الجزء الثاني- اسلامنا بريء من التفجيرات الارهابية وقتل المسلمين في اسطنبول، بقلم الشيخ ابو عكرمة الطيباوي
إنَّ الحدث الإجرام الارهابي الأليم والتفجيرات المدمِّرة التي حدثت في تركيا في مدينة اسطنبول ، والذي ازهق عددٌ من الأنفس، والأرواح والضحايا، وسبب الأضرارٌ الهائلة ، ففيه العدوان الظالم والفساد في الأرض ،وحصلت الأضرارٌ العظيمة.
هذا الاجرام الجبان السفيه، يعتبر مخالفاً للدِّين الإسلامي الحنيف، في غاياته وأهدافه السامية وآدابه الحميدة .! ان المتأمَّل بما قام به منفِّذوا هذه الجرائم البشعة الجبانة، ليقشعر جسده من هول بشاعة الجريمة: أطفال يُتِّموا، ونساء رملن، وأرواح أزهقت، وقلوب روِّعت، وأموال أُتلفت، فأين الرحمةُ بالمسلمين !.
قد يقول قائل بأن هذه التفجيرات هي جهادية في سبيل الله والمقصودُ بها ضرب وحماية الإسلام والمسلمين من اعتداء الظالمين عليهم. إنَّ اتّخاذَ وسيلةِ التّفجيرِ والتّدميرِ والتّخريبِ والاغتيالِ يخالفُ قواعد شّرعنا الآمر بوجوبِ المحافظةِ على: (كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه، وماله، وعرضه)، ومخالف للهدي النّبويَّ، حيث كان صلّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يوصي المجاهدين بوصايا أخلاقيّةٍ كالوفاءِ بالعهدِ، وعدمِ الغدرِ، وينهى عن قتلِ النّساءِ والشّيوخِ والصّبيانِ.
وتمعن معي في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً).وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه غُفر لرجل بسبب رحمته لكلب رآه يأكل الثرى من شدَّة العطش، فنزل بئراً فملأ خفَّه ثم أمسكها بفيه فسقى الكلبَ فشكر الله له فغفر له ، فانظر إلى هذه الرحمة العظيمة التي دعا إليها الإسلام !. وانني سأبين واركز على ما جاء وأخبرنا به اسلامنا:
1)في الإسلام تحريم قتل الأنفس المسلمة المعصومة بغير حقٍّ ، فكم من المسلمين قُتلوا في هذه الجريمة البشعة الجبانة ، قال الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ } الإسراء:33.
2)نهىٌ إسلامنا الحنيف عن تخويف وترويع المسلمين، َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا ). وكم من مسلم رُوِّع وفزِع وفُجِع في ليلة اسطنبول .
3) إسلامنا نهي عن حمل السلاح على المسلمين ،عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا) ، في هذه الجريمة إلقاء للمتفجِّرات المهلكة والأسلحة المدمِّرة، والقتل في أوساط المسلمين .
3) إِذَا أَمَّرَ رسولنا المختار أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا وَلَا صَغِيرًا وَلَا امْرَأَةً) ، وفي هذه الجريمة لم يُفرَّق بين صغير وكبير، ولا رجل ذكَر او امرأة أنثى، بل ذهب ضحيَّتها من الكبار والنساء .
4) إسلامنا يحرمُ الاعتداء على ممتلكات الناس وتدميرها ، عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال النَّبي صلى الله عليه وسلم : (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا). وهؤلاء الجُناة المعتدون قتلوا المسلمين ودمَّروا الممتلكات والمساكن، وأتلفوا الأموال وارعبوا البشر .
5) نهى رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم عن ارهاب الناس ليلاً ،عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن رمانا بالليل فليس منَّا ) ، وهؤلاء تخيَّروا جنح الليل المعتم ، لتنفيذ جريمتهم الحقيرة وفعلتهم الشنعاء الاجرامية.
ومسك الختام فإنَّ إسلامنا رحمة ورفق للعالمين ، بقواعده المتينة العظيمة، وبارشاداته وتوجيهاته المتألقة، يعلمنا يقينا أنَّ الأعمال الإجرامية محرَّمةٌ في شريعتنا ،ولا يُقرُّها ديننا الحنيف .
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} سورة هود:88.
اللهم ارحم واغفر لكل مسلم ومسلمة قتل في تفجيرات اسطنبول، وأدخله برحمتك جنات النعيم ! اللهم امين.