الجمعية المحمدية تعمم بيانا على وسائل الاعلام وصلنا نسخة عنه جاء فيه فيما جاء ” ان الاستهانة بالشهر العظيم وحُرمات الدين قد غلب على المهرجان وفقراته”
﴿والفجر وليال عشر والشفع والوتر﴾، استهل المولى عز وجل سورة الفجر بالقسم ولا يقسم العظيم الا بما يُعظم جل في علاه، وليس في ايام الله اعظم من هذه الليالي العشر، حيث ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ أي تُقَدّر في هذه الليالي مقادير الخلائق على مدى العام، فيُكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في السنة القادمة من ارزاق…. ولهذا كان هدى النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله).
إن الطيبة في هذا الشهر العظيم تظهر فيها من المبادرات التي تليق باسمها سواء كان ذلك من افراد او جماعات. فيتجلى من خلالها مدى تعظيم اهل هذا البلد الطيب لهذا الشهر العظيم، فتجد على سبيل المثل لا الحصر ليس هنالك بلدا في فلسطين 48 يُشد منه الرحال الى المسجد الاقصى مثل هذا البلد، عشرات الحافلات في اليوم الواحد وتكاد في باحات وساحات المسجد الاقصى لا تلتفت يمنة ولا يسرة الا وتجد من تعرفه من الطيبة حتى تظن ان الطيبة قد خلت من اهلها وخصوصا في العشر الاواخر وهذا يلاحظه القاصي والداني. ولو سالت مثلاً القائمين على رعاية الفقراء والمساكين في هذا البلد المعطاء لسمعت منهم قصص لا نقرأها إلا في سِيَرْ الصالحين عن كثرة اهل العطاء والمساهمة والتصدق في هذا الشهر الكريم …وغيرها من الامثلة التي لا يتسع المقام هنا لسردها. فهذا الهدي الذي نريد ان ندعمه ونشجعه ونشجع غيره من المبادرات والفعاليات التي ترتقي بالإنسان قيميا وأخلاقيا تربويا وثقافيا تنفع الناس في الدنيا وتثقل ميزانهم في الاخرة.
ضمن هذه الضوابط والأهداف، كنا نتأمل ان تسعى بلدية الطيبة في برنامج الفعاليات الذي اعلنت انها عازمة على المباشرة به في العشر الاواخر من رمضان، خصوصا بعد ان اوحت البلدية والقائم على رأسها ان الانتهاكات والتجاوزات للشهر الفضيل التي حدثت بالعام الماضي لن يتم العودة اليها، وسوف تراعى الضوابط الشرعية في البرنامج هذا العام. إلا ان البرنامج الذي عرضته وان كان فيه بعض بوادر الخير، إلا ان الاستهانة بالشهر العظيم وحُرمات الدين قد غلب عليه. حفلات غناء ورقص ومسخرة في اوقات يعلوا فيها صوت الاذان حي على الفلاح وترتفع فيه اكف الضراعة الى الله ان يكتبنا من عتقاء هذا الشهر وتتنزل فيه الملائكة، والمؤمنون يرجون ان تحفهم وهم عاكفين في المساجد بين راكع وساجد وداعي بان يرحم الله امة الاسلام والمسلمين وان يجنبنا النكبات والمصائب وان لا يُسَلّط علينا بذنوبنا من لا يخافنا ولا يرحمنا.
” لا افلحت هذه المساعي ولا سدد الله خطاها”
فبدل ان يكون هذا هَدْيُنا او على الاقل لا يتعارض معه، قرر القائمون على الفعالية تصويب سهامهم على ذروة سنام هذا الشهر الفضيل- الايام العشر- في فعاليات قسم منها اقل ما يقال عنها انها لن توضع في ميزان حسناتهم، وكل من يشارك فيها في ميزانهم والعياذ بالله لقول الصادق الامين:(الدال على الخير كفاعله والدال على الشر كفاعله) ولقوله عليه الصلاة والسلام:(من سَنَّ سُنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها الى يوم الدين) اعاذنا الله وإياكم ان نكون من هؤلاء. فان لم يتداركوا انفسهم ويتقوا الله فينا وفي بلدهم وفي أنفسهم فما عذرهم امام جبار الارض والسموات يوم تذل بين يديه الرقاب. وإمعانا في الفساد وتحديا لكل قيمة دينية او خلقية تَوَّجَت برنامجها بحفل اقل ما يقال عنه ماجن راقص تدعوا فيه الناس ليلة العيد ليولوا وجوههم نحو “دندن” لتعيد علينا ما فعلته العام الماضي بحفل فاشل، فلا افلحت هذه المساعي ولا سدد الله خُطاها.
اهل بلدنا الكرام، ندعوكم الى تعظيم حرمات الله وترك مخالفته والتزام حلاله والاجتناب عن حرامه فان الايام دُوَلْ، وكم من الناس كانوا بيننا في العام الماضي يسألون الله ان يُرجعهم دقيقة واحدة في هذه الايام المباركة حتى يُصيبهم من خيرها وكان الجواب لهم كلا- ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾. فمن اراد ان يرفه عن نفسه وعن اهله وان يطيع الرحمن ويكتب في عداد العباد المرابطين المعتكفين فليركب في احدى حافلات الخير التي يسيرها اهل الخير من بلد الخير هذا الى قبلة المسلمين الاولى وحلقة الاتصال بين الارض والسماء هذا هو تاريخنا وتراثنا وحضارتنا وثقافتنا وماضينا ومستقبلنا هذه هي هويتنا وجوهر وجودنا في هذا الارض المباركة لا بإحضار فرقة موسيقى او مغني عبري يختلط به الشباب والصبايا …..الى هذه الدرجة وصل الاستهتار؟!
ثم نقول لبلدية الطيبة والقائم عليها ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي ذر الغفاري رضي الله عنه عندما طلب منه ان يوليه منصب فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتفه وقال: (إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها).
” تبرئة لأنفسنا امام الله”
اهلنا، ان ما نقوله ليس ترفا ولا تربصا ولا نكاية ولا مع احد ضد احد وإنما نخاف عليكم ما نخافه على انفسنا ان يتحقق فينا قول الله تعالى: ﴿ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ فما يجري حولنا ليس بعيدا عنا والعياذ بالله.
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ(تحدوا سُلطانه وأنكروا فضله وعصوا اوامره) فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾. فلا نستجلب غضب الله وسخطه علينا.
هذا البيان تبرئة لأنفسنا امام الله وأمامكم ان بَلَّغْنا وحَذرنا وبَيَّنا وأقمنا الحجة فاللهم انا نبرأ اليك مما يخالف شرعك ودينك ونتقرب اليك بكل ما يُرضيك حتى ترضى عنا يا حليم يا لطيف.