صور: كيف أصبح كفيف رئيس تنفيذي لشركة مقاولات أمريكية كبرى؟

أحيانا يتساءل الإنسان ما هي الحقيقة؟ هل هي شيء واقعي يمكن تحسسه، أم أنها أمر يعود إلى الذات وما يمكن أن تشعر به؟! في كل الأحوال فإن أقوى التصورات حول الحقيقة، هي أنها شيء نصنعه نحن بأنفسنا ولا يتعلق ذلك بأي تصور خارج ذواتنا! فهي ببساطة ما يمكن أن ننشئه في عقولنا ونعتقد به ونكافح لأجله.b3e97b48-9b0a-40d4-b092-688047c5cde1
هذه الحكمة توصل إليها اسحق ليدسكي، وهو رئيس تنفيذي لإحدى الشركات الكبرى في فلوريدا، أصيب بالعمى بعد تخرجه من الجامعة، ليكتشف أن ذلك ليست نهاية المطاف، فالحياة هي ابتكار الإنسان.

الخوف يعطل الرؤية
يؤكد ليدزكي أنه تعلم من خلال تلك الظروف المفاجئة التي مرّ بها أن تصورنا عن الأشياء دائما يعود إلينا فنحن الذي نقرر كل شيء. هل نفشل أم ننجح، وكيف ندير أمورنا؟
ويوضح: “أن أكثر ما يهزم الإنسان ويمنعه من (الرؤية) هو الخوف الذي يعطله من تلمس حقيقته الذاتية”. “فالإنسان الناجح لا يخلق الأعذار كما لا يتخوف من الإقدام”
فالمبدع الحقيقي – بنظره – “هو إنسان قادر على خلق حقيقته الذاتية، تصوره للحقيقة”. وفي محاضرة قدمها ليدسكي ضمن سلسلة محاضرات “تيد” يفاجئ الحضور بأنه لا يبصر، حين يتكلم عن 5 أمور في حياته، أن أحدها غير صحيح والبقية صحيحة، ثم يطلب منهم أن يحددوا ما هو المزيف، فيشيرون إلى البند الرابع، أنه فقد بصره، ليسحب من ورائه عصاه المطبقة، يفردها وسط ذهول الجميع.
وتعتبر منصة “تيد” ميدانا للمفكرين والفاعلين في مجالات التفكير والابتكار حيث يعرضون خبراتهم في كافة شؤون الحياة وتطوير القدرات البشرية وهم يتحدثون عن التكنولوجيا والترفيه والتصميم والعلوم، والأعمال التجارية، والفنون والقضايا العالمية، وأكثر من ذلك بكثير.

التفكير الحقيقي ينبع من تصوراتنا!
ولد إسحاق ليدسكي في 30 يوليو 1979 بميامي في فلوريدا بالولايات المتحدة، وتلقى تعليمه بكلية هارفارد للحقوق بجامعة هارفارد قبل أن يواجه مشكلة فقدان البصر، التي جعلته يغير نظرته للحياة بشكل عام ولكن بطريقة إيجابية بحيث أعاد التفكير في مفهوم “الرؤية” ماذا تعني؟ ليكتشف أن التفكير الحقيقي والابتكار ينبع من تصوراتنا حول الأشياء.
بالتالي استطاع أن يعيش في عالم بديل وواقعي ويحقق فيه تميزه ويشعر بالسعادة، والرجل متزوج وأب لأربعة أطفال ويقول إن حياته الزوجية ومع أبنائه سعيدة جدا.
الآن فإن ليدسكي هو محاضر ومؤلف بالإضافة لعمله الرئيسي في شركة “أو دي سي” للمقاولات، وقبلها عمل مذيعا في قناة “ني بي سي” وفي المحكمة العليا الأميركية وعمل بها وهو أعمى.

كيف تقود شركة مقاولات كبرى وأنت أعمى؟!
مع شركة “أو دي سي” للتشييد استطاع أن يوظف فكره لبناء آلاف المنازل، ويقول إنه يركز على السمع وليس البصر في تلمس حاجيات الزبائن وفي فهم أفراد العمل في الشركة التي باتت من الشركات الناجحة بفضله.
وفي سنوات مبكرة من حياته، كان ليدسكي قد أسس شركة في مجال إعلانات الإنترنت في عام 1999 ثم تركها لاحقا، وفي صباه أدى أدوارا تمثيلية في التلفزيون أشهرته بعض الشيء.
ويقول عن تجربته مع العمى عموما: “إن ما نراه في العادة ليس هو حقيقة العالم، كذلك ليس هو الحقيقة المجردة، إنما هو حقيقة فريدة وشخصية، هي من صياغة عقولنا. لهذا فإن الرؤية تتعلق بمشاعرنا وما نرغب فيه. وهذا ما يحقق أسلوب التعامل مع فقدان البصر”.
ويضيف: “إن الإنسان يخلق حقيقته ويؤمن بها، وأن البصر ليس إلا واحدة من أنماط تشكيل الحقيقة وليس كل شيء. وأن المشاعر التي نحملها هي التي تدعمنا، فإذا سيطر علينا الخوف نكون عاجزين عن رؤية أي شيء حتى لو كنا سليمي البصر، وهو كذلك – أي الخوف – يعطل اتخاذ القرار الصحيح”.

ماذا يحدث إذا فقدت بصرك؟
يقول ليدسكي: “عندما فقدت البصر كنت أعلم أنني سوف أعيش حياة منزية ووحدي، لكن أدركت أن ذلك قرارا شخصيا، إذ يمكن لك أن تتكلم وتتدرب وأن تركز في كل كلمة وكل تفصيل مع التخلي عن الخوف ومواجهة المتاعب لتكون أنت بغض النظر عن العمى”.
ويشير إلى الأديبة الأميريكة هيلين كيلر في مقولة لها “إن ما هو أقبح من العمى.. أن تكون سليم البصر لكنك تفتقد للبصيرة”، مستندا على ذلك في التأكيد بأن العمى هو الذي منحه البصيرة. ويقول في النهاية: “أتمنى أن تشاهدوا ما أشاهده”.

Exit mobile version