اقتحمت الأرجيلة بالسنوات الأخيرة معظم المطاعم والمقاهي في الطيبة، قلنسوة والطيرة، وأصبح من رابع المستحيلات وجود مطعم أو مقهى لا يُقدم الأرجيله في هذه البلدات.
ظاهرة تدخين المراهقين من فتيات المدارس والجامعات في المثلث، أضحت واقعا ملموسا، ففي نتائج استطلاع أجرته مراسلة الطيبة نت ضمن زاوية صدى البلد للراي العام، أشار اهال من المثلث إلى أن نحو 20 بالمئة من المدخنين والمدخّنات، لاتتجاوز أعمارهم/ن الـ 16 سنة و 20 سنة.
” قال لي خود نفس وفرجي أصحابي كيف بتطلع دخان من مناخيرك”
في أحد المطاعم في مدينة الطيبة، كان يجلس الشاب مصطفى (19 سنة)، على طاولة تنوّعت فيها المشروبات الغازية، إلى جانب الأرجيلة، عندما التقى به طاقم صدى البلد، كان مصطفى يلتقط خرطوم الأرجيلة ويسحب ما يسحب إلى فمه، وينفث من شفاهه سحبا من الدخان الكثيف، فيغطي الدخان أرجاء المكان.
يقول مصطفى ” حكايتي مع الأرجيلة انطلقت منذ كان أبي يصحبني معه لجلسات الاصدقاء، فأنا الإبن المدلل لعائلتي، كان أبي يطلب مني أن أسحب من دخان الأرجيلة، وأن أحبس الدخان بصدري فأخرجه من أنفي للتباهي بي ليس أكثر، وأنا كنت أقوم بهذا العمل لإسعاد من حولي وسط الضحكات، التي انتهت بذات الضحكات التي أضحكها الآن، كلما تعاطيت الحشيش”.
ويواصل مصطفى حديثه قائلا ” دخنت أول مرة الحشيش في حياتي، كان ذلك في بيت خالتي مرة ومرتين وثلاث، حتى جاء يوم فتفاجات بأمي مصابة بالسرطان، حينها كان علي التوقف عن الحشيش فورا”.
” أولها دلع وآخرها ولع”
وعن نصيحة مصطفى للشباب مدخني الارجيلة، ينصح مصطفى الشباب قائلا ” الأرجيلة مثلها مثل أي إدمان آخر، فهي إلى جانب التسلية سوف تقضي على حياة مدمنها عاجلا أم آجلا”، مضيفا ” أن عشرات الشباب المراهقين يتعاطون المخدرات بعد الأرجيلة، وخاصة الحشيش، وبالنهاية سيكون مهملين بحق بيوتهم وأهلهم، ومذلولين من أجل ساعة مرح ومتعة”.
في الداخل الفلسطيني، الأرجيلة ليست حكرا على الشباب فقط، فثمة شابات يعترفن بميولهن نحو الأرجيلة، معترفات بأنهن يترددن كل فترة وفترة لتدخينها.
تعترف أريج ( 19 سنة) ..
” أنا أدخن الأرجيلة للتسلية، أعتقد أنها تُضفي جوا مسليا، معظم صديقاتي يترددن على تدخين الأرجيلة، فهن يستمتعن بمذاقها المتنوع من التفاح والليمون والبطيخ، ومذاقات أخرى”.
وأردفت أريج قائلة ” في البداية كنت أتردد على مطاعم في طولكرم ونابلس لكي أدخن الأرجيلة، أصحب معي صديقتي أو خالتي، أما اليوم فأنا أدخن في منزلنا وأمام أهلي، وأظن أن هذا أفضل لي، فنحن ما زلنا نعيش في مجتمع محافظ نوعا ما”.
أما أسيل ( 18 عاما) فهي تعترف بأنها ترتاد مطعما لتقديم الأرجيلة كل 4 أيام تقريبا، مؤكدة على ” أن جو المطعم مسلي أكثر، فضلا عن تعلقها الشديد بتدخين الأرجيلة، ولعدم سماح والديها وأخوتها لها في فعل ذلك داخل المنزل”.
من جانبها حذّرت المربية ميراف حاج يحيى- مصاروة، وهي مركّزة تربية اجتماعية، ” من خطورة ارتياد هذه الفئة من فتيات المدارس للمقاهي، التي أضحت تروّج لتدخين الأرجيلة بشكل جماعي، بدلا من اعتبارها فرصة لتوطيد العلاقات الاجتماعية”.
وتستطرد ميراف ” تدخين الأرجيلة من قبل الشباب والفتيات، أصبح ظاهرة لا يمكننا أن نتجاهلها، وعلينا فعلا أن نفكّر في إيجاد حلول للتقليل منها”.
