أسماء مستعارة عديدة تتردد في مواقع التواصل الاجتماعي، تطرح أراء تتعدى أحيانا حدود النقد النظيف والسقف الأخلاقي للمجتمع، فهل تحتاج هذه الظاهرة الى ضوابط قانونية واجتماعية، كي لا تتحول الحرية الالكترونية الى معول هدام وباب للفوضى، ام ان التدخل فيها يفسد ما يستمتع به أبناء هذا العصر؟.
“الوردة البيضاء”، بحر الهموم، “الحق المر”، “بلا اسم”، “نغمات الحب”، وأحيانا “شمس فلسطين”، وغيرها… أسماء مستعارة عبر المواقع الاجتماعية تزيد يوماً بعد آخر، تبسط نفسها محورا للنقاش وما تحويه من مشاكل.
تصدرت شبكات التواصل الاجتماعي قائمة الوسائل الأكثر والأسرع تأثيراً في المجتمع، ويكاد لا يخلو مكان من كلمة فيسبوك أو تويتر ليبدأ الحديث حول الشائعات والأخبار، وتجدها بمثابة منزل آخر، قد يكون أكثر حرية في التعبير عن الرأي والابتعاد عن ضغوط الحياة والالتزامات العائلية، فالفكرة الأساسية التي وضعت لأجلها مواقع التواصل الاجتماعي هي للتعارف والتواصل بين مختلف شعوب العالم حتى أصبح العالم وبفضل هذه التقنية العلمية والتكنولوجية المتطورة يسمى القرية الصغيرة . ومع الأسف أن هناك من يقلد اسم شخصية مشهورة كداعية أو فنان أو شاعر ويوهم الناس أنه هو نفسه الشخصية المشهورة.
ويلجأ مستخدمو الاسماء المستعارة، للتحدث والنقد بصراحة في شتى المواضيع، أو يرونها وسيلة للتعبير عن شخصياتهم، او من اجل الحذر والفوبيا السياسية، وقد يتخذ البعض الاسم المستعار للتحدث في أشياء محظورة، وقد يتخذها البعض من باب إعجابه بالاسم المُستعار ليس إلا، لكن تسمياتهم تثير الفضول لدى الآخرين، اذ ان أغلب الناس لا يحبون متابعة الأسماء المستعارة، ويرجعون الاسباب الى أن الأسماء المستعارة في شبكات التواصل الاجتماعي، ظاهرة سيئة والأسوأ منها انتحال أسماء الغير للهروب من واقعهم، واستمرارا لخداع أنفسهم بتلك الأسماء والألقاب.
والبعض الاخر من مستخدمي الاسماء المستعارة، يلجأ اليها كقناع مستعار، خوفا من قول الحقيقة في وجه المجتمع، وهي ظاهرة قديمة، والبعض يتحرر من شخصيته الواقعية التي يراقبها كل من يعرفها، ويرى أنه أكثر انطلاقا، ويمرر إنتاجه عبر منافذ ليست فيها مراقبة الفضوليين.
قد تكون اسباب اختيار الاسماء المستعارة ليس نقصاً في الثقة أو ما شابه أحيانا هروب من مجتمع كامل يتصادم مع المغرد، فيختار الطريق الأسلم الاسم المستعار وبالنسبة للمثاليّة فحتّى نكون واقعيين الجميع يحرص على إبراز الجانب الجميل فيه، وإن ادّعى البعض غير ذلك. ولبعض الفتيات العذر الكامل في إخفاء أسمائهن والتخفي باسم مستعار حسب المناخ الذي تترعرعن فيه، لكن ما عذر الرجل!.
مستخدمو الاسماء المستعارة يبررون خطوتهم
وفي حديث لموقع “الطيبة نت” مع بعض مستخدمي الاسماء المستعارة، برروا اتخاذهم هذه الخطوة، بانهم من خلالها يمكنهم التعبير عن انفسهم ونشر ما يريدون، والتعليق بحرية، وفي الوقت ذاته لا يقللون من احترام الآخرين، فيما برر البعض ، بانهم يتخذون الشعارات التي تمثلهم بدلا من اسمائهم الحقيقية، وانهم يكشفون هويتهم لاصدقائهم، وبعض اخر اعرب عن عدم ثقته بالعالم الافتراضي، وان حالة الفوضى والتشكيك في طبيعة وأهداف بعض المواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، دفعتهم إلى استخدام اسم مستعار في فيس بوك وتجنبا لوضع أي من بياناته أو صوره الشخصية.
