مع انتهاء السنة الدراسية وحلول العطلة الصفية، وتسليم الشهادات المدرسية، تقدم المستشارة احلام جمعة، سلسلة مقالات تربوية، ننشرها على مراحل ، واليكم اولها “تعبيرات والدية مألوفة، متداولة
عبارات مألوفة يتداولها الكثير من الاباء لدى مخاطبة ابنائهم ومعاتبتهم. قد تكون عبارات إيجابية، جميلة ومشجعة، وقد تكون سلبية مؤنبة ومؤذية. مهما تكن هذه العبارات فهي تنبع من دافع المحبة والرغبة في تغيير وتحسين سلوكيات الأبناء للأفضل.
في كل مرة سنتناول مقولة تتردد كثيرا خلال حوار الاباء مع ابنائهم، بهدف لفت النظر لما تحدثه من تاثير وصدى في حياتهم:
“شو ناقصك؟ كل اشي وفرتلك اياه… اي اشي بتطلبه بجيبلك اياه بدون جدال وانتي ولا هامك اشي وبتكذب علي.. علاماتك مزفتة ومسود وجهي بالمدرسة, انا مش طالب منك اشي غير بس انك تدرس وتجيب شهادة وتعمل مستقبل لحالك.. مش تصفي بالاخر تشتغل عامل في البناء او في غسيل الصحون ..”
قد لا تكون هذه المقولة غريبة عن اسماعنا وقد يرددها اباء كثيرون عند معاتبتهم لابنائهم. ما نلمسه بهذه العبارة هو شعور الاباء بالاحباط والفشل لعدم نجاح ابنائهم بالحصول على الشهادة المدرسية العالية مقابل ما وفروه لهم من كماليات ووسائل الراحة والترفية.
يتوقع الاباء بانه كلما اكثروا من توفير الامور المادية للابناء كلما زادت دافعيتهم للتعلم وارتفع تحصيلهم الدراسي وزاد شعورهم بالامتنان تجاههم. وحين لا يحدث ما يتوقعوه منهم، يشعر الاباء بخيبة الامل والفشل ويعزون ذلك الى خلل ما لدى ابنائهم.
ما المشكلة هنا؟
وجود معتقدات خاطئة للاباء حول مفهوم التربية، وهي:
أ. اعتبار التربيه كصفقة مادية تدار بين الوالد والابن “اذا اعطيتني ساعطيك، واذا اعطيتك اتوقع ان ترجع لي مقابل ذلك”.
ب. توفير وسائل الرفاهية والكماليات تعتبر كافية وكفيلة بتنشئة ابناء ناجحون ذوو شخصيات سوية.
ما الصحيح؟
ينبغي ان نعلم ان القيام بالدور الوالدي لا يحتاج الى شروط مسبقة، ولا يقتصر على توفير الامور المادية فقط، ولا يضع الشهادة المدرسية كاهم الاهداف التربوية. معافاة الابناء من تحمل المسؤولية وحصرها بالشهادة المدرسية هو امر خاطئ حيث يضعهم في موقع السيطرة، ويحرمهم من تجربة مهارات وواجبات اخرى ضرورية لتأهيلهم للحياة المستقبلية، كما وتصبح الامور المادية هي الصلة الوحيدة التي تربطهم بابائهم وهي امر واجب مفروض على الاباء وليس امرا يستحق الشكر والامتنان.