وأردفت ميراف” أن انتشار هذه الظاهرة تنم عن عدم وعي لأضرارها الجسيمة، لأن معظهم يعتقدون بأنها أقل ضررا من السجائر، وطبعا العكس هو الصحيح”.
وأوضحت ميراف ” أن سبب اقبال الشبيبة الفتيان على الأرجيلة، بأنهم يعتقدون أن تدخينها هو رمز من رموز الرجولة، للأسف، فيما ترى الفتيات أنه بمجرد تدخين الأرجيلة يشعرهن بعدم تبعيتهن للأهل، وأنهن يتصرفن بحرية ذاتية”.
كلاليت ..تدخين النرجيلة ” عادة ينبغي التخلص منها”
في نشرة لها على الإنترنت قالت عيادة كلاليت المركزية؛ ” لقد أثبت علميا أن دخان التبغ بالإضافة إلى النيكوتين، فإنه يحتوي على مركّبات سامه ومسرطنة أخرى منها البولونيوم، وهو عنصر مشع له تأثيراته المسببة لمرض سرطان الرئة، أما بالنسبة للقطران، فقد أثبتت أضراره عندما قام علماء بدهن جلود الأرانب بالقطران، وبعد ذلك بسنة أو سنتين، تبيّن أنها إصيبت بسرطان الجلد الفتّاك”.
” على الجهات المختصة توعية الشباب والوقوف عند أخطار الأرجيبة”
الناشط الاجتماعي نواف زميرو من قلنسوة يقول ” انتشار الأرجيلة بين الناس ومؤخرا لدى الفتيات، يشكّل خطرا على صحة الجميع، فرأس أرجيلة واحد، يساوي في مفعوله عشر سجائر، ويسبب أمراضا مثل السرطان والسعال المزمن، وامراض القلب وأمرض أخرى، وأرى أن الوضع أصبح يشكّل آفة خطرة ومدمّرة، ويجب على الأهالي ردع أبناءهم عن استعمال الأرجيلة، وعلى الجهات المختصة تكثيف النشاطات وتوعية الشباب منذ الصغر، على أخطار هذه الظاهرة السلبية، وإبعاد مقاهي الأرجيلة عن محيط الناس، لأن مكانها القريب سيشجع الجميع على التردد إليها”.
” يجب سن قانون يحظر على بائعي الأرجيلة تقديمها للمراهقين”
وعزت الناشطة الاجتماعية بهاء نور الدين- عبد القادر دوافع المراهقين لتدخين الأرجيله إلى ” الاعتقاد الوهمي بأن الأرجيلة لا تسبب الضرر كالسجائر، ولكن الحقيقة تثبت أن عكس ذلك هو الصحيح، أما السبب الآخر باعتقادي فهو تقليد الأهل، ومن المعروف أن الفتيان في سن المراهقة يحاولون تقليد أهلهم، واكتساب صفاتهم”.
وتابعت وهي تعدد الأسباب ” هذا طبعا عدا عن الشعور بالنضوج المبكّر، إلى جانب انشغال الأهل بمتطلبات الحياة، فإن الشباب يستغلون هذا الفراغ ويلجأون إلى الأرجيلة، مقابل إمساكهم بزمام بزمام الأمور في تخطيط حياتهم بما يحبون ويشتهون، وهذا بحد ذاته يعتبر انعكاسا لنتائج عصر العولمة وانتشار التكنولوجيا الحديثة”.
ولفتت نور الدين- عبد القادر النظر إلى ما وصفته ” بالداهية الكبرى” وهي ” حماية الشرطة للفتيان والفتيات من تربية الأهل”، بإشارة إلى تدخل الشرطة بمعالجة المشاكل بين الأهل وأبنائهم التي تنتج عن رفض الأهل أحيانا من بعض تصرفات أبنائهم.
” عائلات كامل أفرادها يدخّنون، فليس غريبا على ابنها المراهق”
وترى شهلة حاج يحيى، وهي ناشطة اعلامية وأم، ” أن ظاهرة الأرجيلة ليست مقتصرة على المراهقات من الفتيات، بل تشمل ربات البيوت أيضا”، مؤكدة ” أن تدخين الأرجيلة أصبح موضة اجتماعية، إذ أصبحت النساء يقبلن على تدخينها من باب مجاراة هذه الموضة الاجتماعية مع صديقاتهن”.
” وبخصوص ظاهرة تدخين المراهقين للأرجيلة، فهذا لم يأتِ من فراغ”، قائلة إن للأهل والتربية شأن بهذا الموضوع”،
كما تشدد شهلة على ” أن هناك العديد من العائلات جميع أفرادها يدخنون الأرجيلة؛ الأب، الأم والأخوة، لهذا يرث المراهق هذه العادة السيئة عنهم”.