قتل النساء إرث جاهلي ترفضه كل الديانات – 6 جرائم منذ مطلع العام 2016!
حالة من الحزن الشديد تسود المجتمع العربي في الداخل، في اعقاب العنف المستشري وجرائم القتل المتواصلة، والتي كان آخرها مقتل المأسوف على شبابها، دعاء ابو شرخ (32 عامًا) من سكان مدينة اللد، مساء يوم الجمعة الاخير.
جريمة جديدة تغتال الامومة، امام فلذات كبدها، لتضاف الى سابقاتها، اذ قتل منذ بداية عام 2016 حتّى هذا اليوم، ست نساء وهنّ: الشابة رنين رحال (19 عامًا) من الزرازير، سميرة اسماعيل (40 عامًا) من المغار، ميرفت أبو جليل (40 عاما) من شفاعمرو، سلام عبدالله (47 عامًا) من كفرياسيف، آمنة ياسين (35 عاما) من طمرة، ودعاء ابو شرخ (32 عامًا) من سكان مدينة اللد.
هذا وفي اعقاب الجريمة الاخيرة، التي هزت المجتمع العربي في الداخل رجالا ونساء، بدأت أصداء الأصوات، ترتفع مطالبة بالحلول الجذرية للحد من جرائم قتل النساء والفيات على خلفيات مختلفة!
فمثل المغدورة دعاء، هنالك شريحة كبيرة من الفتيات والنساء، تُرتكب بحقهن، خفية وعلانية، جرائم منافية لأبسط معاني الإنسانية، سواء التعنيف الكلامي او الكبت والحرمان، والتعنيف الجسدي كالضرب والذي يصل الى حد القتل، كم من ضحية غفت ليلتها تحصي جراحها وتضمض ندباتها، دون ان يعلم بها احد!
انه واقع حياة النساء المعنفات، المهددات والهاربات من الأحكام المسبقة، من العنف بأنواعه، ومن محاولات قتلهن، وإنزال العقاب بهن، لمجرد ان ظن بها شخص فخول نفسه قاضيا وجلادا بلا محاكة!.
من المسؤول عن تواصل افات الجاهلية!
جرائم القتل، ليست الا ارث جاهلي ترفضه كل الديانات، العادات الجاهلية هي التي أباحت وأد البنات وتقف وراء الموروث الذي لا يزال يحكم مجتمعنا، فجرائم قتل النساء هي جرائم صامتة تبدأ من العنف الأسري. الذي يبدأ بتفضيل الحمل بالذكور، على الاناث، في مجتمع يفرح للجنين الذكر وينتكس بالجنين الانثى، يتبعه الفرق في تربية الذكر والانثى، من حيث التعامل والمسموح والممنوع، حتى التخطيط للمستقبل… والى اخره!
ازدياد حدة العنف الجسدي والنفسي في الحيز العام بمجتمعنا الفلسطيني
كشف التقرير النصف سنوي للعام 2016، الصادر عن جمعية نساء ضد العنف – مركز مساعدة ضحايا العنف الجنسي والجسدي، المستقى اعتمادًا على توجهات لنساء وفتيات، عن ازدياد حدة العنف الجسدي والنفسي في الحيز العام بمجتمعنا الفلسطيني في الداخل، كاستخدام السلاح، القتل، والتجارة بالمخدرات وبذلك نرى انعكاس هذه الآفات على وضع النساء في المجتمع العربي، من حيث تفاقم أنواع العنف الموجه ضدّهن لأنّهن نساء أولاً، ومن ثم كأقلية فلسطينية تعاني من تمييز ثلاثي الأبعاد ثانيًا، فأكثر من 30% من التوجهات التي وصلت المركز، عبّرت النساء خلالها عن خوفهن من القتل بسبب انتشار السلاح في أرجاء المحيط القريب خاصةً من قبل الزوج في البيت، بالإضافة إلى بعض التوجهات التي كشفت عن العنف النفسي الذي تتعرض له المتوجهات النساء من قبل عائلة الزوج وعائلتها، فالعنف النفسي معاناة تتعرض له كل امرأة في مجتمعنا لأنها انثى، من خلال تمييز وعنصرية واستضعاف لقدراتها وانتهاك حقها بالعيش حياة كريمة، ليخدم مصالح الذكورية ويحافظ على الثبات القمعي بين الفئات المختلفة في مجتمعنا، لذلك علينا كأفراد أخذ مسؤولية للحد من هذه الظواهر والبدء من نقطة الانطلاق وهي ذاتنا وتغيير تلك الآراء المسبقة التي تهيمن عليها آراء خاطئة، مزيّفة، وغير عادلة”.
