشاد اولياء الامور ودعمهم ليحصل الطرفان على الفائدة المرجوة. بالاضافه لذلك، من الضروري تفعيل ورشات عمل ارشادية وداعمة للاهل على نطاق واسع داخل المدرسة. فقد وجدت الدراسات ان عدم مشاركة الاهل في المسيرة التعليمية هو العامل الاهم المساهم في تزايد العنف المدرسي.
د- المؤسسات التربوية لها التاثير الكبير بعد الاسرة على تنشئة اجيال من الطلاب، اما ان تكون دافعا لنجاحه واما ان تكون عاملا لتنشئة اجيال محبطة ذات سلوكيات عنيفة. لذا من المهم ان يكون كل من ينتمي للعاملين في تلك المؤسسات (ليس المقصود معلمين فقط) مناسبين ومؤهلين مهنيا واخلاقيا وان تكون معايير الاختيار لتعلم مهنة التدريس عالية تماما كمهنة الطب فكلاهما يعملان في مهنة يتعلق فيها مصير ومستقبل افراد المجتمع.
ذ-التربية للحوار تبدا منذ الصغر, وماقشة مبدأ ” اذا لم توافقني فانك ضدي” في المؤسسات التعليمية هو امر ضروري، لاننا نشهد بشكل يومي اشكال من العنف الكلامي والمعنوي، عندما تقابل الاختلافات بالراي والمعتقدات بردود فعل هجومية او ساخره او حتى تلفظ بالفاظ بذيئه تجاه من لا يتوافق مع مبادئ واسلوب حياة الاخر, فيرى كل واحد ان مبادئه واسلوب حياته هو الافضل والاصح وبناء على ذلك يعطي لنفسه الحق للتقليل من شان الاخر ومهاجمته بالانتقادات الجارحة وغير اللائقة. هذا العنف اصبح شائعا في مجتمعنا ويشمل جميع شرائح المجتمع ومنهم من ينسبون انفسهم للعالم الحضاري والمنفتح. لمنع هذا العنف يجب العمل على تغيير لغة الحوار الدارجة الى ايجابية وفعالة اكثر تحترم الراي المخالف ولا تقمعه وتقبل المختلف وتصغي له، وترد الاساءة بالاحسان وفقا لما املاه علينا ديننا “ادفع بالتي هي احسن” “وقولوا لناس حسنا”.
ر-التربيه للاستهلاك السليم ومكافحة ثقافة الاستهلاك والانفاق الزائد لمجاراة العادات والتقاليد المجتمعيه التي تؤدي الى انفاق ما يزيد عن الحاجة والى الغرق بالديون التي قد تدفع الفرد للنصب والاحتيال والجريمة.
على مستوى المؤسسة:
البلدة
للوقاية من العنف علينا تركيز الجهود اولا على الاطفال والمراهقين لان السلوك العنيف يتكون غالبيته في هاتين المرحلتين.
ا- العنف يبدأ من البيت قبل ان يظهر في الشارع وفي المدرسة، وعليه فان الاستثمار في مجال التربية وتدعيم الاسرة هو من اهم الاستثمارات لمعالجة العنف وهو المقياس لتقدم ورقي المجتمع. التغير التكنولوجي السريع وفقدان السلطة الوالدية سبب الكثير من المشاكل الاسرية التي ادت الى العنف. تدعيم الاسرة يبدأ بالدور الوقائي قبل العلاجي، اي ان تكون برامج ارشاد مكثفة للمقبلين على الزواج وللازواج الشابة لتجهيزهم للحياة الزوجية والوالدية السليمة وتهيئتهم لوظيفتهم الجديدة بهدف تنشئة اسرة صالحة، اذا سادها الحب والتفاهم والتاهيل الكافي لتربية الابناء، ادى ذلك الى اجتناب العنف والانحرافات لديهم. الاستثمار يكون من خلال دورات ارشادية منظمةه من قبل مختصين، محاضرات متواصلة ومواكبة للمراحل التي تمر بها العائلة، زيادة الخدمات النفسية والاستشارية الجماهيرية في مراكز الرعاية والصحة والشؤون الاجتماعية والمؤسسات التعليمية.
ب-الوقاية الاجتماعية- تحسين الظروف الاجتماعية الصعبة التي تعيش فيها الجماعات المعرضة للعنف و الانحراف من خلال توفير بيئة خالية من مسببات العنف. تبين الدراسات ان الحي الذي يسكنه الانسان له دور مهم في التنشئة الاجتماعية، فاذا نشا في بيئه تحترم القيم الاخلاقيه وتهتم بتوفير الموارد واشباع الرغبات والاحتياجات الاساسية لافراد الحي بالتساوي، تهيئ له مناخا يكسبه الشعور بالانتماء واحترام القانون والنظام وعدم قبول السلوك العدواني والعنيف..
ج-مكافحة البطالة وتوفير فرص عمل مناسبة للجميع: البطالة تؤدي الى نتائج نفسية سلبية مثل الاكتئاب والعزلة وعدم القدرة على العمل والانتاج، وذلك بدوره يؤدي الى خلق شخصيه عدوانية مضادة للمجتمع، وقد ظهر ذلك في العديد من الابحاث التي اشارت الى ان الكثير من مرتكبي جرائم العنف ينتمون الى اسر فقيره ويعانون ايضا من حالة البطالة.
