اذا كنا، وهذا واجب الساعة، بصدد التفكير الاستراتيجي بآليات مواجهة قانون القومية فان شرط هذا التفكير ان يأخذ بعين الاعتبار المركبات التالية: الأول، الإقرار بالظروف الجيوسياسية الرديئة المحيطة بنا، لا سند فلسطيني، عربي، دولي لنا. مرحلة شديدة التعقيد وهي ما يسمح لليمين ان يتخذ مواقف كهذه.
ثانيا، الفجوة، وبرأيي، هي فجوة سحيقة، بين الخطاب القومي عالي السقف للقيادات التمثيلية والمثقفة وبين رؤية الناس لواقعهم وللمعاش في ظروفهم. فالناس تشدد على المواطنة وامتيازاتها وهي لا ترى الخطورة الحقيقية في قانون القومية. لم تنجح القيادات المثقفة والسياسية في ربط القانون بالحياة اليومية والمساس فيه. يجب فهم “خوف” الناس ليس من القانون بل من فقدان المواطنة.
ثالثا، النقاش داخل الأغلبية اليهودية هو نقاش على مكانة الديمقراطية وليس على يهودية الدولة فهي تحظى بإجماع تام. لذلك أي محاولة لاستمالة الشارع اليهودي لا يمكن ان يفعل ذلك الا عن طريق التشديد على المشترك وهو المواطنة والمساواة. الخطاب القومي وهو جوهر الصراع هو مساحة الصراع المريحة لليمين لأنه سيتكمن من الفوز بسهولة بالمعركة امامنا.
لذلك، اقترح بان خطابنا واستراتيجيتنا تعتمد على الآتي:
أولا، عملنا يجب ان يركز على المواطنة كأساس وعدم اسقاط ورقة المواطنة تحت أي ظرف فهي الورقة الوحيدة المتبقية.
ثانيا، المطالب القومية (حق تقرير المصير) هو حق تضمنه المواطنة المستندة على الحق في الوطن وليس المواطنة المستندة من رغبة الأغلبية اليهودية والتي يحصر القانون حقها في الوطن. القصد بان يكون التسويغ المبدئي امام القانون هو: كل قانون لا يربط بين المواطنة وحقنا في الوطن هو مرفوض ( رفض الفصل بين الوطن والمواطنة) وكل قانون يمس بمواطنتنا المتكاملة الابعاد، مدني وقومي، مرفوض.
ثالثا، تحديد وتعبئة مشروع المواطنة بمعنى ومضمون. القصد هو ان يتم تقديم اقتراح مقابل ولكن عقلاني وشامل لتصور مستقبلنا في الدولة. جوهر مطالبنا المحددة من الدولة. وهذا يعني المبادرة في المطالبة وليس الإبقاء على رد الفعل.
رابع، الاستقالة الان من الكنيست وليس مقاطعة الكنيست. القصد احداث ازمة دستورية واسقاط الحكومة والمباشرة بتحشيد الناس، عرب ويهود، لمعركة فاصلة في الانتخابات المقبلة. بهذه الخطوة، سنبعث ثلاث رسائل مهمة: داخليا، أعضاء الكنيست ملتحمون مع الناس ويعيدون ثقة الناس بعملهم وجدواه.
إسرائيليا، لسنا عاجزون عن اتخاذ مواقف غير عادية ونضالنا جدي.
دوليا، إسرائيل بدون عرب في الكنيست ستفقد أهم مسوغ أخلاقي لها، شكلها الديمقراطي المتخيل في العالم.