الغريب العجيب اننا نوزع الأوسمة والشهادات يمينا ويسارا لكل من يرغب !وكأننا نصبنا أنفسنا قضاة وحكام على الناس؟ .
فأصبح الظالم تارك الصلاة شهيد ! وهذا وطني قتل شهيدا ، وهذا بطل شجاع مقدام قتل على موائد الخمرة والقمار ، وذاك المجرم تاجر المخدرات …قتلته عصابات الأجرام فهو شهيد، واخر فاسق ملحد يحارب شرع الله ، حكم عليه بالاعدام منحناه شرف لقب شهيد…؟! وهذا قائد مسلم قتله الكفار ظلما وعدوانا … لا يستحق الوسام أنه ليس شهيد ! .
وفجأة خطر ببالي قول الله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}. واليكم قصة تعلمنا الدروس والعبر ، حيث روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: هذا من أهل النار، فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالا شديدا فأصابته جراحة فقيل : يا رسول الله، الذي قلت له إنه من أهل النار، فإنه قد قاتل اليوم قتالا شديدا وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إلى النار، قال: فكاد بعض الناس أن يرتاب فبينما هم على ذلك إذ قيل إنه: لم يمت، ولكن به جراحا شديدة ، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله، ثم أمر بلالا فنادى بالناس وقال : إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر !. وقد يقول قائل تحيرنا كثيرا اذا هذا الفارس الشجاع ليس بالشهيد، فمن يا ترى هو الشهيد بحسب اسلامنا الحنيف ؟. نقول وقد توكلنا على الله بأنه يطلق لقب الشهيد في الإسلام على من يقتل أثناء حرب مع العدو، سواء كانت المعركة جهاد طلب أي لفتح البلاد ونشر الإسلام فيها، أم جهاد دفع ،أي لدفع العدو الذي هاجم بلاد المسلمين . فالشهيد من مات من المسلمين في سبيل الله دون غرض من الدنيا. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” ما تعدون الشهيد فيكم ، قالوا يا رسول الله: من قتل في سبيل الله فهو شهيد ! .
قال رسول الله: إن شهداء أمتي إذا لقليل ، قالوا: فمن هم يا رسول الله ، قال رسول الله : من قتل أو مات في سبيل الله فهو شهيد،ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد .ومن مات غريقا أو محروقا فهو شهيد ” . وهناك فئة من الشهداء جاء ذكرها في الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد “.وللشهيد عند ربه ست خصال جاءت مبينة في حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله: “للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دُفعة ،ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويُزوج اثنتين وسبعين من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه ـ وفي لفظ ـ من أهل بيته”. رواه الترمذي. ومسك الختام اليكم طائفة من أقوال العلماء في أسباب تسميته بالشهيدً :
1. لأنه حي، فكأن روحه شاهدة أي حاضرة.
2. لأن الله ورسوله وملائكته يشهدون له بالجنة. وكأنه يشْهَد (يرى) عند خروج روحه ما أُعدّ له من الكرامة في جنات النعيم .
3.لأنه يشاهد الملائكة عند احتضاره ، و يُشْهَد له بالأمان من النار.
4. لأن ملائكة الرحمة تشهده عند موته .و تشهد له بحسن الخاتمة. اللهم اننا نحتسب قتلاتنا من الشهداء في سبيلك ، فأكرمهم بالمغفرة والرحمة واجعل مثواهم الجنة !.