مخطئ من يظن ان مطالبنا، نحن العرب في هذه البلاد، باتت تتعلق فقط بالحصول على حقوق مدنية … في هذا المطب وقع عدد من النواب العرب الذين راحوا ينشطون “بالمفرق” خدمة للمواطنين فرادا.
الغالبية الساحقة من الحقوق المدنية ستتحقق من تلقاء نفسها عند احقاق الحقوق القومية والوطنية…
من اجل تنفير اوسع شريحة من المجتمع العربي في البلاد عن المطالب القومية والوطنية، عملت أدوات السلطة بصورة مدروسة ومتقنة وعلى مدار سنين على اقناع المواطن العربي بأن هذه المطالب ليست سوى شعارات رنانة ومزايدة جوفاء لا تخدم ابن الطيبة او الناصرة وانما تخدم ابن رام الله، وانه حري به ان ينتبه الى نفسه بدلا من اضاعة جهده في نضال عبثي يصب في مصلحة سلطة فلسطينية فاسدة لا تجيد استثمار تضامن الاخرين مع الشعب الفلسطيني.
والغريب في الامر ان بعض النواب العرب بلغوا حد الانخراط في هذه الحملة بعد ان تعبوا من مواجهتها، معتقدين أنه طالما الغاية هي ارضاء المواطن لكسب صوته الانتخابي، فلا فرق لديهم في ارضائه بتعبيد شارع او نصب شارات ضوئية قرب بيته بدلا من العزف له على وتر الوطنية الذي تراخى مع مر السنين واصبح ذا صوت مزعج.
لقد بات النائب قبل المواطن يرى بالحقوق القومية عبئا ثقيلا صعب المنال ناهيك عن ان نيل الحق المدني للفرد العربي بات يبدو في متناول يد كل من يسعى اليه.
اول من تلقف بلهفة هذه الحملة العنيدة الرامية الى نزع الشرعية عن النضال الوطني واستبداله بنضال من اجل لقمة العيش او من اجل مستحقات التأمين الوطني، كانوا شبه المثقفين الذين رأوا بهذا النهج مطابقا لسعيهم الازلي للتقرب من المؤسسة الرسمية وكسب ودها لضمان وظيفة رفيعة هي اصلا حق لهم بموجب القانون. فأصبحنا نسمع في هذا السياق “المسقف” العربي المحلي يردد تعابير تبدو راقية فيصر عليها مثل “البرغماتية”… وهي في الحقيقة تعتمد على تحريك الانانية في نفس كل منا، وصرنا نسمع هؤلاء يترجم من العبرية: لماذا يثابر النائب العربي من اجل حقوق ابن رام الله وينسى حقوق من انتدبوه وانتخبوه من المواطنين العرب ليمثلهم في الكنيست؟