من يأبه لحانوت اغلق ابوابه في قرية عربية؟ من يعنيه إن ذهب تلميذ عربي الى مدرسته ام لا؟ من يهمه ان يقف بضعة اشخاص عند مفرق طرق يرفعون شعارات لا أحد يقرأها، وإن قرأها لن يفهمها وإن فهمها لن يؤيدها، وإن ايدها لن يفعل شيئا لتحقيقها…المارة مسرعون كما الحياة مسرعة …
لم يعد يجدي نفعا اغلاق محالنا التجارية في قرانا ومدننا بينما يخرج ابناؤنا العاملون في المحال التجارية في الوسط اليهودي، الى عملهم عند الصباح كالمعتاد! اننا نخدع أنفسنا بما ندعيه من اضراب احتجاجي على سقوط الضحية التالية…وليست الاخيرة!
كيف نحتج وامام مَن؟ حين نشل الحركة التجارية والخدماتية في بلداتنا، فإننا نحرم أنفسنا حتى من الخدمات الشحيحة في الوقت الذي لا تشعر بنا ولا بأضرابنا أي جهة سلطوية او مؤسسة حكومية وكأنها تقول “يمكنكم الاضراب على هذا النحو سنة كاملة”.
ينبغي ان يكون احتجاجنا موجها نحو المؤسسة الرسمية التي تلحق الألم بنا ويتساقط شبابنا بنيران شرطييها في كل مكان، من النقب وحتى الجليل! كيف تنزعج السلطة من حانوت الحي المغلق؟ هل يشتري حليب الأطفال منه سوى جيرانه؟ كيف تنزعج السلطة من صندوق مرضى مغلق في بلدة عربية؟ هل يتوجه اليه سوى أهالي البلدة. لا زلت اعتبر اضرابا كهذا بمثابة اللطم على الخدود لا يحس به ولا يسمع صفعاته سوى من يقوم به.” لجنة المتابعة تدفع المواطن الى الاحتجاج امام جيرانه”
اضراب كهذا فرحة لطلاب المدارس لأنه يوم راحة يقضونه دون حتى ان يعلموا لماذا تغيبوا عن التعليم في هذا اليوم. إضراب كهذا لا يتعدى ان تغلق بعض الحوانيت أبوابها حتى ساعات الظهر او ان توارب المقاهي مداخلها لبضع ساعات رغم رمضان، الى ان يعود كل شيء الى طبيعته في ساعات بعد الظهر وكأن شيئا لم يكن.
انه اضراب رفع العتب تلجأ اليه لجنة المتابعة العليا بين حين وآخر وتدفع المواطن العربي في البلاد الى الاحتجاج امام جيرانه ليس أكثر وكأن جيرانه الذين يقع عليهم أثر الاضراب، هم من صنعوا سياسة التمييز والعنصرية الرسمية في البلاد وهم من قتلوا الشاب محمد طه من كفرقاسم او يعقوب أبو القيعان او ….او ….
في ساعات صباح الغد، سيتدفق العمال الى خارج البلدات العربية كعادتهم لإنعاش اقتصاد البلاد واقتصادهم الشخصي وبذلك لن يشعر بنا الشارع اليهودي ولا باحتجاجنا طالما بقي محمد العربي يزاول عمله في تل ابيب كعادته، كما لن تشعر بنا المؤسسة الرسمية طالما بقينا نصيح ونهتف كل في اذان الآخر بشعارات احتجاج أكل عليها الدهر وشرب.
يبدو ان لجنة المتابعة العليا أصبحت تعتبر الاضراب منوالا تقليديا لا يزعج السلطات اطلاقا رغم انه لا يغني ولا يسمن من جوع، ولهذا ما ضرها لو صاحت في المساء “بكرا اضراب يا جماعة”، فلا السلطات منزعجة من مثل هذا القرار لأنه لا يمسها بشيء ولا المتابعة بقيت مكتوفة الايدي امام حدث يستوجب التحرك… اما نحن، بسطاء الشعب، فمن يعمل في بلدة عربية عليه ان يضرب ومن يعمل في بلدة يهودية يواصل عمله كعادته… وبهذا تكون المتابعة العليا قد اسقطت عن نفسها واجب التحرك وإن كان بائسا، وأما نحن فنكون قد شاركنا في مسرحية خداع الذات!