الفنان العالمي محمود بدارنة واسماء زبيدات من مدينة سخنين وسلوى عثمان من كابول يجسدون النكبة من خلال 700 لوحة فنية رسموها لتعرض في مسيرة الكابري في الثاني من شهر ايار القادم
نتطلع جميعاً إلى الخروج من دائرة الروتين، بحثاً عن متنفس يعيد شحن طاقاتنا من جديد، ويفضل الكثير منا المضي نحو الفن للاستمتاع بحرارة الألوان والموسيقى التي يمكنها أن تكسب النفس طاقة جديدة ملآى بالإيجابية، وما بين حرارة الألوان والفن يقع مرسم الفنان العالمي محمود بدارنة في البلدة القديمة في سخنين بجانب المتحف التراثي، ليتيح للزوار الفرصة بالاستمتاع بحرارة الفن وايقاعات الريشة وتناغم الألوان، والأجواء التراثية بكل ما فيها من قصص إنسانية.
وكما تزينت ساحات وأزقة البلدة القديمة بفسيفساء الطوب فقد تزينت جدران مرسم محمود بدارنة باللوحات الفنية، وبمنحوتات صاغتها ريشة مجموعة من الفنانين المتميزين، الذين صاغوا خيالاتهم في تلك الصور واللوحات الناطقة ومنها ما هو مستوحى من قصص الآباء والأجداد، لتتحول هذه اللوحات إلى أيقونة طبيعية، اجتهد الفنانون في ممارسة شغفهم بالرسم، ليؤكدوا اهتمامهم بالارتقاء بالمشهد الفني المجتمعي لسخنين والمجتمع العربي، وأهميته في الحياة اليومية عبر تحدي المألوف في بيئات الفن، ليقدموا أروع الإبداعات.
الفنانة سلوى عثمان من كابول والتي تدرس الفنون تحت إشراف الفنان محمود بدارنة تقول: “بدأت مسيرتي في الرسم والفن في إحدى كليات سخنين، تعلمت سنتين مع حصولي على شهادة مرشد مؤهل وأكملت مع الفنان محمود بدارنة منذ عدة اشهر، فبدأت برسم المناظر الطبيعية والتي اشعر انها قريبة على قلبي وتعلمت كيفية قياس الأطوال ومزج الألوان، وأنا أعتبر أن انطلاقتي بالرسم كانت من هنا حيث مرسم الفنان محمود بدارنة بالرغم من أنني تعلمت سنتين في الكلية، كون انني تعلمت منه أساسيات الفن على ارض الواقع وبشكل عملي وملامسة لذلك الواقع، واعتبر ان للفنان بدارنة فضل كبير علي وأراه بمثابة كلية بحد ذاتها”.
تضيف الفنانة سلوى عثمان: “أول معرض شاركت به بشكل رسمي كان “جيرة وجيران” في مدينة سخنين، ومن ثم انتقل المعرض الى عدد من البلدان ومنها ام الفحم وكرمئيل وحاليا هو في طريقه للمجلس الاقليمي مسجاف، والمعرض الثاني الذي شاركت به كان ” أمنا الأرض ” ايضا في سخنين، وأعتبرها تجربة رائعة ومميزة ولكني ما زلت في أول الطريق، وما دام الانسان يعيش ويتجول فإنه يتعلم من تجارب الآخرين، ولكني أحمد الله أني وضعت أول خطوة في الطريق الصحيح نحو هدف كنت أسمو اليه”.
وتستعرض الفنانة سلوى عثمان الاعمال المستقبلية قائلة: “المعرض الذي يقام حاليا مع الأستاذ محمود بدارنة تتطرق لوحاته الى مدينة الناصرة ووصف جمالها ورونقها، وتم رسم لوحات واقعية من أحياء مدينة الناصرة واخرى تمت الاستعانة ببعض الصور القديمة، وسأشارك في هذا المعرض بثلاثة لوحات وأنا الآن بصدد أضافة لوحتين أيضاً لحصتي بالمعرض”.
وتعتبر عثمان ان الدعم من العائلة والهالة المحيطة بالإنسان كفيلة ان تنقله لعالم وردي يستطيع من خلال ذلك ان يحقق معجزات، وأنا في البداية لم أتلقى أي دعم كافي، ولكني كنت امتلك إصرار كبير على أن أبدأ هذه الطريق، وأن أحقق ذاتي، وبعد مرور فترة من بدأياتي الفنية والمشاركة الفعلية في المعارض تغيرت الآراء وبدأت أسمع كلمات الإطراء والدعم، وأعتبر أن تحقيقي لذاتي ولشخصيتي يأتي من خلال كل لوحة أقوم برسمها وأحاول أن تمثلني وتكون عليها بصمة من بصماتي”.
ولا تخفي الفنانة سلوى عثمان طموحها بأن تحقق حلمها بامتهان الفن بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأن يكون لديها معرضها الخاص برسوماتها، كونها تميل لرسم القرى الفلسطينية المهجرة وتطمح الى اقامة معرض خاص بها مستقبلاً حول القرى المهجرة في الوطن، وتشير ان كونها ابنة القرية المهجرة الدامون فإنها سمعت من والديها الكثير من المعلومات حول الحياة اليومية التي كانت تعيشها الدامون قبل التهجير، وعند مرورها بشكل يومي بجانب الدامون ومشاهدتها للصبار وتنسمها رائحة زهور ونباتات الأرض فإنها تعبق في نفسها، فأضحى حب الدامون أكثر فأكثر، وإن المشاعر والأحاسيس والحنين يشدها من أجل أن توثق ما سمعته وما تراه عيناها بلوحات فنية، وبذلك تكون راحة نفسية بأنها قدمت شيء لمسقط رأس الآباء والأجداد”.
