35 عاما على مجزرة صبرا وشاتيلا
يُصادف اليوم 16- أيلول الذكرى الخامسة والثلاثين لمجزرة “صبرا وشاتيلا”، التي نُفذت في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، في يوم الـ 16 من أيلول 1982 واستمرت لمدة ثلاثة أيام، على يد المجموعات الانعزالية اللبنانية المتمثلة بحزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي والجيش الإسرائيلي.
وتاروحت التقديرات حول عدد الشهداء الذين سقطوا في هذه المجزرة ما بين 750 و3500 شهيد من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح.
وفرضت القوات الغازية للمخيم انذاك طوقا كاملا على المخيمين، والتي تمثلت في الكتائب اللبنانية والجيش الإسرائيلي الذي كان تحت قيادة ارئيل شارون ورفائيل ايتان، أما قيادة القوات اللبنانية فكانت تحت إمرة إيلي حبيقة المسؤول الكتائبي المتنفذ، حيث قامت القوات بالدخول إلى المخيم وبدأت بدم بارد تنفيذ المجزرة التي هزت العالم دونما رحمة وبعيدا عن الإعلام، وكانت استخدمت الأسلحة البيضاء وغيرها في عمليات تصفية سكان المخيم العزل، كما كانت مهمة الجيش الإسرائيلي محاصرة المخيم وإنارته ليلا بالقنابل المضيئة، وقصفه بالمدفعية الصهيونية.
وأشارت تقارير عدة إلى عدد الشهداء في هذه المذبحة، ولكن لا يوجد تطابق بين التقارير بحيث يأتي الفرق بين المعطيات الواردة في كل منها كبيرا. فقد ورد في رسالة موجهة من ممثلي الصليب الأحمر لوزير الدفاع اللبناني أن تعداد الجثث بلغ 328 جثة، ولكن لجنة التحقيق الإسرائيلية برئاسة إسحاق كاهن تلقت وثائق أخرى تشير إلى تعداد 460 جثة في موقع المذبحة.
وفي تقريرها النهائي استنتجت لجنة التحقيق الإسرائيلية من مصادر لبنانية وإسرائيلية أن عدد الشهداء بلغ ما بين 700 و800 نسمة. وفي تقرير إخباري لهيئة الإذاعة البريطانية BBC يشار إلى 800 شهيد في المذبحة. وقدرت بيان نويهض الحوت، في كتابها “صبرا وشتيلا – سبتمبر 1982″، عدد الشهداء بـ1300 نسمة على الأقل حسب مقارنة بين 17 قائمة تفصل أسماء الضحايا ومصادر أخرى.
وأفاد الصحافي البريطاني روبرت فيسك أن أحد ضباط الميليشيا المارونية الذي رفض كشف هويته قال إن أفراد الميليشيا قتلوا 2000 فلسطيني. أما الصحافي الإسرائيلي الفرنسي أمنون كابليوك فقال في كتاب نشر عن المذبحة إن الصليب الأحمر جمع3000 جثة بينما جمع أفراد الميليشيا 2000 جثة إضافية مما يشير إلى 3000 قتيل في المذبحة على الأقل.
وفي التفاصيل ففي عام 1982 بدأت مجزرة صبرا وشاتيلا في مخيمين للاجئين الفلسطينيين في لبنان على يد الجيش الإسرائيلي بالتعاون مع القوات الانعزالية، حيث صدر قرار المذبحة برئاسة رفائيل ايتان رئيس أركان الحرب الإسرائيلى وآرييل شارون وزير الدفاع آنذاك.
ودخلت ثلاث فرق إلى المخيم كل منها يتكون من خمسين وحاصرت سكان المخيم، ثم أخذ أفرادها يقتلون المدنيين قتلاً بلا هوادة، أطفالٌ في سن الثالثة والرابعة وُجدوا غرقى في دمائهم، حوامل بقرت بُطونهن ونساء تم اغتصابهن قبل قتلهن، رجال وشيوخ ذُبحوا وقُتلوا، وكل من حاول الهرب كان القتل مصيره. 48 ساعة من القتل المستمر وسماء المخيم مغطاة بنيران القنابل المضيئة.
كما أحكمت الآليات الإسرائيلة إغلاقَ كل مداخل النجاة إلى المخيم فلم يُسمح للصحفيين ولا لوكالات الأنباء بالدخول إلا بعد انتهاء المجزرة حين استفاق العالم على مذبحة من أبشع المذابح في تاريخ البشرية، عدد القتلى في المذبحة لا يعرف بوضوح وتتراوح التقديرات حول 4000 شهيد من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح.
ونفذت المجزرة انتقاما من الفلسطينيين الذين صمدوا في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية طيلة ثلاثة أشهر من الحصار، الذي انتهى بضمانات دولية بحماية سكان المخيمات العزل بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، لكن الدول الضامنة لم تفِ بالتزاماتها وتركت الأبرياء يواجهون مصيرهم قتلا وذبحا وبقرا للبطون.
وهدفت المجزرة إلى بث الرعب في نفوس الفلسطينيين لدفعهم إلى الهجرة خارج لبنان، وتأجيج الفتن الداخلية هناك، واستكمال الضربة التي وجهها الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 للوجود الفلسطيني في لبنان، وتحريض الفلسطينيين على قيادتهم بذريعة أنها غادرت لبنان وتركتهم دون حماية.
في 1 نوفمبر 1982 أمرت الحكومة الإسرائيلية المحكمة العليا بتشكيل لجنة تحقيق خاصة، وقرر رئيس المحكمة العليا، إسحاق كاهـن، أن يرأس اللجنة بنفسه، حيث سميت لجنة كاهن . في 7 فبراير1983 أعلنت اللجنة نتائج البحث وقررت أن وزير الجيش الإسرائيلي أريئل شارون يحمل مسؤولية مباشرة عن المذبحة إذ تجاهل إمكانية وقوعها ولم يسع للحيلولة دونها. كذلك انتقدت اللجنة رئيس الوزراء مناحيم بيغن، وزير الخارجية إسحاق شامير، رئيس أركان الجيش رفائيل ايتان وقادة المخابرات، قائلةً إنهم لم يقوموا بما يكفي للحيلولة دون المذبحة أو لإيقافها حينما بدأت. رفض أريئيل شارون قرار اللجنة، واستقال من منصب وزير الدفاع عندما تكثفت الضغوط عليه. وبعد استقالته مباشرة عين شارون وزيرا للدولة الاسرائيلية. كما تم بعد ذلك انتخابه رئيسا للحكومه وقام بمجازر غيرها في الأراضي الفلسطينية ولم يتم محاكمته رغم ثبوت التهم عليه.