قانون القومية ليس مجرد قانون يمكننا التعايش معه على مضض، انه مقدمة واسعة لعشرات القوانين التي ستحول عيشنا في هذه البلاد الى امر لا يطاق، وسيكون قد فات أوان الاحتجاج على ذلك، لهذا فإنه لا يزال في الزخم بقية
اعتقد انه ورغم التأخير في رد الفعل على قانون القومية، فإن نوابنا في المشتركة لا يزالون قادرين على احداث عاصفة سياسية على المستوى المحلي في إسرائيل بحيث تترك صدى مدويا على الساحة الدولية بصورة تلقائية.
إن استقالة نوابنا من الكنيست العشرين لا تعني مقاطعة الانتخابات للكنيست الحادية والعشرين، وهذه طمأنة للنشطاء الحزبيين الذي يعتقدون ان الانسحاب الحالي قد يعني الخروج من الحياة السياسية.
استقالة أعضاء الكنيست الـ 13 وسحب لائحة مرشحي “المشتركة” تعني ان تبقى الكنيست الإسرائيلية بـ 107 أعضاء فقط، وهذا يتنافى مع القانون الأساس للكنيست الذي ينص على ان الكنيست مؤلفة من 120 نائبا. وعليه فإن شرعية الكنيست تسقط على الفور ومعها الائتلاف الحكومي القائم على تشكيلة الكنيست، والتوجه الى انتخابات عامة جديدة.
ان الهدف من مثل هذه الاستقالة هو توجيه رسالة الى الرأي العام الدولي وليس الى الجمهور داخل إسرائيل. فنحن الآن نستعد لإحداث موجة تضامن دولية قد لا تؤدي الى شيء ملموس سوى التعاطف الناشف مع قضيتنا ولا شيء غير ذلك.
وإذا كان الامر كذلك فلا أفضل من القيام بذلك بالطريقة المثلى. ان استقالة نواب المشتركة من الكنيست العشرين وحل الكنيست والائتلاف الحكومي وإعلان انتخابات مبكرة، سيكون في رأس النشرات الإخبارية في كل العالم. ولن يقتصر نص الخبر على اعلان الانتخابات المبكرة في اسرائيل وانما سيذكر انه بسبب انسحاب النواب العرب من البرلمان، وقبل ان يتساءل المشاهد لماذا انسحب هؤلاء النواب العرب من الكنيست الإسرائيلي، سيأتي الجواب في سياق الخبر بأنه بسبب قانون القومية الذي يعتبرونه عنصريا ويميز ضدهم.
ان مثل هذه المعلومة حين تبلغ المشاهد والمستمع في كل ارجاء العالم، ستكون اقوى بآلاف المرات من كل خطابات نوابنا المنمقة من على منبر الكنيست طوال الدورة الحالية، مهما كانت هذه الخطابات قوية.
وإذا كنا حقا نسعى الى شحذ التضامن الدولي مع قضيتنا فلا أفضل من هذه الخطوة لتعميم قضيتنا على أكبر قطاع ممكن ممن يعتنون بالسياسة في العالم وبالتالي تدويلها.
لقد مر على المصادقة على القانون عشرة أيام ولا نرى أي تحرك ضد القانون خلافا للأخوة الدروز الذين لم يترددوا منذ اليوم التالي وحركوا ما لديهم من إمكانيات لنيل ما يرضيهم هم من تعديل للقانون، بينما بقينا نحن جالسين نتفرج وكأن الامر لا يعيننا، حتى اننا لم نر محاولة للتنسيق مع الدروز في حملة اوسع مشتركة للجميع ضد القانون المأفون.
لسنا بحاجة لمن يمتص غضب الشارع في هذه الأيام ولا نسعى الى الاستكانة والتسليم بالأمر الواقع، نحن بحاجة الى قيادة بحجم المسؤولية التي تكشفت اليوم…قيادة أكبر من مجرد ان تلقي خطابا مكتوبا او معدا مسبقا…نحن بحاجة الى قيادة تسير امامنا على الطريق المؤدي الى حقوقنا وان تهتف لنردد خلفها… لا نريد قيادة انتظرت نهاية دورة الكنيست لترتب عطلتها الصيفية ولتذهب الجماهير الى الجحيم!
ما حدث ليس مجرد قانون من القوانين العنصرية التي اعتدنا على التعامل معها بكثير من المرونة الى ان نستسلم لها…انه قانون أساس وهذا يعني لكل من تعلم “المدنيات” ان ثمة عشرات القوانين سيتم سنها استنادا الى هذا القانون في كل مناحي الحياة، وعندها سنتمنى لو اننا ولدنا في جنوب افريقيا قبل عهد مانديلا…