كان هناك ملحد حاوره كل المسلمين في حارته، وكان يظن نفسه منطقياً عارفاً على الرغم من انه كان يجد نفسه محرجاً، كلما تحاور مع مسلم، فقد كان يثبت له المسلم أنه مخطئ وأن إلحاده غير مبني على دلائل بل بالعكس فإلحاده مبني على تعامي عن الأدلة.
وفي يوم من الأيام قرر شيخ الحارة أن يحاور هذا الملحد، وجاء يوم الحوار وقدم الشيخ على الموعد متأخراً، فسأله الملحد عن سبب تأخره.
فقال الشيخ: كنت أريد أن آتي إلى هنا بـ “التاكسي”، لكن لم يقف أي “تاكسي” لي، لذلك بقيت في الانتظار، وفجأة، رأيت قطع الحديد تتطاير أمامي تتركب لتصنع لي الموتور وقطع سيارة، رأيتها تجمعت مع قطع أخرى من المطاط لتصنع الدواليب، وتجمعت سيارة أمامي، ركبتها وقدمت إليك.
فرد الملحد: أنا لا أصدق ذلك، فهذا كلام غير منطقي. هل تستطيع إثبات ما تدعي؟
فقال الشيخ: كيف إذاً تصدق أن كل هذا الكون وُجد وحده بالصدفة؟
فرد الملحد: من قال لك أن الكون وُجد بالصدفة بنفس طريقة السيارة؟ ومن قال لك أن الكون أساساً بحاجة إلى الصانع؟
الشيخ: تفضل حضرتك إشرح لي من اين أتى الكون ؟
الملحد : من الانفجار العظيم ، كان الكون متكتلاً في نقطه صغيره جداً هائلة الكثافة ثم تمدد بإطراد ونتجت المادة والطاقة، وصار الكون .
الشيخ : جميل جداً ، ومن الذي سَبب حدوث الانفجار العظيم ؟
الملحد : قوانين الفيزياء
الشيخ : دعني أُذكرك أنه قبل الانفجار العظيم لم تكن هناك لا مادة ولا طاقة ولا قوانين فيزياء !
الملحد : لم تكن مادة ولا طاقة ولكن كانت قوانين الفيزياء
الشيخ : لنفترض أنه كانت هناك قوانين ( لنفترض ) ، هل حسب رايك يمكن لقوانين السير ان تصنع السيارات والسائقين والمشاة والشوارع المعبدة وغيره !!!
الملحد : لا رد
الشيخ : انت ترى بالمنطق والعلم انه لا يمكن حدوث شيء من لاشيء دون وجود خالق فكيف تسمح لنفسك باعتناق الضلالات والجهل ! الا تفكر قليلاً
الملحد ( مطرقاً رأسه ) : ولكن يا شيخ اذا كان هناك خالق فمن خلقه !
الشيخ :كي أجيبك أودّ ان أسالك أولاً هل توافقني ان العلم اثبت ان الكون مخلوق له بداية ونهاية
الملحد : نعم أوافقك
الشيخ : إذاً فالكون موجود وهو مخلوق “مزبوط” ؟
الملحد : “مزبوط”
الشيخ : دعنا نستبدل كلمه الكون بـ ( أنت ) .انت أبن ابيك وأبوك ابن جدك وجدك له والد وهكذا كل واحد من سابقيك له والد، “مزبوط “؟
الملحد : “مزبوط”
الشيخ : تخيل اننا بقينا نرجع للوراء طوال الوقت ولم نقف عند اول جد لك ، لنفترض انه لم يكن آدم عليه السلام وانه ليس هناك اول البشر وبقينا نرجع الى الوراء دائما الى ما لا نهاية
هل برأيك سنقف عند اول جد لك ؟
الملحد : لا ،لن نقف
الشيخ :يعني لن يكون هناك من بدأ السلسلة، لن يكون هناك من أنجب ذريه وتلك الذرية ولدت جدودك وآباؤك وبضمنهم ابوك . “مزبوط” ؟
الملحد : (مندهشاً ) صحيح في تلك الحالة لن يكون لي اباء وأجداد !
الشيخ : لكنك موجود صديقي! انت موجود ! ، ما يعني كان هناك شخص هو الأول هو الذي بدأ سلسلة النسل التي انت منها ، “مزبوط” ؟
الملحد : (أكثر اندهاشاً ) نعم صحيح ، “مزبوط كلامك”.
الشيخ : نفس الامر ،صديقي ، الكون موجود واذا الكون موجود وله خالق فلا يصح إفتراض وجود خالق للخالق ! لأن ذلك يجعل من الخالق شيئا مخلوقاً وكذلك لو تساءلت عمن خلق الخالق وعمن خلق خالق الخالق وهكذا أخذت ترجع الى الوراء الى ما لا نهاية فستصل الى نتيجة مفادها أن الكون غير موجود، لأنك لم تقف عن واجد او خالق . ولكن الكون موجود ونحن فيه !
الملحد : ( لا تعليق ولكنه يبدو خاشعا منفعلا )
الشيخ : إذاً يا صديقي ، العلم والمنطق يخبراننا بان الكون مخلوق وأن الكون يستوجب وجود خالق ازلي أبدي هو الأول والآخر قدير حكيم
الملحد : تلمع في عينيه رقاقة من الدمع يقوم فيعانق الشيخ
يُقال انه منذ اليوم التالي صار الملحد من رواد المسجد الدائمين وخلال 3 سنوات حفظ القران الكريم وانه بنفسه صار شيخاً عالماً يحاور من كان يوما يرزح في ضلالات الفكر مثلهم.