من اخترع الشوكولاتة؟.. رحلة طويلة وببغاء وشراب بالفلفل
يستهلك البشر سنوياً حوالي 3 ملايين طن من الشوكولاتة، ويصنف الأوروبيون كأبرز مستهلكين لهذه المادة الغذائية المشتقة من الكاكاو.
فبالتزامن مع ظهورها بالقارة الأوروبية خلال القرن السادس عشر، سجلت الشوكولاتة انتشاراً سريعاً، وغزت العالم بأسره.
يعود تاريخ ظهور الشوكولاتة إلى حوالي 4 آلاف سنة مضت.
وقد اعتمدت في البداية كمشروب روحاني مرير المذاق مخالف تماماً للطعم الحلو واللذيذ الذي نتمتع به حالياً.
إلى ذلك، كشفت أبحاث علماء الأنثروبولوجيا المعاصرين، أن الشوكولاتة التي تشتق من الكاكاو، ظهرت لدى ثقافات ما قبل الأولمك بأميركا الوسطى حيث لقّبت شجرة الكاكاو خلال تلك الفترة بشجرة الآلهة.
تمثال صغير يعود لشعب الأزتك يجسد شخصا وهو يحمل ثمرة كاكاو
ما دور الببغاء؟
وبحسب التقديرات الحديثة، يعود أصل شجرة الكاكاو إلى غابات الأمازون ، حيث لعبت الببغاوات دورا هاما في نقل بذورها نحو أميركا الوسطى.
استخدمت حضارات الأولمك والأزتك بأميركا الوسطى الكاكاو لغرضين أساسيين، كان أولهما إعداد مشروب يلقب بـ XOCOLATL متكون من حبات الكاكاو المطحونة التي يتم خلطها بالماء والفلفل الحار وعدد من التوابل الأخرى، وقد نتج عن ذلك مشروب مقدس رديء المذاق تناولته شعوب أميركا الوسطى للتقرب من آلهتها.
كما استخدمت بذور الكاكاو في مجال آخر، حيث تم الاعتماد عليها كعملة أساسية للتبادل التجاري وسداد الضرائب.
وبالتزامن مع هيمنتهم على أميركا الوسطى خلال القرن الرابع عشر، زاد الأزتك من درجة اعتمادهم على الكاكاو حيث استخدمت بذورها لمكافأة الجنود والأبطال واعتمدت كرمز خلال المناسبات الدينية.
فضلاً عن ذلك وحسب ما دوّنه الأزتك، لم يتردد الإمبراطور مونتيزوما الثاني في تناول ثلاثة غالونات يومياً من المشروب المعدّ من الكاكاو.
وخلال فترة تواجده بأميركا الوسطى، أعجب الكونكيستدور والمغامر الإسباني مدمر حضارة الأزتك، هرنان كورتيس بشراب الكاكاو الذي أعده السكان الأصليون حتى أدمن عليه، فما كان منه إلا أن نقل الكاكاو وطريقة إعداد الشراب إلى البلاط الملكي الإسباني.
لكن في إسبانيا لم يرق هذا الشراب الجديد للجميع حيث تجنب الملوك والأمراء تناوله بسبب مذاقه السيئ والمر.
الرهبان الإسبان والحليب والسكر!
ومن أجل تغيير هذا الأمر، عمد بعض الرهبان الإسبان إلى إدخال تغييرات على تركيبة مشروب الكاكاو الأصلية، حيث تم تعويض الماء بالحليب، بينما عوّض الفلفل والتوابل بالعسل والسكر.
وبعد تلك الإضافات، أقدم الرهبان على تسخين هذا المزيج الجديد ليتم الحصول في النهاية على وصفة جديدة حلوة المذاق سرعان ما انتشرت في إسبانيا.
واحتفظت إسبانيا لحوالي قرن من الزمن بوصفة مشروب الكاكاو.
وفي حدود سنة 1615 وعلى إثر زواج الملكة آن ابنة ملك إسبانيا فيليب الثالث من الملك الفرنسي لويس الثالث عشر، انتقلت الوصفة نحو فرنسا ومنها نحو بقية أصقاع أوروبا.
ولم تتردد بريطانيا في غراسة أشجار الكاكاو بمستعمراتها بالقارة الإفريقية.
ثورة وأول حبة شوكولاتة
سنة 1828، أحدث عالم الكيمياء الهولندي كونراد يوهانيس فان هوتن ثورة حقيقية في مجال صناعة الشوكولاتة عقب نجاحه في اختراع آلة ضغط الكاكاو التي ساهمت في استخراج زبدة الكاكاو من حبّات الكاكاو المحمصة، مخلفة مسحوقا رقيقا تضاف إليه بعض المكونات الأخرى لتصنع منها الشوكولاتة.
وبفضل هذا الاختراع، تزايدت كمية الشوكولاتة وتراجع سعرها مما سمح للجميع بالحصول عليها.
وبحلول سنة 1847، نجحت مؤسسة J.S. Fry & Sons البريطانية في إنتاج أول قطعة شوكولاتة، انطلاقا من زبدة ومسحوق الكاكاو والسكر.