تناقلت وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة أخبارا حول تواجد أشخاص يرتدون زي مهرجين وبحوزتهم هراوات أو آلات حادة ، يجوبون الشوارع ويتعرضون للمارة حيث أثار وجودهم نوعاً من الخوف لدى البعض وخاصة الأطفال ، وفي الحين ذاته أثار لدى البعض الأخر رغبة في التحدي والتقليد وخاصة لدى الفتيان والشباب.
وقد أدى الخوف ببعض الأطفال لسؤال ذويهم هل يدخل هؤلاء المهرجون البيوت ليلا أم لا؟ وفي المقابل أدت الرغبة في التقليد والتحدي إلى أن أصبح بعض الفتيان والشباب يقلدون هؤلاء والبعض الأخر يتحدى فعلا بالتعرض لهؤلاء المهرجين.
والسؤال المطروح وبحق هو ، هل سيقتصر هذا الخوف على السؤال فحسب أم سيتعداه إلى ما هو أبعد من ذلك وهل سيقتصر التقليد على ارتداء الزي فقط أم أنه سيتعداه إلى حمل الهراوات والآلات الحادة واستخدامها ضد المارة في الشوارع وهل سيقتصر التحدي على حد الكلام أم سيتعداه إلى الفعل والتنفيذ؟
ليس هناك من يمكنه حصر ذلك قط فها هم بعض الشباب في إحدى المدن المختلطة قد طاردوا شخصا يرتدي زي المهرجين مطاردة جادة ولو أمسكوا به لربما كانت النتائج وخيمة، لولا لطف الله، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل اعتلى بعض الشبان ظهور البيوت والمدارس بغية مراقبة المناطق المحيطة واصطياد من يرتدون زي المخرجين حال دخولهم لهذه المناطق.
وهنا وفي ظل هذا كله وبما أن هذا الأمر كاد يعم البلاد من أقصاها إلى أقصاها فها نحن نسمع عن وجود هؤلاء في الشمال والجنوب والوسط بمعنى أن وجودهم أصبح ظاهرة مقلقة للغاية لا بد من طرح سؤال مفاده من هي الجهة التي تقف وراء نشر هذه الظاهرة وما هي بغيتها من ذلك، هل هي ظاهرة ممهدة لأنتشار الفوضى في الشوارع وإثارة الخوف والرعب لتحقيق هدف ما.
على كل الأحوال فإن مسؤولية التصدي لهذه الظاهرة في الدرجة الأولى ملقاة على عاتق الشرطة بصفتها المسئولة عن الأمن العام وعن حفظ النظام، فمن هذا المنطلق عليها القيام بواجبها قبل فوات الأوان والقبض على كل من يخرج إلى الشارع مرتديا هذا الزي ومساءلته بحجة إثارة العلع والترويع والإخلال بالنظام العام على الأقل.
ومن ناحية أخرى على المدارس تخصيص حصص يومية في هذه الفترة على الأقل لتوعية الطلاب حول مخاطر هذه الظاهرة وكذلك على أولياء الأمر التحدث مع أطفالهم حول هذه الظاهرة والتنبيه إلى مخاطرها وكذلك على أئمة المساجد تنبيه الناس من خلال خطب الجمعة إلى وجود هذه الظاهرة ومخاطرها.
فكما هو معروف يعتبر التهريج نوعا من الترويح عن النفس وضربا من ضروب جلب المتعة في حال كان حقيقيا وساذجا ولكن إذا تخطى ذلك واتسم بما يتسم به اليوم حيث يتحول إلى وسيلة للتمويه للتمكن من الإضرار بالناس والتعدي عليهم، فهو مرفوض جملة وتفصيلا، لأنه لربما يؤدي حتى إلى القتل سواء كان ذلك من قبل من يرتدي زي المهرجين ، وسواء كان ذلك من قبل المقلدين أو المتحديين وقد تكون الضحية أخا أو قريبا أو جارا.
العلاج الأنجع في مثل هذه الحالات هو التوعية قبل اللجوء إلى اتخاذ الإجراءات القانونية لأنها قد تستغرق الوقت الطويل نظرا لاختلاف الجهات المسئولة حول الآليات وحول الاعتبارات القانونية بحجة اعتبار هذا الزي نوعا من التعبير عن الرأي تارة وبحجة اعتبار تدخل الشرطة تعدي على حرية الفرد تارة أخرى من هنا يجب الشروع فورا بحملات توعية دون تلكؤ وفوات الأوان فحينها لن ينفع الندم والقول أن هذه ظاهرة المهرجين لا تعدوا كونها ظاهرة بين الجدّ والهزل.