تتردد بين العرب والمسلمين مقولة جاهلية قبيحة ،” الأقارب مثل العقارب ” ،انها دليل راسخ على انحطاط القيم النبيلة والمفاهيم الراقية عند المسلم الذي يؤمن بها ، لأنها منافية لتعاليم إسلامنا الراقي والمميز … !.
فعن عبدالله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما ،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)؛ رواه البخاري.
انقسم الناس على مر الأزمنة والعصور على ﺛﻠﺎﺙ ﺩﺭﺟﺎﺕ: ﻭﺍﺻﻞ ﻭﻣﻜﺎﻓﺊ ﻭﻗﺎﻃﻊ ، ﻓﺎﻟﻮﺍﺻﻞ ﻣﻦ ﻳﺘﻔﻀﻞ ﻭﻟﺎ ﻳﺘﻔﻀﻞ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺊ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻲ العطاء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺄﺧﺬ ، ﻭﺍﻟﻘﺎﻃﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻔﻀﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻟﺎ ﻳﺘﻔﻀﻞ على الآخرين.
لذلك الإنسان الواصل أفضلهم وخيرهم ، لأنه إذا قطعت رحمه وصلها، فتكون صلته لله، لا مكافأة لعباد الله، ولا من أجل أن ينال بذلك مدحًا من الناس. وأما المُكافئ إذا وصله أقاربه وصلهم . انها دعوة من رسول الرحمة والمحبة الى المسلمين كافة، أن يصلوا أرحامهم مع القريب المجافي والمقاطع لهم ، دعوة الى مقابلة الإساءة بالإحسان، دعوة للسعي في الإصلاح ، وصفاء القلوب، والتراحم والتسامح بين الأقارب أفراد الأسرة الواحدة ، دعوة ربما تتجاوز إلى حد التكافل المادي بينهم ، لأداء حقاً من حقوق القرابة، لا منة يمن بها القريب على قريبه ، وأنما احتساب الأجر عند الله لقوله تعالى: “وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ”،ولقول رسول الله عليه الصلاة والسلام :”صل من قطعك ،وأحسن إلى من أساء إليك … ” . العلامة الألباني السلسلة الصحيحة.
هنالك من الناس من يشعر أن الآخرين يؤدون حقوقاً له واجبة، دون أن يتحمل بأي شيء نحوهم ، ولهذا يعاتبهم ويلومهم إذا قصروا، ولو نظر إلى حاله وسألها : لماذا لا يزور أهله ؟ ، لماذا لا يحسن إليهم ؟إن هذه النوعيات من الناس موجودة في مجتمعاتنا ، فانك ستجد الإنسان مع جيرانه، والمرأة مع جاراتها، تمر السنون ما خرج من بيته شيء ، ولو مرقة لجيرانه.
ولكنه ينتظر من الآخرين أن يقدموا له أنواع الهدايا في جميع المناسبات : في الولادة ، وفي دخول المستشفى والخروج منه، وعند نجاح وزواج اولاده.
ان أكمل أنواع الصلة وغاية الإحسان وأعلى درجاته هي التي يصل بها الإنسان من قطعه،وأن يعطي من حرمه، لكن الكثير من الناس يمكن أن يتواصل مع اقاربه لكن بشرط أن يتواصلوا معه، وأن يبقى إحسانهم إليه ممتدًّا، فإذا حصل منهم تقصير، أو بدرت منهم بادرة فإنه يقطع هذا الإحسان.ان هؤلاء ليسوا بأهل للصلة، لا يقدرون المعروف، فإذا كان الإنسان يريد ما عند الله عز وجل ، وكانت أفعاله تصدر من تربية كاملة، فإنه لا ينتظر من الآخرين أن يكافؤه، ولا أن يحسنوا إليه، ولا ينتظر من اقاربه أن يصلوه من أجل أن يصلهم.
جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ، فقال: (لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَلّ – أي تطعمهم الرماد الحار الذي يُحمى ليُدفن فيه الطعام فينضج، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحقهم من الأذى بأكل الرماد الحارّ -، ولا يزال معك من الله ظهير – أي ناصر ومُعين – عليهم ما دمت على ذلك) رواه مسلم. وختامه مسك ، اعلم يقينا أن الصدقة تضاعف الأجر للواصل القريب ، قال عليه الصلاة والسلام : “الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ صَدَقَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ”. اللهم وفقنا أن نكون من عبادك الأبرار الأتقياء الذين يصلون ارحامهم ابتغاء مرضاتك وجنتك .