الفنانة أسماء زبيدات من مرسم محمود بدارنة تقول: “في الآونة الأخيرة هناك مشاركة كبيرة لنا في نشاطات فنية وتطوعية في المؤسسات والمدارس ونقوم برسم الأمل والسعادة على وجوه أهلنا وأبناء شعبنا من خلال رسم تاريخ وذاكرة ابناء بلدنا وابناء شعبنا في مجالات عديدة، وقمنا برسم بعض اللوحات التي تحاكي التراث والتاريخ العربي القديم، من اجل احياء تاريخنا واعطاءه حقه امام اعين طلابنا وشبابنا، وتم توثيق جانب آخر يتحدث عن العلم والتكنولوجيا والتطور الحديث الذي لا يمكن التخلي عنه في الوقت الحاضر”.
وتضيف زبيدات: “في هذه الأيام يعج المرسم بطلاب الفنون لتلبية طلبيات متذوقي الفنون وخاصة لوحات تحاكي قضية التهجير والقرى المهجرة، بالإضافة لذلك جاري العمل على قدم وساق لإنجاز اللوحات الخاصة بمهرجان احياء ذكرى النكبة الفلسطينية والذي سيقام في الثاني من أيار 2/5/2017 على ارض الكابري المهجرة، ومعرض “القرى المهجرة” سيضم الكثير من اللوحات التي تم رسمها في مواقع تلك القرى المهجرة وتم توثيق احياء كاملة ودور العبادة من مساجد وكنائس واشجار ونباتات، وهنا لا بد لي الا أن ادعو أهلنا جميعا للمشاركة الفعالة في هذا المهرجان لإحياء الذاكرة الجماعية لأبناء شعبنا الفلسطيني”.
واشارت زبيدات الى الدعوة التي تلقتها ادارة المرسم من المملكة الأردنية وسنشارك بمعرض سيقام بقاعة المسلماني وقاعة أبناء الثورة العربية الكبرى بالعاصمة عمان، ومن اهم نشاطات المرسم الاهتمام بجيل الطفولة ورعاية جيل يتذوق الفنون وخاصة الرسم فافتتحنا دورة خاصة بالأطفال في المقر الجديد للمرسم بجانب المتحف التراثي بالبلدة القديمة في سخنين، وكلنا أمل من أهلنا جميعا التعاون لنزرع الأمل والتفاؤل والسعادة في قلوب طلابنا ونأخذ بأيديهم بعيدا عن العنف”.
الفنان العالمي محمود بدارنة صاحب المرسم والمحاضر بالفنون في الكليات المختلفة قال: “سنشارك بمهرجان احياء ذكرى نكبة شعبنا الفلسطيني في الكابري المهجرة بمعرض للقرى المهجرة، وتلقينا دعوات عديدة من البلاد ورام الله والاردن، وسنشارك في تلك المعارض، ونتجهز لمعرض مدينة الناصرة بمشاركة عدد من الفنانين من اسماء زبيدات وسلوى عثمان، وعبير زبيدات، ومادلين خالد احمد، وهذا المعرض يتم فيه عرض رسومات خاصة بمدينة الناصرة سيقام يوم 1/7/2017 بغاليري كنيسة الارثوذكس، وسنشارك بمعرض آخر في غاليري كنيسة الارثوذكس في حيفا”.
وأضاف محمود بدارنة: “نصبو الى جعل مدينة سخنين بلد يعج بالفن وافتتاح غاليري يليق بمدينتنا، وكلي أمل أن نعيد ترتيب تنظيم معارض بينالي والذي كان له دعاية كبيرة في الداخل والخارج، على أمل أن نعيده مرة اخرى، وبالإضافة لذلك فإننا نعمل من اجل توثيق رواية شعبنا الفلسطيني في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والعمرانية، ونصبو لإنجاز اكثر من 700 لوحة فنية تروي حكاية شعبنا لعرضها امام الاف المشاركين في مسيرة العودة بالكابري باليوم الثاني لغرة الشهر ايار القادم”.
وخلص محمود بدارنة الى القول :” أقرب مناسبة لنا ستكون في تاريخ 2.5 في يوم النكبة في الكابري نحن مدعوون لإقامة معرض هناك ، كما ووصلتنا دعوات للذهاب الى رام الله والاردن وعدة دول أخرى. وهنالك نشاطات أيضاً من ضمنها معرض الناصرة مع التعاون مع رسامات أسماء زبيدات، سلوى عثمان وعبير زبيدات ومادلين خالد أحمد وسيقام في كنيسة الأورثوذكس في جاليري في حيفا في تاريخ 1.7 ، وهنالك معارض أخرى وعددية ستقام في كنيسة الأورثوذكس في حيفا.
هدفنا هو تمثيل سخنين بأفضل وجه واعلاء اسمها مع اسم الفن، وانشاء معرض خاص في سخنين . من خلال معرض يوم النكبة ومعرض القرى المهجرة هدفنا هو تثقيف الأولاد في المدارس ورسم ذاكرة كل فلسطيني، ونحن نحاول رسم كل قرية مهجرة ” .