إدارة النضال الجماهيري فن لا يتقنه كل قائد سياسي، فقد فشلنا نحن العرب في إسرائيل حيث نجح الاثيوبيون وذوو الاحتياجات الخاصة ومثليو الجنس وغيرهم
مقارنة لا بد لنا ان نجريها طالما لا نملك بوصلة تشير لنا بوضوح الى اين المسير. وإذا كنا غير قادرين فنتعلم من قدرة الاخرين كيف يخوضون النضال.
المثال الأول: مظاهرة احتجاج لليهود الاثيوبيين في ميدان رابين بمشاركة عشرات الآلاف منذ سنتين، وكانت ناجحة وحققت مآربها.
المثال الثاني: كانت مظاهرات أسبوعية بادر اليها شخص واحد، وهو عامل سابق في بيت رئيس الحكومة اسمه ميني نفتالي ضد الفساد السلطوي واستمرت نحو سنة… وانتهت بمهرجان احتجاجي في ميدان رابين بمشاركة الآلاف.
المثال الثالث: احتجاجات ذوي الاحتياجات الخاصة على مدار شهرين واغلاق الشوارع يوميا في مختلف ارجاء البلاد في ساعات الذروة.
المثال الرابع: احتجاجات مثليي الجنس بخصوص “استئجار الارحام” او “الحمل البديل” التي جرت أمس الاحد وأغلقت شوارع رئيسية في البلاد واختتمت بمهرجان احتجاجي بمشاركة نحو 80 ألف شخص في ميدان رابين.
اما نحن فنعتبر أنفسنا أصحاب أكثر القضايا عدالة بين كل هذه المجموعات، لأن قضيتنا قومية وليست اجتماعية، ومع ذلك لم تخرج مظاهرة احتجاج وضخمة واحدة على المستوى القطري للعرب في البلاد منذ أكتوبر عام 2000.
ألم يحن الوقت للتوقف قليلا وطرح الأسئلة غير المريحة على الجميع؟ لماذا لا ننجح بتنظيم أنفسنا ولو مرة كل خمس سنوات في احتجاج يهز الحياة السياسية في البلاد من اجل تحقيق ما أمكن من مطالبنا المتآكلة مع كل عام يمر طالما بقينا صامتين؟
هل قيادتنا السياسية والجماهيرية حقا قادرة على جر الجماهير الى الشوارع لترفع صوتها بوجه ظلامها بقوة؟ ام أن القيادة لا تسعى لهذا النوع من النضال أصلا؟ هل خطاب من على منبر الكنيست امام القاعة الخاوية هو اقصى ما يمكن فعله لتحقيق الحقوق الجمعية العربية في هذه البلاد؟
كيف تحولت “القائمة المشتركة” خلال ثلاث سنوات من وسيلة الى هدف نحرص على الحفاظ عليها بكل ثمن؟
بالرغم من اختلاف الدوافع والمسوغات، انظر كيف هب صبيحة امس النواب الدروز من أحزاب الائتلاف والمعارضة بمساندة منتدى المحامين الدروز ورؤساء السلطات المحلية الدرزية والشركسية، وطرقوا باب المحكمة العليا باستئناف منمق على قانون القومية الذي يضر بهم كما يضر بكل العرب! أما نحن في المقابل، فقد سجلنا في مفكراتنا النضالية لقاءً مع منسقة الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيرني في شهر أيلول/ سبتمبر أي بعد شهرين من الحدث، وهو لقاء بروتوكولي لن يقدم ولن يؤخر من الامر شيئا لأن أوروبا انتقدت القانون بدون لقاء نوابنا.
بما اننا خلدنا للنوم الخميس والجمعة والسبت، وفوتنا الفرصة للاحتجاجات الجماهيرية الضخمة على ما جرى، في أيام العطلة الأسبوعية الملائمة لأي تحرك جماهيري، فمن الطبيعي ألاّ نرى صبيحة أمس الاحد أي عنوان في الصحافة الإسرائيلية عن قانون القومية، بل أصبح الاهتمام الأول في البلاد بمثليي الجنس وقضاياهم…
لم اعد أدري ما الذي يستحق فعلا ان نهب ونغضب ونصرخ من اجله والتمسك به والذود عنه! لقد بات كل شيء يتعلق بالحقوق الجمعية للعرب في البلاد مباحا وكأنه حديقة بلا سياج يقتحمها من يشاء ويخرب الزرع فيها كما يشاء، حديقة بلا حراس… حديقة حتى لو لم يتسلل اليها اللصوص، خرج من بين أصحابها من يوزع ثمارها على المتربصين بها!
هل بيننا من يقف بكل قامته لينادي بكل شجاعة الى مراجعة شاملة لمسيرة النضال العربي الفلسطيني المحلي، المدني والقومي؟ وهل حقا نسير في الطريق الصواب من اجل تحقيق ما لم نحققه منذ سبعين عاما؟ هل علينا الانتظار سبعين عاما أخرى لكي تتبخر بقية الظروف الإنسانية لعيش العربي في هذه البلاد؟