مع المستشارة التربوية والاسرية احلام جمعة- “زوجي شديد كثير على الاولاد..!”
” زوجي شديد كثير على الاولاد.. مش دايما بخبره شو بصير معهم، وباحاول احل مشاكلهم بدون ما ادخله لانه عصبي وعارفه رد فعله راح يكون صعب. احيانا لما بزودوها بهددهم اني اخبر ابوهم وعالاغلب ما بخبره لانه بشد عليهم كثير، وانا ما بدي يطلعوا “معقدين”.. ولهيك انا باضطر اكون متفهمه ولينه معهم”
يتضح لنا لاول وهلة وجود اسلوبين مختلفين في التربية لكلا الوالدين. الاب يستخدم سلطته الابوية بطريقته الخاصة عند التعامل مع اخطاء ابناءه والام تتخذ طريقة اخرى مختلفة. قد نجد ان هذا النمط في تعامل الوالدين مع الابناء يتبع في كثير من البيوت، بحيث يتخذ الاب اسلوبا معينا قد يكون حازما او صارما اما الام فتتخذ اسلوبا اخر اكثر لينا وتساهلا لانها ترى ذلك اصح.
ما المشكله هنا؟
اولا، عدم الاتفاق بين الوالدين على اسلوب تربية الابناء هو بحد ذاته خلل في العلاقة الزوجية وبالتالي خلل في اسلوب التربية الذي يتلقاه الابناء. اتخاذ الام الاسلوب المتساهل والتغطية على اخطاء الابناء وعدم اخبار الاب بها هو تقليل من شان الاب امام ابناءه واضعاف سلطته الوالديه والغاء دوره في السيرورة التربوية التي تكون مشاركة الاب بها ضرورية جدا لبناء الهوية الذاتية لابنائه ولتطورهم ونموهم بشكل سليم.
ثانيا، محاولة الام ابعاد الاب من المشاركة في ادارة الجانب التربوي في الاسرة ومن التدخل عند ارتكاب الابناء اخطاء سلوكية، كي تتجنب التصادم والمشاحنات بينهم، من شأنه ان يمس بعلاقة الابناء مع والدهم ويزيد من تحيزهم وتحالفهم مع والدتهم كونها الطرف اللين والمريح بالنسبة لهم، وليكون الاب في نظرهم الطرف “المخطئ” الذي لا يحسن التصرف عند حل المشاكل.
اما النتيجة فستكون ضارة للابناء وللوالدين ايضا، لان الابناء سيحرمون من التوجيه والضبط اللازم لبناء شخصية متوازنة نفسيا قادرة على التمييز بين الصواب والخطأ وعلى تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات السليمة، وسيحرمون ايضا من الفرص التربوية للتعلم من اخطائهم وكيفية تصحيحها. وطالما هناك من يحميهم ويتحمل بدلا منهم نتائج اخطائهم ولا يقوم بتقويمها, فلن تكون هناك فرصة للابناء لادراك الخطأ في سلوكياتهم ولن يكون لديهم مانع للاستمرار والتمادي بهذه السلوكيات الخاطئة دون رادع، ولاحقا سيجد الوالدين صعوبة كبيرة في ضبطهم وسيفقدون ما تبقى لهم من سلطة ومن روابط اسرية سليمة، وقد يؤدي هذا النهج في التربية الى تعرض الابناء وميلهم للانحرافات السلوكية مستقبلا (يقصد هنا بالابناء من كلا الجنسين).
ما العمل؟
فيما لو كان الاب عصبيا واسلوبه في التعامل مع مشاكل الابناء قاسيا بنظر الام، من الخطأ ان تظهر معارضتها على هذا الاسلوب امام الابناء وتقوم باتخاذ ردود فعل معاكسة للاب عند معالجة الاخطاء السلوكية،, ومن الخطأ ان تخفي عن الاب ما يحدث مع الابناء من مشاكل واحداث اخرى، لان الضرر الذي يحدثه هذا الاسلوب هو اكبر من الضرر الذي يحدثه رد فعل الاب الصارم او القاسي. لذا على الام ان تبدي تاييدها لموقف الاب امام الابناء وتوضح لهم الخطأ في سلوكهم وما يترتب عليه من نتائج سلبية وان تعزز دور الاب وتشركه في كل ما يتعلق بامورهم الحياتية، واذا وجدت ان اسلوبه يضر بهم عليها ان تناقش الموضوع معه على انفراد وان تصل معه الى اتفاق حول ردود الفعل المناسبة الواجب اتخاذها عند كل مشكله او سلوك خاطئ للابناء، والاتفاق معه على صيغة واحدة لردود الفعل تجاه كل سلوك، ويمكنها الاستعانة باستشارة مهنية اذا تطلب الامر ذلك. ولتسهيل هذه المهمة، يرجى تدوين ردود الفعل لكل سلوك خاطئ كتابيا بمشاركة جميع افراد الاسرة وبقيادة الوالدين (اصحاب السلطة والقرار النهائي بالامر) والاتفاق على جميع البنود لتكون دستورا يتبعه الجميع دون استثناء. من المهم جدا ان يستخدم الوالدان اسلوبا واحدا في التربية وان يشارك احدهما الاخر بكل ما يدور في الاسرة وما يجري مع الابناء في المدرسة وخارجها وان يتعاونا فيما بينهما على وضع القوانين بحيث تكون مفهومة وواضحة للابناء وان تحدد الخطوات لتنفيذها ومتابعتها حتى تحقق اهدافها بما يعود بالفائده على الجميع.
علينا ان لا ننسى ان الخلافات والصدامات بين الابناء والوالدين هي امر طبيعي بل هي صحية وضرورية اذا كانت بالمقدار الذي يسمح بالحوار والتعبير الذاتي، ولا ننسى ايضا ان الابناء بحاجة الى الحدود في جميع مراحل حياتهم وهذا يتطلب من الوالدين التعاون على وضعها وتنفيذها عن طريق تقوية المكانة والسلطة الوالدية لكلا الوالدين وليس لاحدهما فقط.
مش حلوه هيك تحكي عن زوجك امام كل الناس…..حتى لو انه الموضوع تربيه ولا تعليم