ح-استثمار وقت الفراغ للاجيال الصغيرة والشابة وتوفير اطر تعليمية وثقافية وترفيهية متلائمة مع احتياجاتهم ومتناسبة مع هويتهم وثقافتهم العربية والاسلامية، واشغال وقت الفراغ بنشاطات نافعه تعود بالفائدة عليهم وعلى مجتمعهم، كما يجب تشديد الرقابة على المقاهي ومنع صغار السن من ارتيادها.
خ-التدخل السريع والفوري لمنع انتشار الاسلحة والمخدرات بين افراد المجتمع ولمنع تداوله السهل بين الشباب ومنهم طلاب المدارس. تواجد المخدرات والاسلحه في متناول اليد هي امر في غاية الخطورة خاصة لدى الاجيال الصغيرة التي تبحث عن الاثارة والمغامرة.
د-ان يكون تنسيق بين جميع الاطراف المسؤولة عن التربية والتعليم: الوزارة، البلدة، الجهات العلاجية والداعمة، المؤسسات التعليمية، اولياء الامور وكل طرف يمكنه المساهمة في علاج ظاهرة العنف. يجب بناء خطه وقائية وعلاجية طويلة الامد، مع تحديد جدول زمني والبدء بالتنفيذ الفوري. والتركيز بالعمل على الطلاب في المراحل الاولى في المؤسسات التعليمية والتربوية، وتشمل برنامج مراقبة ومتابعة للمضامين التي يتلقاها الطلاب خاصة الصغار منهم، وفحص مدى ملائمتها لجيلهم ولخلفيتهم الثقافية.
ذ-مكافحة العنف المؤسسي عن طريق رقابة ومنع الفساد الاداري والمالي وتبديد الموارد العامة ومحاسبة المتجاوزين كافة دون تفريق، والعمل بشفافية في كل ما يتعلق بحق الجمهور بالمعرفه في القضايا التي تخصهم.
ر-تجنيد وسائل الاعلام المحلية لتقوم بدور ايجابي لتخفيف العنف من خلال التركيز على نشر الاخبار السارة والامور الايجابية التي يقوم بها الافراد او الجماعات، وابراز النماذج الحسنة للشخصيات الايجابية المبادرة والمنتجة وتكريمها ماديا ومعنويا كي تكون محفزا لتقليدها والاحتذاء حذوها. نشر البرامج التربوية المختلفة والهادفة لتصل الى جميع شرائح المجتمع ولتساعد في ترسيخ القيم والنماذج الحسنه بهدف اظهار الجانب الايجابي للمجتمع، والتقليل من المساحة الكبيرة التي تحتلها احداث العنف اليومية التي تؤثر على العقل اللاواعي لدى الافراد وتزيد من المشاعر السلبية والاحباط والمزيد من العنف.
ز- لمكافحة العنف يتوجب تفعيل وتطبيق حازم وعادل لقوانين المجتمع والبلدة على الجميع دون تفريق ودون ان يكون هناك تحيزا للقوي على حساب الضعيف في تطبيق القوانين الرادعة للعنف ودون ان تكون هناك مبررات لبعض السلوكيات العنيفة للبعض بسبب مركزهم او سلطتهم، والا سيؤدي ذلك الى شرعنة العنف واتخاذه كاسلوب ناجع لتحقيق المارب والاهداف وتحقيق القوة والسيطرة.
س-ترسيخ القيم الاخلاقية التي يحث عليها ديننا الاسلامي باعتبارها الرادع الداخلي الاساسي لمنع العنف والسلوكيات الاجرامية والاساءة والاذى. الحث على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يقوم بدرو كبير في تهذيب السلوك والتصدي لجميع اشكال العنف. فان التشريعات والقوانين السماوية والمدنية والانسانية، بغض النظر اذا كنت مؤمنا او ملتزما دينيا او علمانيا، فجميعها اتت لتصنع النظام وتفرض الحدود لتوفر الامان النفسي والجسدي للانسانية عن طريق المكافأة والعقاب لتكافئ المصلح وتعاقب الظالم. وكلما ضعفت الوسائل والاليات الضبطية الرادعة يندفع الانسان لاشباع طموحاته ورغباته بالطريقة الاسهل على حساب الاخرين. فاذا نجح بذلك ولم يلق استنكارا او رفضا او مقاطعة او اي رد فعل يجبره على دفع ثمن مقابل هذا السلوك، سيستمر باستخدام العنف في المرات القادمه حتى يحقق ما يريد. يجب عدم التسليم بالاوضاع غير الامنة كامر مفروغ منه وكاننا لا نملك الحلول. قد يكون تكرار الاحداث العنيفة التي نشهدها بصورة يومية قد اصابتنا بما يسمى ب”تبلد المشاعر” واللامبالاة فاصبحنا نالف مشاهد العنف ونتعايش معها ولا نتدخل لمنعها، وبالتالي سيستمر هذا الوضع وسهولة الحصول على ادوات القتل واستعمالها بالتزايد ككرة الثلج وسيشكل تهديدا خطيرا لسلامة وامن كل فرد في المجتمع.
– وتلخيصا نرى ان العنف ليس قضاءا وقدرا بل هو اختيارا اذا اردنا اجتثاثه من مجتمعنا فعلينا ان نكون نحن المبادرون بان نظهر السلوك السوي بتعاملنا مع بعضنا البعض اذا كنا اباء او معلمين او مدراء او رؤساء او مسؤولين تجاه من هم تحت مسؤوليتنا، وان نمثل القدوة والنموذج الحسن في تعاملنا مع ابنائنا او طلابنا او جيراننا او ابناء بلدتنا او اخواننا، وان نتصدى للعنف ليس بصورة فردية فحسب وانما جماعية وجماهيرية ومؤسسية.
روابط ذات صلة: