دوامة التناوب في “المشتركة”، وماذا بعد؟ – بقلم ناضل حسنين
ازمة التناوب في القائمة العربية المشتركة في الكنيست تنبئ بشرذمة في قيادة الجماهير العربية في البلاد وبالتالي الى شرخ عميق بين التشكيلات السياسية وانصارها…
حين تؤكد قيادة “الحركة العربية للتغيير” على أن النائب أسامة السعدي مستعد للاستقالة فورا شرط أن يكون ذلك في إطار “رزمة تناوب” تضمن في نهاية المطاف “وصول” مقعد الكنيست الشاغر الى مرشحة “التجمع”، نيفين أبو رحمون، فإن هذه القيادة بذلك تعرب عن عدم ثقتها بكل من المرشحين إبراهيم حجازي (الموحدة – الحركة) ويوسف عطاونة (الجبهة) فيما المرشح الثالث المتبقي وائل أبو يونس فهو من “العربية للتغيير”، ويفترض ألاّ يخرج عن التزام قيادة حركته وأن يتنازل هو الآخر عن العضوية فورا.
إذن أين يختفي اللغم الذي يخيف قيادة “العربية للتغيير”؟ بعد ان تولى سعيد الخرومي (الموحدة) عضوية الكنيست بدلا من عبد الله أبو معروف، باتت الموحدة (الحركة الإسلامية …) بلا أي مطالب اضافية، لأن عدد نوابها يكون قد بلغ العدد المنصوص عليه في الاتفاق وهو أربعة نواب في النصف الثاني من المدة، ولهذا من المنطق الاعتقاد بأن المرشح القادم من الموحدة (الحركة) وهو إبراهيم حجازي، لن يعارض التخلي عن عضوية الكنيست التي ستؤول اليه مباشرة عند استقالة أسامة السعدي.
يبقى اللغم اذن عند مرشح “الجبهة”، يوسف العطاونة، التالي في الترتيب وهو على ما يبدو، من يشكل منبع خشية “العربية للتغيير”، على الأقل ظاهريا. فالجبهة التي كانت ممثلة بخمسة نواب، أصبحت الآن بعد استقالة أبو معروف، ممثلة بأربعة نواب فقط. وكما هو ملاحظ فإن موقف الجبهة هنا تشوبه الضبابية وهي لا تسارع الى اعلان التعهد بصوت واضح بأن مرشحها يوسف عطاونة سيستقيل فور وصول دور التناوب اليه. وبالتكتم على نواياها، تفسح “الجبهة” المجال امام “العربية للتغيير” لرفع مطلب غريب أسمته “رزمة التناوب”، أي استقالة الجميع معا كي يصل الدور لغاية مرشحة “التجمع” الرابعة، نيفين أبو رحمون.
بذات المنطق، تبدي “الجبهة” خشيتها هي الأخرى، من انه في حال تنازل مرشحها يوسف عطاونة وانتقل حق العضوية الى التالي في الترتيب وهو وائل أبو يونس من “العربية للتغيير”، فما من ضمانة بأنه سيتنازل عن العضوية لصالح نيفين، وعندها ستكون “العربية للتغيير” قد استبدلت نائبها أسامة السعدي بمرشحها الآخر وائل أبو يونس، أي انها عادت بمقعدين مجددا، وكأنها اجرت تناوبا داخليا. وحتى لا تقع اللائمة في هذه الحالة على “العربية للتغيير”، فمن المحتمل ان يتخلى أبو يونس فورا عن أي علاقة له بـ “العربية للتغيير” ويبقى جالسا بكل اريحية في مقعده البرلماني.
تبدو الصورة لأول وهلة، وكأنها ارتداد لعدم ثقة تراوح بين “الجبهة” و”العربية للتغيير”، ولكن هناك من يرى عكس ذلك. فلقد تسنى لي مؤخرا وفي أكثر من مناسبة، الاستماع الى رأي يقول ان مرشح “الجبهة”، يوسف عطاونة، لا يعلن استعداده للاستقالة، عملا بنصائح شخصية رفيعة في “الجبهة” تشير عليه بالتروي لسببين: الأول هو إرباك رئيس “القائمة المشتركة”، ايمن عودة، لحاجة في نفس يعقوب وانتهاز هذه الازمة للبرهنة على ان تجربة “المشتركة” التي نجح بترتيبها ايمن عودة ما هي الا فشل موقوت. والسبب الآخر، هو أن صمت يوسف عطاونة (الجبهة) يأتي خدمة “للعربية للتغيير” كمبرر يتمسك به النائب السعدي في رفضه تقديم الاستقالة.
على اية حال، فسواء كانت الازمة نابعة من عدم الثقة بين “الجبهة” و”العربية للتغيير”، ام نتيجة التنسيق الخفي بينهما، فكلاهما لا يكنان فائضا من الحب تجاه “التجمع” ليقدما له مقعدا رابعا في الكنيست على طبق من السلاسة، لا سيما وان من أوقع “القائمة المشتركة” في هذه الدوامة التناوبية هو ابن “التجمع” النائب السابق باسل غطاس، وليس سواه.
للاسف غلطه شنيعه اختيار هذه الشخصيات المتهاويه والشائنه لتمثل الجمهور العربي في برلمان “اسرائيل” وهم في امس الحاجه لطبيب نفسي خبير في مجالات الوعي التشرذمي …والله المستعان ..