غالبية مستخدمي مواقع التواصل تنبذ هذه الظاهرة
وفي استطلاع لنا لبعض اراء مواطنين من مدينة الطيبة، ارتأينا الى انه غالبية مستخدمي مواقع التواصل تنبذ هذه الظاهرة، ويرفضونها، اذا ارجع المواطنون هذه الظاهرة الى ضعف الشخصية، وعدم الثقة، ومحاولة التغرير بالاخرين.
مصاروة: يصادفني الكثير من المشاكل بهذا الخصوص
وفي حديث لنا مع المحامي علاء مصاروة، قال :” انها ظاهرة سيئة ومنتشرة بشكل رهيب، ما يدفعنا للبحث عن أسباب اللجوء لها، واستخدام الأسماء المستعارة وغير الحقيقية، لأغراض شخصية، أو لتشويه سمعة شخص ما، أصبحت تقلل من مصداقية الواقع الافتراضي وتجعله يدور في إطار الشكوك”.
واضاف :” كوني محامي اتعامل مع ملفات شرعية يصادفني الكثير من المشاكل بهذا الخصوص، التي انتهت بالطلاق، التي من شأنها ان تؤثر سلبا على الروابط الاسرية والنسيج الاجتماعي”.
ربيع: اجمل اسم للانسان هو اسمه الحقيقي
ورأى الصحفي عمر ربيع هذه الظاهرة منتشرة جدا على موقع التواصل الاجتماعي، لدى مختلف الشرائح العمرية، وهي غير مقتصرة على فئة معينة.
وقال:” حسب رايي هناك عدة اسباب لها، منها موضوعي والاخر غير موضوعي، شخصيا يصلني طلبات صداقة من مثل هذه الاسماء، لكنني لا اوافق عليها لانني اسعى ان بان يكون عالمي افتراضي حقيقي قدر الامكان”.
وتابع:” الا يعتبر هذا كذبا؟ ان يكون اسمك فلان، فتدخل للموقع الالكتروني ويسالك من انت فتجيب الملاك الابيض؟؟ هذا كذب وخداع”.
واوضح ربيع:” انا اشبه الاسماء المستعارة والصور الوهمية على الفيسبوك بشخص متلثم على ارض الواقع، برايي اجمل اسم للانسان هو اسمه الحقيقي، وبحال كانت نية هؤلاء الاشخاص سليمة فلا حاجة للتنكر والاختباء وراء اسماء مستعارة، ولكن هذا هو حال مجتمعنا، فوسائل الاعلام على اختلاف انواعها تعتبر مرآة المجتمعات، ونحن نعيش في مجتمع من النادر ان يظهر المرء على حقيقته في الواقع، وهذا ينعكس ايضا على مواقع التواصل الاجتماعي بالتلون واستعمال اكثر من وجه.
حاج يحيى: على الجميع ان يعي مخاطرها
وقال السيد مهند حاج يحيى:” هذه ظاهرة غير مقبولة، ويجب على الجميع ان يعي مخاطرها، قبل ان يتجاوب مع هذه الظاهرة ما المقصود منها”.
واردف قائلا:” إن فكرة المواقع الاجتماعية، قائمة على التعارف، والبحث عن أصدقاء وزملاء الطفولة أو الدراسة، لذلك من المفترض على أي شخص أن يضع اسمه الحقيقي ليساعد الآخرين على رؤيته بسهولة، إضافة إلى أن استخدام أكثرية الشباب أو الشابات لأسماء مستعارة يشوه الهدف الحقيقي من التواصل عبر الإنترنت، ولا يوجد تبرير إيجابي لذلك، لأن من يهرب من الكشف عن شخصيته الحقيقية، يضمر الشر للآخرين ويخاف من التورط من ما يخفيه . ويشير إلى أن هذا الأسلوب فقط متبع في بعض المجتمعات الشرقية المحافظة التي ما زالت ترفض استخدام أبنائها للإنترنت .
وختم حديثه بالقول:” وما أروع أن يمارس الإنسان فعله وعمله بوضح الشمس.. بشخصيته الحقيقية فهذا أفضل مع الاحترام لكل من اختار اسمًا وهميًا أو صورة رمزية أو تعبيرية”.
عوض: يجب محاربة هذة الظاهرة
وقال الشاب ادهم عوض:” يجب محاربة هذة الظاهرة المنتشرة في الآونة الأخيرة،وخصوصا في بلدتنا، وتقديم شكوى في الاقسام المسؤولة في شبكات التواصل (الفيسبوك)، واذا لزم الأمر، يتوجب تقديم شكوى لدى أجهزة الشرطة، وهذا عندما تكون صفحة قد تعدت على خصوصيات غيرها ومست به وحتى انه وصلت للتهديد على مجرى حياته”.
