المجزرة الكيماوية وجوقة التصفيق، بقلم: ناضل حسنين
بعد ان سقط أكثر من مائة مواطن من أهالي بلدة خان شيخون في محافظة ادلب في سوريا، اهتز العالم من جديد على صراخ الضحايا وذويهم بلا حول ولا قوة يستنجدون لإنقاذ صغارهم من غاز تسرب الى الرئتين وراح يغلق قصبة الحياة… اهتز العالم لمرأى الأطفال وهم يشهقون بصعوبة وبتتابع رهيب بحثا عن جرعة اكسجين تبقيهم بين الاحياء. مشاهد لا يحتملها عقل بشري لفظاعتها… مشاهد تدفعك الى لعن السلطة والأوطان جميعها إن كان هذا هو ثمنها.
ولكن وقبل توجيه أصابع الاتهام الى جهة دون غيرها، دعونا نستعرض المشهد من كل جوانبه حتى لا تغرر بنا حماسة فضائيات ولا ثرثرة كارهين وحتى لا نقع في مصيدة خديعة ما فنصدر احكاما اعتباطية.
• الكل قرر ان المسؤولية تقع على عاتق القوات الحكومية السورية، قبل ان يتم التحقيق في الامر من قبل لجنة فنية محايدة.
• واشنطن سارعت الى قصف مطار “الشعيرات” في محيط حمص لتقطع الطريق على المطلب الروسي المطروح امام مجلس الامن بتشكيل لجنة تحقيق توفر الاجابة الشافية عن مسؤولية هذه الجريمة.
• منذ اللحظة الاولى لوقوع الجريمة صاحت اسرائيل والسعودية وبقية افراد الجوقة ان “النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي”… هكذا وبهذه البساطة، وقبل حتى ان يعلموا كم عدد المصابين…لديهم قدرات يحسدون عليها في “معرفة الحقيقة” دون حتى وصول موقع الحدث.
• ليس من باب الدفاع عن بشار الاسد في هذه الحالة، بقدر ما هو ايمانا مني بأن الاسد آخر من سيستخدم السلاح الكيماوي في الظرف الحالي. فقد سبق يوم هذه الكارثة أي يوم الثالث من الشهر الجاري، تصريح للمندوبة الامريكية في مجلس الامن نيكي هيلي وكذلك نائب الرئيس الامريكي مايك بنس، مفاده ان ازاحة بشار الاسد عن سدة الحكم في دمشق، لم يعد هدفا من اولويات واشنطن. ذات التصريح صدر عن لندن وباريس وغيرها من العواصم الغربية، وهو تحول هام في نظرة الغرب الى بشار الأسد وهو مكسب تمكن منه الأسد بعد ست سنوات من التصميم والعناد. ولهذا من غير المعقول ان يقصف في اليوم التالي الطيران الحكومي السوري مواقع بالسلاح الكيماوي، لينسف أولا المكسب السياسي الهش الذي حظي به الرئيس الأسد عشية ذلك.
• الخسارة الميدانية التي بدأت تتكبدها مؤخرا قوات المعارضة المسلحة بالتحالف مع “جبهة النصرة”، عززت موقف الحكومة السورية على طاولة المفاوضات في استانا وفي جنيف، ولهذا فإن استخدام السلاح الكيماوي في هذا الظرف بالذات، برأيي، يعود بالفائدة اولا وأخيرا على المعارضة وحلفائها من الفصائل الجهادية، لينقذها من ضعف مواقفها الميدانية وحول طاولة المفاوضات، من اجل تأليب الرأي العام الدولي ضد دمشق لإجهاض انتصاراتها الميدانية وابتزازها على طاولة المفاوضات بتوريطها باستخدام السلاح الكيماوي.
• النتيجة تشهد على ان هذا السيناريو بالفعل تحقق فقد قصف ترامب سوريا بينما لا زلنا ننتظر تقرير لجنة لتحقق في تفاصيل الجريمة والاشارة الى من ارتكبها.
• روسيا بمخابراتها واجهزة رصدها الجوية تقول ان الطيران السوري قصف خان شيخون ولكن بقذائف تقليدية…وان مستودعات الذخيرة التي قصفها الطيران السوري كانت على ما يبدو تحتوي على ذخيرة كيماوية. وتضيف الاستخبارات الروسية ان هذه الذخيرة تم احضارها من العراق. علينا ألاّ ننسى ان الحالة الامنية في سوريا مفككة ولا غرابة ان تكون قوى المعارضة قد استولت اثناء المواجهات، على بعض من الذخيرة الكيماوية من مستودعات الجيش السوري قبل ان تتخلص منها السلطات السورية في 2013.
• لو افترضنا ان الطيران الحكومي السوري هو من استخدم الكيماوي، فلماذا استخدمه في منطقة تسيطر عليها المعارضة المسلحة وليس على المناطق التي تسيطر عليها “جبهة النصرة” مثلا، او على المناطق التي تسيطر عليها “داعش”؟
• وسواء صدقت المخابرات الروسية ام المعارضة السورية، فإن التحقيق من جهة محايدة كان المطلب المنطقي والواقعي بعد وقوع الجريمة كي يتحقق العالم ممن يتحمل مسؤولية هذه الجريمة البشعة.
• علينا ان لا ننسى ان الضربة الامريكية تخدم كذلك الرئيس الامريكي ترامب الذي ارتسمت صورته في اذهان الناس بكثير من الاستخفاف بعد عدد من الاخفاقات منذ توليه الرئاسة، فهو بهذا التحرك العسكري يرمي الى الظهور بمظهر الرئيس الذي لا يخشى التدخل العسكري في نزاعات بعيدة عن بلاده خلافا لسلفه أوباما.
• الحقيقة التي لا جدال حولها ان جوقة مؤلفة من السعودية والبحرين وقطر والامارات والاردن الى جانب اسرائيل، كانت اول من صفقت لترامب عندما ضرب دولة عربية ذات سيادة بصواريخ توماهوك …
هل لديك دليل واحد حسي ممكن الاستمساك به على ما تقول ؟؟ إذا لم يكن لديك دليل فكل ما نراه فوق هباء منثورا وكلام ذُر في ريح !!
التحالف الصهيوسعودي
ليس جديد الدول التي ذكرتها اي الجوقه تتحدث باسم الليكود