“امي ما بتسمعني وما بهمها شو بصير معي بالمدرسة ولما باجي اخرفها اشي بتقولي انا هسا مشغولة وما عندي وقت، وطبعا ما بتحكي معي الا اذا عاوزتني اعملها اشي في البيت…وابوي برضه بروح من الشغل تعبان وحتى لو فاضي ما بدو يسمعني وبقوللي روحي عند امك. بحس مرات انه امي بتكرهني وما في حدا في البيت بحبني لا امي ولا ابوي، حتى اختي واخوي ما الي علاقة قريبة معهم وما بخرفهم اي اشي”
عبارة محزنة تتردد على لسان الكثير من الفتيات في جيل المراهقة. الاب منشغل بعمله ويحتاج الى الراحة لدى دخوله المنزل ومن ثم يعاود الخروج لقضاء شؤونه الخاصة. الام ايضا مشغولة بعملها خارج المنزل او بالأعمال المنزلية او غيرها.
تواصل الابنة مع الوالدين مقطوع ويتم فقط في حال تنفيذ مهام عملية ومنزلية.
الفتاة تمر بتغيرات جسمية ونفسية ولا احد يلاحظ ذلك الا وقت احتدام الصراخ والمشاحنات، عندها ينتبه الوالدان للتغيرات “السلبية” في سلوك ابنتهم. نتيجة لذلك يتصاعد غضب الوالدين وتزداد شكواهم، والابنة يزيد ابتعادها عن افراد الاسرة لتتجنب المشاحنات معهم. الفجوة بينها وبين والديها تتوسع اكثر واكثر الى ان ينقطع التواصل الذي لم يتوفر اساسا بشكله السليم.
ما المشكلة هنا؟
ابتعاد الوالدين وانشغالهما بشؤونهما الخاصة وانقطاع تواصلهم مع ابنتهم هو تجاهل واهمال لحاجاتها النفسية والعاطفية والتربوية. كل انسان يحتاج منذ ولادته لان يشعر بانه محبوب ومرغوب في عيون والديه. كذلك كل ابنة تحتاج في جيل البلوغ بالذات الى غمرها بالمودة والحنان والى مرافقة والديها لها بالارشاد والتوجيه بالرفق واللين. شعور الابنة بالوحدة داخل اسرتها وعدم تواجد اذن صاغية لها، يترك في داخلها فراغا كبيرا يجعلها تشعر بان لا اهمية ولا قيمة لها في عيون والديها وكذلك بعيون الاخرين، وانها اقل شانا وحظا مقارنة مع زميلاتها في المدرسة، الامر الذي يؤثر سلبا على الناحية السلوكية ويضر بالعملية التعليمية.
في حال غياب الوالدين من حياة ابنتهما، لا تجد الابنة من يسد حاجتها للحب والاهتمام ولا من يعلمها التمييز بين الصواب والخطأ ولا من يكسبها القيم والمبادئ الاخلاقية. وعلى الاغلب ستجد بعض الصديقات او احداها تصغي لها وتمنحها الاهتمام والتعاطف مع مشاكلها، وتسدي لها النصائح. وقد يصادف ايضا ان تجد من يبدي اعجابه بها ليسمعها كلاما جميلا لم تسمعه من قبل وليشعرها بانها مهمة وذات قيمة. فتكون تلك فرصة لاشباع حاجاتها غير المتوفرة، فتستجيب بكل سرور لرغبته بمصادقتها، جاهدة اخفاء الامر عن والديها ومتجاهلة العواقب المترتبة على هذا القرار. ويبقى الوالدان كل منشغل بشؤونه الخاصة، مكتفيا بتوفير الملبس والماكل والهاتف النقال ليكون مصدر الدعم الرئيسي الذي تستقي منه الابنة ما تحتاجه من اهتمام ومحبة وعلاقات اجتماعية.
ما العمل؟
اكثر ما تحتاجه الابنة من الوالدين في جيل البلوغ هو منحها اهتمامهم وحبهم لها من حيث الاصغاء لكلامها واحترام اراءها وافكارها ومشاعرها، ومن حيث التعبير عن حبهم لها جسديا- كالاحتضان والتقبيل والتربيت والملاطفة، وكلاميا كالاستخدام اليومي لكلمات التقدير والثناء ومدح صفاتها الايجابية وسلوكها الجيد.
ومثلما يكون تواجد الام في حياة ابنتها ضروري وهام لنموها ونضجها العاطفي، فان تواجد الاب في هذه المرحلة على الاخص هو اكثر اهمية، وعليه يعتمد مدى نجاحها في اختيار شريك حياتها الملائم في المستقبل. من المهم ان يشعر الاب ابنته بانها مهمة وانها جميلة شكلا وجوهرا، بل اجمل ابنة في نظره كي يرفع ثقتها بنفسها، وكذلك ان يتحدث عن ايجابياتها امام الاخرين ويخصص لها وقتا ولو نصف ساعة من يومه على الاقل، اما بمفردها او مع افراد الاسرة ليستغلها في الحوار والاستماع لما يدور في عالمها الخاص من مشاكل وصراعات ويشاركها في ايجاد الحلول وطرق التعامل السليمة مع ضغوطات الحياة.
كما ويفيد ان يخصص الوالدين وقتا( قد يكون ساعة يومية او جلسة اسبوعية مشتركة) يشاركان به ابنائهما بامور يومية او بتلخيص لاحداث الاسبوع، ومشاركتهم بنشاطات او اعمال يحبونها بهدف توطيد العلاقات بين جميع افراد الاسرة وخلق مناخ اسري ايجابي وامن.
روابط ذات صلة:
مع المستشارة احلام جمعة- تعبيرات والدية مألوفة ومتداولة
مع المستشارة احلام جمعة- هل انا موهوب؟
مع المستشارة احلام جمعة- الجزء الثاني: الحلول للتقليل من العنف ومواجهته؟
مع المستشارة احلام جمعة- الجزءالاول: تعريف العنف ومسبباته
مع المستشارة احلام جمعة- كيف نستغل شهر رمضان للتواصل العائلي!
مع المستشارة احلام جمعة- كيف نحفز ابنائنا على النجاح في دراستهم؟!
مع المستشارة احلام جُمعة – الشهادة المدرسية: هل هي تقييم للاباء ام للابناء؟
مع المستشارة احلام جُمعة – اعرف نفسك: ما هو اسلوبك في التربية؟
مع المستشارة احلام جُمعة: ما هو اسلوبك في التعامل مع ابنائك؟
مع المستشارة “احلام جمعة”- كيف يمكننا ان نساعد الابناء على اكتساب ثقتهم بانفسهم!
مع بداية العام الدراسي- نصائح للطلبة من المستشارة احلام جمعة
مع بداية العام الدراسي- نصائح للمعلم من المستشارة احلام جمعة
عشية العودة الى المدارس- 11 نصيحة للوالدين من المستشارة احلام جمعة
ابني يشاغب كثيرا في البيت والمدرسة ماذا افعل؟! المستشارة “احلام جمعة”
13 الف طالب يخرجون للعطلة الصيفية وتعليمات هامة من المستشارة احلام
هذه طيبتي: جلسة بجوار الفنانة الطيباوية الشابة احلام جمعة