نصيرات: لا يمكن اطلاق الحكم على هذه الظاهرة
اما السيد ممدوح نصيرات قال:” انتشر القول بين فقهاء المسلمين: الحكم على الشيء فرع من تصوره ، واذا دققنا النظر فيمن يلجأون الى هذه الوسيلة. نجد منهم شباب او شابات هدفهم خداع الطرف الاخر او تشويه الاسم المستعار المستخدم. وكذا نجد منهم شباب وشابات منعوا من صاحب امرهم من دخول الفيسبوك، فيلجأون الى الاسم المستعار تجنبا للمشاكل مع ذويهم او ازواجهن او غيرهن”.
ونوه قائلا:” فلا يمكن باطلاق الحكم على هذه الظاهرة. فأن استعملت لغاية حسنة كانت ايجابية، وان استعملت لغاية سيئة كانت سلبية. ولكن هذا مضبوط بأن صاحب المستعار يعلن ان اسمه مستعار والا كان خداعا”.
حاج يحيى: طالما لا تخضع مواقع التواصل الاجتماعي للرقابة
وبدوره قال الشاب محمود حاج يحيى:” ان ظاهرة الاسماء المستعارة والصور الوهمية، هي ظاهرة طبيعية وعادية، وبإمكان اي شخص ان يستخدمها، طالما لا تخضع مواقع التواصل الاجتماعي للرقابة، ما يتيح الحرية امام مستخدميها بالتصرف كيفما يشاؤون وبانتقاء الاسماء بدون التحقق من صحتها، ولذلك فاننا نرى ان الكثيرين من الاشخاص لا يجدون اي مشكلة بانشاء حساب يحمل اسماء وهمية بدون اي عائق”.
عبد القادر: لم اجد سبباً مقنعاً او ربما دافعاً يجعل هؤلاء المستخدمين باستعارة القاب
واعربت الشابة ايمان حسين فاسم عبد القادر، عن رأيها قائلة:” ما نكتبه وما نتصرفه ما هو الا مرآه تعكس ما يجول بخواطرنا.
الاسماء المستعارة المسخدمه في شبكات التواصل الاجتماعي اصبحت ظاهره منتشره جدا قد تثير غضب الكثير من المستخدمين، بالاضافه لاثارة السخرية لاخرين”.
ومضت تقول:” لم اجد سبباً مقنعاً او ربما دافعاً يجعل هؤلاء المستخدمين استعارة القاب واسماء ما هي الا قبيحة، نعم ادعي انها قبيحة ومستهترة لدرجة انها تثير الغضب والاستهتار بالاشخاص اللذين يُرسل اليهم طلب من “حافي بزمن كله كنادر” ، “دمعة حزن” “سوسو الجميلة”، “القلب المكسور”، وغيرها العديد من الالقاب عدا الالقاب العبرية التي لا معنى لها، وما هي الا دليل على جهل هؤلاء المستخدمين والمستخدمات اللذين يريدون اخفاء هويتهم لاهداف لم ادركها بعد، لربما يهابون من ابداء اراءهم بصراحه، او لمراقبة الناس، او يفضلون التعامل مع الاخرين كاشخاص مبهمين لاختبارهم بامور ما”.
واوضحت عبد القادر:” حقاً حاولت ايجاد اجوبة لتلك الظاهرة لكن لم اجد سببا واحدا يعزز او يدعم هذه الظاهرة، لا بد من ازالة الاقنعة والظهور بثقة كاملة امام الجميع، “شات” التواصل الاجتماعي هي وسيلة للتواصل وليس هدف لاستهداف الاشخاص وملاحقتهم، ادعو جميع الناس باستعمال شبكات التواصل الاجتماعية واستغلال هذا المنبر لكل غرض منفعي واجتماعي من الممكن والمنطقي مشاركته مع الاخرين من تقارير والنقاش في احداث وامور اجتماعية والاعلانات ذات المنفعة على الجميع ، اضافة لما ذكرته سابقا وجب علي التحذير والتنويه بالاستعمال الصحيح وعدم الكشف عن الامور الخاصه التي لا منفعة للاخرين بمعرفتها خلال هذه الوسائل واستعمال تلك الوسائل للاغراض المعدة لذالك”.
حاج يحيى: ظاهرة ايجاز غير شرعي
وقال الشاب امير حاج يحيى:” هي ظاهرة ايجاز غير شرعي للشخص الذي يستعير اسم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بطرح افكار او مضمون او عبارة وينسبها لغيره ليتعاطى معها بشكل انتقائي مستغل وليس مبدأي اصيل فيلصقها بغير حق، هذه الغاية الاستغلالية الدنيئة لا تعتبر الا انتحال وسرقة يجب حدها من منطلق شخصي”.