في حال وجود خلل في سلوك الابناء من الضروري ان يقوم كل والد باجراء مراجعة ذاتية لمعرفة الاسباب والتاكد من توفيره للاحتياجات العاطفية وغيرها من الاحتياجات الضرورية. يمكن القيام بذلك عن طريق طرح الاسئلة التالية:
1. هل يشعر ابنك بانه محبوب ومرغوب فيه دون ان تضع له الشروط المسبقة مثل الشهادة او النجاح الدراسي او غيرها؟
2. هل يشعر ابنك بالامان والثقة والانفتاح تجاهك للتحدث بما يجول في داخله من امور تضايقه او تفرحه؟ وهل يجدك وقت الحاجة مصغيا وداعما؟
3. هل يشعر بانك تفهمه وتتفهم مشاعره وتمكنه من التعبير عن نفسه عندما يتحدث بامور لا تعجبك, ام انك تنتقده وتلومه لاقل خطأ يصدر منه؟
4. هل يشعر بانك تحترمه وتقدره وانه مهم في حياتك حتى لو لم تكن انجازاته كبيرة، ام انك تنهره وتصرخ عليه امام الاخرين لتصحح اخطاءه او تستهتر بقدراته او بتفكيره لصغر سنه؟
5. هل تستعمل كلمات مشجعة وداعمة في تعاملك معه وتبحث عن الامور الايجابية في سلوكه لتمدحها، ام انك تقارنه بغيره وتنعته بصفات سلبية وقت الغضب؟
6. هل تظهر له حبك بالتعبيرات الكلامية والجسدية كاللمسات الحانية والابتسامة والاحتضان والتربيت والتقبيل، حتى لو لم يعد ابنك طفلا صغيرا؟
7. هل يعاني ابنك من عسر تعليمي او صعوبات في في المدرسة او في مواضيع معينه ويحتاج لمساعدة بذلك؟
اذا وجدت ان احد هذه البنود غير متوفر، ما عليك الا ان تجد السبيل لتعويضه وتوفيره بسخاء وباقرب فرصة قدر الامكان لتحصل على النتائج المرجوة.
ما العمل؟
الحب والعاطفه هما غذاء للنفس يحتاجهما ابنك لينمو بشكل سليم حتى لو لم تتوفر الحاجات الماديه. ولكن, اغداق الابن بالامور الماديه دون توفير الحاجات العاطفيه والضوابط التربويه يعرضه للمفسده والفشل.
لا تبخل على ابنك بحبك وحنانك ولا تتصنعه بل استشعره وترجمه الى سلوكيات جسديه وكلاميه كان تقول له “انا احبك”, “انت افضل عطيه منحني الله تعالى” وغيرها. امدحه امام الاخرين واذكر ايجابياته, اظهر احترامك له ولا تنتقده حين يخطئ وتذكر سلبياته, ولا تتعمد اهانته عندما تغضب عليه، بل كن متسامحا متفهما ومرشدا له فانت القدوه التي يريد ابنك ان يكون مثلها.
روابط ذات صلة:
مع المستشارة احلام جمعة- هل انا موهوب؟
مع المستشارة احلام جمعة- الجزء الثاني: الحلول للتقليل من العنف ومواجهته؟
مع المستشارة احلام جمعة- الجزءالاول: تعريف العنف ومسبباته
مع المستشارة احلام جمعة- كيف نستغل شهر رمضان للتواصل العائلي!
مع المستشارة احلام جمعة- كيف نحفز ابنائنا على النجاح في دراستهم؟!
مع المستشارة احلام جُمعة – الشهادة المدرسية: هل هي تقييم للاباء ام للابناء؟
مع المستشارة احلام جُمعة – اعرف نفسك: ما هو اسلوبك في التربية؟
مع المستشارة احلام جُمعة: ما هو اسلوبك في التعامل مع ابنائك؟
مع المستشارة “احلام جمعة”- كيف يمكننا ان نساعد الابناء على اكتساب ثقتهم بانفسهم!
مع بداية العام الدراسي- نصائح للطلبة من المستشارة احلام جمعة
مع بداية العام الدراسي- نصائح للمعلم من المستشارة احلام جمعة
عشية العودة الى المدارس- 11 نصيحة للوالدين من المستشارة احلام جمعة
ابني يشاغب كثيرا في البيت والمدرسة ماذا افعل؟! المستشارة “احلام جمعة”