يفر المسلم من ظلم بلاده الى دولة غربية، فيحمل معه نمط حياته السابق الى “الوطن الجديد” حفاظا على “قيمه واخلاقه” وسط مجتمع جديد منفتح
المهاجر العربي المسلم الهارب من الظلم والاستبداد في بلاده، يصل أوروبا فيتنفس الصعداء لأنه تخلص من القهر والتعسف. ولكنه ما يلبث ان يستقر للعيش في حي معظم سكانه من العرب في المدينة الأوروبية. في الحي يرفع الاذان في المسجد المجاور. في الحي مطعم عربي يقدم الحمص والشوارما والفول والفلافل. في الحي جزار يبيع اللحمة الحلال. في الحي محلات الملابس الشرعية من جلباب ودشداشة. في الحي مدرسة عربية وفيه مقاهي النرجيلة…في الحي العربي من المدينة الاوروبية، يلتقي المهاجر العربي عربا مثله وليس سواهم…
في الواقع فهو نقل صورة مصغرة من بلده الذي هرب منه الى المدينة الأوروبية. وبعد ان يحصل على حق اللجوء، يطلق لحيته ويرتدي جلبابه ويحجب نساء بيته ويقفل الابواب عليهن ويعيش على مخصصات الشؤون الاجتماعية دون ان يعمل…وعندما يستقر جيدا، يبدأ بالانتشار والاتساع في الفضاء الأوروبي الجديد بكل الوسائل…
يعيش حسب هذا النمط سنين طويلة، مغلقا على نفسه لا يختلط سوى بأبناء الجالية، بل انه لا يجيد لغة البلد الذي استقبله. لا يمر وقت طويل حتى نجده قد التحق بجماعة سلفية سرية جانحة للتطرف بعد ان جمعها الحقد. وما هي الى فترة قصيرة حتى يتحول الى غيور على تطبيق الشريعة في عيش كل من حوله، ويعادي كل من لا يتجاوب مع رؤيته، ناسيا انه فر من بلاده بسبب هذه المعايير…وحين لا يجد ارضا خصبة لفكره ونمط عيشه، وحين يلاحظ انهم اخذوا يتجنبون صداقته والاقتراب منه، يبدأ يتباكى ويحتج على التهميش والنبذ في البلد الجديد..
ان العمليات الإرهابية التي تقع في الدول الغربية بتنفيذ مسلمين، تكون في الغالب من صنع هذه العينة…شبان ترعرعوا في هذه الحارات وسط هذه الجاليات… وكونهم في أوروبا لا يغير من الامر شيئا سوى ان القبضة الأمنية الخانقة المعتادة في الدول العربية ليست قائمة في هذه الدول الغربية حيال المهاجرين…
لذا تقف الدول الغربية امام معضلة عليها الحسم بشأنها: إما تشديد شروط الهجرة اليها الى درجة وقفها، وهنا تصطدم بمعارضة شديدة من قبل مؤسسات حقوق الانسان ومقررات دولية، (اوربان) هنغاريا خير مثال على ذلك. وإما ان تستقبلهم ثم تضيق عليهم على اراضيها متخلية عن بعض القيم الديمقراطية لصالح التدابير الأمنية المستديمة… عملا بمبدأ “أن أمن المواطن اهم من رفاهيته”، وهنا تفقد الحكومات الغربية عادة الكثير من شعبيتها اما شعوبها…ميركل خير مثال على ذلك!