بفضل الله تعالى استهل كتابة رسالتي الاخوية الحبية الى أئمة المساجد، لأنني اعتقد جازما ان لهم الدور الرئيسي، والمكانة الفاعلة في نشر وإحياء شريعة الله بين العباد ، حيث للامام الدور الريادي في تصحيح وتصليح ما فسد في مجتمعنا المسلم .
وعندما يعلم الإمام ان الإسلام ارتقى به إلى درجة القدوة ،التي يقتدي به الناس في كل ما يرتبط بمعاني الخير وخصال الفضيلة،في التوحيد والعبادة والأخلاق وسائر الطاعات. لقول الله جل جلاله لسيدنا إبراهيم عليه السلام: {إني جاعلك للناس إماما}. ويكفي الأئمة عزا ، حيث كان أول من تولى الإمامة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي دعا لهم بالرشاد ، عن أبي هريرة رضي الله عنه،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الإمام ضامن و المؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين” رواه أبي داود .
روى ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سنا…” رواه مسلم .فيظهر جليا واضحا استحباب ولاية الإمام بالصلاة للأفضل فالأفضل، والفضل هو بالعلم الشرعي والعمل به، والصلاة هي ركن اساسي من أعظم أركان الاسلام . والأصل أن يكون هذا درسًا للمسلمين في عموم الولايات ، فلا يقدم فيها ويولى عليها ،إلا من هو أهل لها، واجتمع فيه الشرطان العظيمان: الأمانة فيه والقوة عليه، وما ذل المسلمون وفقـدوا عزهم وعمهم الفساد إلا بترك وإضاعة الأمانة،وإضاعتها بإسناد الأمر الى غير أهله، لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِين ﴾ .
ان القيام بمهام الإمامة ليس عبارة عن طقوس دينية، وحركات تعبدية، يؤديها الإمام ويكررها المأمومون خلفه، بل تعد الإمامة مهمة جسيمة، يوفق الله للقيام بها على الوجه المطلوب دعاة الحق ، وصفوة الخلق ، وحراس العقيدة الصحيحة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم-:( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه ِ). ان المجتمعات الانسانية تتعرض غالباً لعواصف من الفتن والمغريات، تجر بعض الناس جراً إلى الفساد والإفساد، وتصرفهم عن طاعة رب العباد، وهنا يأتي دور الإمام المذكر المحذر المشفق على إخوانه، فتحيا به القلوب ، ويفتح الله على يديه مغاليقها ، فيكون له بذلك من الأجر العظيم، والثواب الجزيل ،كما بين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا …”.
فالإمام مهامه كبيرة ورسالته عظيمة، والناس يجتمعون على من يفقههم في الدين، ويرغبهم تارة ويرهبهم أخرى، وينقلهم من المعصية إلى طاعة الله، فيتعلم الجاهل، ويستيقظ الغافل، ويحل الإقبال على الدين محل الإعراض عنه ، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنتشر الفضيلة وتنحسر الرذيلة، ويكثر الخير ويقل الشر . وتزكو الضمائر ، وتتهذب الأخلاق ، وتضبط الشهوات، فتحيا السنن النبوية، وتندحر البدع والخزعبلات.
فالأئمة هم خير الناس ، وبمواعظهم يهتدي السالك، وتسمو بتوجيهاتهم النفوس، وهم مبلغون لدين الله، داعون إلى كل خير وفضيلة ، القائمون على حدود الله،الصالحون المصلحون ، الذين أثنى الله تعالى عليهم وامتدحهم فقال : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} سورة فصلت الاية33. ويسعد الناس بالأئمة الأكْفَاء ، كما سعدت الدنيا والبشرية بخير البشر إمام الأئمة محمد نبينا المختار .
ومما يؤكد.أهمية حفظ هيبة الأئمة في نفوس العامة متابعة الإمام في أفعاله الظاهرة، وحرمة مسابقته ، أو التأخر عنه، ومقتضى ذلك ألا يخالفه في شيء، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم جالسا فصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا، ثم قال:” إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين” متفق عليه. وهكذاتتعود الأمة الإسلامية على الاجتماع على طاعة ولي أمرها وقائد مسيرتها، وعدم التفرق ؛ حتى لا يختلفوا ويتشتتوا. فصلاة الجماعة ولاية صغرى، لأنهم يقتدون بإمام واحد يتابعونه تمامًا، ويستشعر المأمومون أنهم في مقام أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا شك أن ارتباط آخر الأمة بأولها يعطي الأمة الإسلامية دفعة قوية إلى اتباع السلف واتباع هديهم…اللهم الهم أئمتنا الحكمة والصواب