شاعر المقاومة وشاعر القضية، مخلد الهوية، في حروف نقشها على أشكال لوحات فنية، توثق تاريخ فلسطين، يطرب ويبكي لها السامع ويثور… رحل! وبقيت كناقوس يدق في عالم التناثر!، إنه إبن مدينة الطيبة، الشاعر الراحل محمود الدسوقي، خلى من الدنيا ولم يخل شعره…
كان للطيبة حصة، وإسم فعال في المحافل المحلية والعربية والعالمية، سطره إبنها أيقونة المقاومة والشعر، رائد من الرواد الأوائل للشعر في الداخل الفلسطيني ورمزا أدبيا ووطنيا، الشاعر الراحل محمود الدسوقي.
وإيفاء منها وتكريما له، وإستمرارا لدعمها المتواصل على الصعيد الأدبي والثقافي لأبنائها، مدينة الطيبة تحتفي بإصدار المجموعة الشعرية الكاملة للشاعر المرحوم محمود الدسوقي ، لإبنها الشاعر المرحوم محمود دسوقي، مساء أمس الأول الخميس، ذلك في أمسية أدبية إحتفالية، نظمتها لجنة “رعاية الابداع” في بلدية الطيبة، في قاعة “المسرح البلدي” في مبنى البلدية.
وكحدث تاريخي، عجت قاعة المسرح البلدي بالوافدين من المدينة ومن كافة أنحاء البلاد في الداخل الفلسطيني، ليشاركوا بإمسية الوفاء التكريمية.
وتولى كل من المربي عبد الرحيم الشيخ يوسف والمربية سوسن ناشف عرافة وتقديم الأمسية، التي تخللتها نشاطات ثقافية منها جوقة مدرسة “المجد” الاعدادية بارشاد المربي والفنان جرير الصابر، إضافة إلى كلمات ترحيبية ومداخلات نقدية ومنصات شعرية .
وأكد رئيس بلدية الطيبة المحامي شعاع مصاروة منصور، في كلمته، على إستمرار دعم البلدية للنشاطات الثقافية والتربوية وتكريم أبناء الطيبة الذين شكلوا حيزا كبيرا في الذاكرة الجماعية، ولهم دورا كبيرا في صقلها، مشددا أن مثل هذه المهرجانات ستسمر، وأن الطيبة ستستمر بتكريم أعلامها، شاكرا بالنهاية لجنة رعاية الإبداع على مجهودها الكبير داعيا اِياها إلى الإستمرار بنشاطاتهم الثقافية التي من شأنها أن تعزز وعي الجماهير الثقافي وتساهم برفع شأن ومكانة البلد.
أما رئيس لجنة المتابعة محمد بركة فقد تحدث عن ” الشاعر محمود الدسوقي متذكرا وقفات الشاعر بما يخص قضية القدس ومساهمته بالحفاظ على الهوية الوطنية .
وكان للنقاد وقفة طويلة في مداخلاتهم مؤكدين أن الدسوقي ليس شاعرا كبيرا في الشعر الفلسطيني فحسب، وإنما في الشعر العربي كأحد ابرز شعراء المقاومة، إذ تحدث كل من د بطرس دلة، ياسين كتانة، رئيس مجمع اللغة العربية ، عبد الناصر صالح وكيل وزارة الثقافة الفلسطينية ، د غادة ادريس عن لجنة الابداع.
كما وإستأنس الحاضرين بقصائد شعرية لكل من الشاعر الفذ حسين جبارة ، الشاعر انور خير ،الشاعر محمود مرعي ، فيما ختم الناطق الرسمي لبلدية الطيبة فلاح حبيب بقصيدة شعرية عن القدس من قصائد الدسوقي .
وفي نهاية الحفل كانت كلمة لاهل المرحوم الشاعر قدمها نجله عدي الدسوقي، شاكرا فيها كل من ساهم في هذا العمل .
سيرة الشاعر في سطور:
ولد الشاعر محمود مصطفى دسوقي (أبو عدي) في مدينة الطيبة في فلسطين عام 1934، انهى دراسته الابتدائية في الطيبة، ثم التحق بالمدرسة الثانوية البلدية في مدينة الناصرة وتخرج منها عام 1955 ثم التحق بمعهد الصحافة ونال إجازة عام 1964 ثم التحق بجامعة تل-أبيب ودرس الاقتصاد وحصل على البكالوريوس عام 1970 ودبلوم في المحاسبة عام 1971.
نظم الشعر في سن مبكرة وهو ما زال في بداية المرحلة الثانوية، صدر أول شعر مطبوع له مع عدد من الطلاب الشعراء وهو ما زال في المدرسة الثانوية.
أصدر في عام 1957 ديوان “السجن الكبير” وفي عام 1959 ديوان “مع الأحرار”، كما أصدر ديوان “موكب الأحرار” فصودر ومنع نشره، وأعتقل الشاعر وقدم للمحاكمة بتهمة التحريض على الدولة (إسرائيل).
صدر له بعد ذلك:
ذكريات ونار
المجزرة الرهيبة
صبرا وشتيلا
طير أبابيل
جسر العودة
زغاريد الحجارة
الركب العائد
تراتيل الغضب
كتب الشاعر محمود دسوقي شعر المقاومة في فلسطين المحتلة عام 1948 وقد فرضت عليه الإقامة الجبرية في مدينته الطيبة سنوات طويلة وسجن مراراً بسبب ذلك.
يصور الشاعر في شعره حياة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال والمعاناة التي يلاقيها في أرضه ووطنه، يصور الامهم ويتغنى بأمالهم وقد تجاوب مع الانتفاضة ووصف أحداثها وتغنى بها.
شارك في عدة ندوات شعرية خارج الوطن وحصل على عدة شهادات تقديرية من المؤسسات الثقافية الفلسطينية. كما وشارك في عدة ندوات شعرية عالمية نظمتها وزارة الثقافة الفلسطينية.
ترجمت أشعاره إلى اللغات الفرنسية، الألمانية والإيطالية. وتناول شعره عدد من الدارسين داخل فلسطين وفي الوطن العربي.
له عدة دراسات منها:
الشعر العربي بين القديم والحديث
المعلقات والملاحم الشعرية عند العرب في الجاهلية
الاتجاه الوطني في الشعر العربي الفلسطيني – الاستقلال والثقافة الوطنية
الإسلام دين أم دين ودولة
الانتفاضة – انعكاسات وتفاعل هع أدب الداخل
الرسام العاشق – رسالة إلى جامعة الدول العربية
في عام 1994 أقيم للشاعر حفل تكريم في جامعة الأزهر (غزة- فلسطين) تحت رعاية الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ومنح شهادة تقدير، تقديراً له على مواقفه الوطنية.
واحتف مدينة الطيبة بتكريمه، في شهر مايو/ايار الماضي، ذلك بمبادرة منتدى الطيبة الادبي، بلدية الطيبة، اتحاد ادباء الكرمل، مؤسسة محمود درويش، نغم للثقافة، ومجلة الإصلاح، وبحضور أهالي الطيبة، وادباء، شعراء وكتاب من الداخل الفلسطيني.
توفي ليلة 27.10.2015، عن عمر ناهز الثانية والثمانين عاما، تاركا خلفه زوجة وأربعة أبناء.