كبيرة كانت النكبة التي حلت على الشعب الفلسطيني سنة 48، ولا اسم يغطي تفاصيلها غير النكبة، ولا نكبة أوحش من اقتلاع شعب بكامله من أرضه، وإلقائه نحو المجهول.
تمر اليوم الاثنين، الخامس عشر من أيار/مايو، الذكرى السنوية التاسعة والستين ،لنكبة فلسطين واغتصابها وإعلان قيادة الحركة الصهيونية عن تأسيس إسرائيل في العام 1948، على أنقاض فلسطين وطرد وتهجير سكانها، لتشكل مفصلا تاريخيا قاسيا لا تزال تداعياتها وآثارها ماثلة وحاضرة في تفاصيل الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمنطقة بشكل عام. ولتذكر بصمود شعب تعرض لإحدى أسوأ عمليات التطهير العرقي والتشريد في التاريخ المعاصر، فيما يواصل نحو 1700 اسير فلسطيني في السجون الاسرائيلية اضرابهم المتواصل لليوم الـ 29 على التوالي، تحت عنوان ” الحرية والكرامة” بقيادة مروان البرغوثي واحمد سعدات، فيما لا تزال اسرائيل متعنتة ولا تتسجيب لمطالب الاسرى الفلسطينيين الشرعية .
وذكرى النكبة ترمز إلى التهجير القسري الجماعي في 15 مايو من العام 1948، لأكثر من 750 ألف فلسطيني من بيوتهم وأراضيهم في فلسطين، وتمثلت في نجاح الحركة الصهيونية- بدعم من بريطانيا- في السيطرة بقوة السلاح على القسم الأكبر من فلسطين، وإعلان دولة اسرائيل.
واحتل اليهود 78% من أراضي فلسطين، أي كل فلسطين باستثناء الضفة الغربية وغزة. وفي كل عام بهذا التاريخ تُحيي المنظمات الفلسطينية والجمعيات هذه الذكرى، بفعاليات ونشاطات تُذكّر الأجيال بالتهجير؛ كي لا تُنسى القضية الفلسطينية.
تختزل الذكرى مراحل من التهجير اقتلعت الفلسطينيين من عشرين مدينة ونحو أربعمئة قرية غدت أملاكها ومزارعها جزءا من دولة اسرائيل، كما تعيد النكبة ذكرى عشرة آلاف فلسطيني على الأقل لقوا مصرعهم في سلسلة مجازر وعمليات قتل ما زال معظمها مجهولا، فيما أصيب ثلاثة أضعاف هذا الرقم بجروح.
ومنذ الـ15 من مايو عام 1948 حتى يومنا هذا ما زال الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة العربية يدفعون ثمن هذه النكبة وثمن وعد بلفور المشؤوم الذي أقرته حكومة بريطانيا في الثاني من نوفمبر1917 حيث يستمر الكيان الإسرائيلي الغاصب بارتكاب المجازر والجرائم بحق هذا الشعب والإمعان في الاستيلاء على الأرض الفلسطينية وتهويدها.
ورغم حجم الألم الذي يحمله مصطلح النكبة إلا أنه لا يعبر بشكل كامل عن حجم الكوارث التي حلت بفعل زرع كيان الاحتلال في أرض فلسطين العربية الذي تسبب بماساة إنسانية تمثلت بالمجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية مثل الشتيرين والهاغانا والإبادة الجماعية التي مورست بحق الفلسطينيين وقيامها بتشريد عدد كبير منهم خارج ديارهم تحت وقع المجازر الدموية لتلك العصابات الصهيونية في مايو من العام 1948وما قبله بسنوات.
ومع مرور هذه السنوات الطويلة تبقى نتائج النكبة من تشريد وقتل وتدمير وصمة عار في جبين المجتمع الدولي ومنظماته ومؤسساته القانونية حيث استولت عصابات الإرهاب الصهيونية بمساعدة من سلطات الاحتلال البريطاني على القسم الأكبر من أرض فلسطين وقتلت نحو 10 آلاف فلسطيني في مجازر مروعة من دير ياسين إلى الطنطورة وصفورية وحيفا وبلد الشيخ وغيرها وشردت أكثر من 900 ألف من منازلهم وقراهم وحولتهم إلى لاجئين في دول الجوار وشتى بقاع الأرض.
ووفقا لما يؤكده العديد من المؤرخين والباحثين فإن عملية التهجير القسري للفلسطينيين تمت بشكل مبرمج ومخطط بهدف تطهير فلسطين من سكانها العرب فيما واكبت عملية التهجير القسري حملات مكثفة من الإرهاب والمجازر والتي شكلت إحدى الأسباب الرئيسية لترك عرب فلسطين لقراهم ومدنهم.
وتواصل سلطات الاحتلال حتى يومنا هذا عمليات الطرد والتهجير القسري بحق الفلسطينيين من خلال هدم البيوت في القدس المحتلة والضفة وتدمير آلاف المنازل ومصادرة الأراضي وضمها لغرض بناء جدار الفصل العنصري على أراضي الضفة والاعتداء على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية عدا عن الاعتداءات المتكررة على قطاع غزة وأهله وتدمير بناه التحتية وخنقه بحصار جائر مستمر منذ سنوات طويلة.
كما تتواصل مأساة اللاجئين الفلسطينيين من خلال رفض كيان الاحتلال المطلق مستندا إلى الدعم الغربي اللامحدود لتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وتعويضهم عن الأضرار والمعاناة الكبيرة التي لحقت بهم.
وعلى الرغم من حجم التآمر الدولي والمحاولات الصهيونية اليائسة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني إلا أنه يواصل مقاومة الاحتلال ومواجهة مشاريعه التهويدية عبر الثورات والانتفاضات المتتالية وابتكار أساليب النضال من الكفاح المسلح إضافة إلى أسلوب الإضراب عن الطعام من قبل الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال لإرغام الاحتلال على الانصياع للمطالب والحقوق المشروعة.
وليس بعيدا عن معاناة الفلسطينيين وآلامهم فإن جرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب طالت الدول العربية من خلال شن حروب واعتداءات متكررة واحتلال أراض عربية كما هو حال الجولان العربي السوري المحتل ومزارع شبعا المحتلة وغيرها.