نسبة التأييد المرتفعة لجرائم قتل النساء في أوساط الشبيبة، بلغت 55% من المستطلعة آراؤهم
وكان قد اجرى مشروع مناهضة قتل النساء المشترك بين جمعيتي الشباب العرب “بلدنا” و”كيان – تنظيم نسويّ”، مسح لاراء الشباب ضمن 393 استمارة لشريحة تتراوح أعمارها بين 13-19 عامًا، ضمن 9 مناطق وهي المغار، عرابة، دالية الكرمل، أم الفحم، الطيبة، الطيرة، باقة، كفر قاسم واللد، وأشارت نتائج المسح، إلى نسبة التأييد المرتفعة لجرائم قتل النساء في أوساط الشبيبة، بلغت 55% من المستطلعة آراؤهم، فيما أيد 52% منهم جرائم القتل على خلفية ما يسمى “شرف العائلة”، وقالوا إنها وسيلة للحفاظ على”مجتمع صالح”، فيما قال 78.6% من المستطلعة آراؤهم إنهم سمعوا عن فعالية أو نشاط لمناهضة العنف ضد النساء و55% تقريبًا شاركوا في فعاليات كهذه.
9 جرائم في سنة 2015، 4 منهن في شهر
وارتفع عدد جرائم القتل ضد النساء في العام 2015، بشكل حاد، اذ سجل حتى تسع جرائم بحق نساء عربيات “الاكثر منذ عشرة سنين”، بينما في سنة 2014 سحلت 6 جرائم، وفي سنة 2013 سجل 8 جرائم، وفي سنة 2012 جريمتين اثنين، وفي سنة 2011 ست جرائم وفي سنة 2010 ست جرائم ايضا. من المعطيات نستنتج ان العنف بكل انواعه وجوانبه في المجتمع العربي تصاعد وازدادت خطورته فلم يعد يفرق القاتل بين امراة ورجل طفل ومسن معلم او مدير، الكل اصبح مهدد تحت حد السيف، لكن مع ذلك لم نر اي فعاليات او هبات تنادي في ايقاف العنف، الا بضع احتجاجات هزيلة من الجانب النسائي ومن الجانب العام بشكل عام، فعلى سبيل المثال جريمة المربية سهى منصور رحمها الله، في مدينة الطيرة قبل عام، والتي كانت فاجعة على المجتمع العربي وخاصة على شريحة النساء. على اثر ذلك دعت ناشطات من حقوق المرأة لاحتجاجات على دوار الطيرة. لكن في ذلك الحين كان الحضور هزيل جدا ولم يتوقع العدد الذي حضر.
من اين يبدأ العنف
المعطيات المقلقة المذكروة اعلاه، تحتم علينا كمجتمع بكامل مركباته، من اسر وبلدات وسلطات محلية، وقيادات قطرية باعداة هيكلة سلم واولوياتنا، من اين يبدأ العنف!.
من السؤول!
عزا العديد من المواطنين تفشي ظواهر العنف وتصاعد نسب الجريمة الى فشل الاسر في تأهيل ابنائها، واخرون اشاروا الى فشل جهاز التربية داخل المجتمع العربي، الذي خلق لدينا عنفا وإجراما، فيما وجه اخرون اصابع الاتهام نحو الشرطة، مطالبينها القيام بواجبها من حيث جمع السلاح غير المرخص وحل ألغاز جرائم القتل، ومعاقبة الجناة، لا ان يتم اعتقالهم ومن ثم إطلاق سراحهم وكأنهم لم يقترفوا اي عمل جنائي وخطير، مشيرين الى انه لا توجد بأيديهم أدوات لمواجهة العنف والجريمة، ومن يجب ان يحافظ على القانون والنظام هي سلطة القانون!.
والسؤال الذي يستوجب طرحه، ألم تكن هناك أي وسيلة لمنع القتل؟! لمنع الجريمة الفحشاء؟ لماذا تخلق الشرطة وسائل متنوعة لمنع عمليات امنية؟ لماذا فشلت سلطة فرض القانون بالتصدي لظاهرة قتل النساء !، لماذا هذا التقاعس؟ .
وتُفيد المعطيات عن جرائم القتل في الوسط اليهودي أنّ الشرطة تتمكن في أقل من 24 ساعة من كشف أي جريمة قتلٍ تعرضت لها امرأة يهودية، لكنها تُصبح “عاجزة” عن كشف الأدلة حين تقتل النساء العربيات. وتكشف المعطيات أيضًا أن الشرطة الإسرائيلية نجحت في سنة 2010 في إلقاء القبض على 10 يهود قتلوا نساءهم، وفي الوقت ذاته أفلحت الشرطة في القبض على متهمين فقط بالقتل، من بين حوادث قتل 10 نساء عربيات، على يد عشرة رجالٍ مِن العرب.
ماذا تفعل القيادات العربية؟
السكوت على هذا الوضع هو نفاق ورياء من قبل المجتمع الذي يدين وينتقد الظواهر السلبية، ويدين القتل ولا يبادر بحلول جذرية، لتغيير مفاهيم بدائيّة، وهنا يطرح السؤال: ماذا تفعل القيادات العربية؟ لماذا لا تحمل مشروعًا متكاملًا لشعبها ومجتمعها، يتبنى حملات توعوية في إطار إستراتيجية سنوية متواصلة؟.