إسلامنا الحنيف دين التسامح !، بقلم الشيخ ابو عكرمة الطيباوي
إذا أرادت البشرية المتنازعة والمشتتة والمليئة بالحروبات والكراهية والدماء ،النجاة إلى شاطئ وبر الأمان ، يجب عليها في أنحاء المعمورة ، تعميم ثقافة وترسيخ قيمة التَّسامح الإسلامي العظيم.حيث يعتبر التَّسامح إحدى أهم القيم والأخلاق الإسلاميَّة السَّامية.
وانني اقصد التسامح على كافة المجالات والأصعدة، لأنه نابع من السماحة بكل ما تعنيه ،من حرية، ومن مساواة في غير تفريق جنسي، أو تمييز عنصري.وفي كل زمان ومكان: البيوت والمدارس والمستشفيات والشوارع والمساجد ووسائل النقل والمقاهي والجيران.
لهذا سيكون نقاشي ، بلا خداع او نفاق او تلون ، لأن عقيدتنا الراسخة الناصعة ترفض الذبذبة والدهن وأنصاف الحلول المنحرفة والإلتقاء المميع والمقيت بمنتصف الطريق ليرضى البشر عنا ،حتى لو غضب علينا ربنا تبارك وتعالى!! .
وانني أقدم قصة من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث عند دخوله مكة المكرمة فاتحاً ، علم أن الصحابي سعد بن عبادة الأنصاري رضي الله عنه ، عندما مر بأبي سفيان في كتيبة الأنصار ردد قائلا: ” اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة ، اليوم أذل الله قريشاً “، فلما وصل الخبر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، استنكره وقال كلمته الخالدة : “اليوم يوم المرحمة ، اليوم يعز الله قريشاً ، ويعظم الكعبة”.
لقد حرص الاسلام تعميم التسامح على مستوى الأعراق والألوان والشعوب ، وتكفَّل بضمانِ حقوق أهل الذمَّة وحريَّاتهم ، وأوصى بلينِ الدَّعوة والإسلوب واجتناب المجادلة والفظاظة، وتجاوزت شرائع الإسلام ذلك المفهوم لِتُحلَّ ذبائح الكتابيين وطعامهم، بل إنَّ أهل الذمَّة وأهل الكتاب كانوا يجدون العدل في ديار المسلمينَ، ويقتفون آثارهم في طيب المعاملة والمعاشرة وحسن الجوار .والاية القرانية تخاطبنا معلنة :(ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ ۖ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ ). ويشهد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” بعثت بالحنفية السمحة “.
عالمنا المعاصر بحاجة ماسة إلى التسامح الإسلامي الإيجابي الفعال للتعايش الطيب والحسن بين البشر، لوجود تقارب غريب وعجيب بين الثقافات، وتفاعل متين بين الحضارات بسبب الثورة التكنولوجية الهائلة التي أزالت الحواجز الزمانية والمكانية بين الناس، فأصبح الجميع يعيش في قرية كونية كبيرة.
وانني أقصد التسامح العادل والمنصف المؤسس على الاحترام المتبادل والاعتراف بالحقوق والحريات الأساسية للأمم والشعوب. وإنني على ثقة ويقين أن إسلامنا وحده الكفيل بتحقيق العيش بالتسامح بين الشعوب المختلفة والمتنوعة من البشر . روي عن عبادة بن الصامت أنه قال ” يا نبي الله أي العمل أفضل، قال: الإيمان بالله والتصديق به الجهاد في سبيله ، قال أريد أهون من ذلك يا رسول الله، قال السماحة و الصبر” . ويوم ان يقتنع أعداء الإسلام بالكف وعدم بذل جهودهم الدؤؤبة لإقناعنا انهم يدعون للتسامح الديني والتعايش بسلام مع كافة البشر وكانهم الحمل الوديع والحمائم البيضاء.
ومن جهة أخرى تتوقف محاولاتهم من الصاق التهم بالمسلمين أنهم يقودون الإرهاب والعنف! .حينها يمكن اجراء مناظرات وحوار علمية بين المسلمين وغيرهم تقوم على الحجة والاحترام يؤمها علماء ودعاة مسلمين تحت شعارنا القرآني :” قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ” .