علماء في المتحف المصري بمدينة تورينو في إيطاليا، يتوصلون إلى سر المكونات التي استخدمها المصريون القدماء في التحنيط، وذلك بدراسة مومياء عمرها 5600 عام، لم يسبق أن فحصها المتخصصون من قبل.
توصل علماء في المتحف المصري بمدينة تورينو في إيطاليا، إلى سر المكونات التي استخدمها المصريون القدماء في التحنيط، وذلك بدراسة مومياء عمرها 5600 عام، لم يسبق أن فحصها المتخصصون من قبل.
وبحسب ما نشرته مجلة علم الآثار، الخميس، خلص العماء إلى أن المصريين القدماء كانوا يستخدمون سائلا للتحنيط يحتوي على زيوت نباتية ممزوجة بالصمغ النباتي أو السكريات وصمغ الصنوبر الساخن، مع مستخلصات نباتية عطرية لمنع نمو الميكروبات.
وبحسب العلماء، فإن هذه المكونات ربما كانت تشكل “عجينة لاصقة بنية اللون”، توضع على الجسم وضمادات القماش الكتانية التي كانت تُلف بها الجثث المحنطة.
وكانت عمليات تحنيط الموتى مهمة بالنسبة للمصريون القدماء، حيث يرتبط حفظ الجثث بفكرة الخلود والحياة بعد الموت.
وقالت جانا جونز عالمة المصريات في جامعة ماكواري الأسترالية المشاركة في دراسة المومياء: “الفحص يسهم بشكل كبير في معرفتنا المحدودة بفترة ما قبل التاريخ والتوسع في ممارسات التحنيط المبكرة، فضلا عن توفير معلومات جديدة مهمة حول هذه المومياء بشكل خاص”.
وأضافت جونز: “من خلال الجمع بين التحليل الكيميائي والفحص البصري للجسم والتحقيقات الجينية والتأريخ بالكربون المشع والتحليل المجهري للفائف الكتانية، أكدنا أن عملية التحنيط هذه جرت قبل عام 3600 قبل الميلاد، على ذكر يتراوح عمره بين 20 و30 عاما، عندما توفي”.
وبعد تغليفه بلفائف الكتان، يوضع الجثمان في رمال ساخنة لمساعدة مكونات التحنيط على الحفاظ على سلامة الجسم، حسبما أكد العلماء.
وقال عالم الآثار من جامعة يورك الكندية ستيفن باكلي، المشارك في الاكتشاف، لـ”بي بي سي” إن مومياء المتحف المصري بإيطاليا “تجسد حرفيا التحنيط المصري منذ 4 آلاف عام”.
وعمل باكلي وزملاؤه على “بصمة” كيميائية لكل عنصر من عناصر المكون التحنيطي، وكانت المكونات الأساسية كالآتي:
زيت نباتي – ربما زيت السمسم.
نبات “بلسمي” أو مستخرج جذري ربما يكون من عشب البرك.
صمغ الأكاسيا.
صمغ الصنوبر.
وعندما يخلط هذا المكون يتفاعل الصمغ مع الزيت وينتج مضادات للبكتيريا، تحمي الجسم من التحلل.
كيف توصل العلماء للكشف؟
بدأ باكلي البحث عن سائل التحنيط منذ عدة سنوات عندما استخرج وحلل هو وفريقه المواد الكيميائية من المنسوجات المصرية، التي كانت تستخدم للف المومياوات (لفائف الكتان، وهي جزء من مجموعة مصرية تستقر في متحف بولتون شمالي إنجلترا).
ويرجع تاريخ هذه الأقمشة إلى حوالي 4 آلاف سنة قبل الميلاد، وبالتالي أقدم بكثير من التاريخ المعروف بين العلماء عن بداية ونشأة التحنيط.
يقول باكلي: “التحنيط بشكل عام يفترض أنه بدأ حوالي 2600 سنة قبل الميلاد، عندما كان الهرم الأكبر يجري بناؤه، لكننا لاحظنا أن هناك أدلة على أن التحنيط بدأ في وقت أبكر من ذلك”.
وقاد هذا الاكتشاف الخاص بلفائف الكتان، الفريق، إلى مومياء تعود إلى عصر ما قبل التاريخ في متحف تورينو، لم يسبق أن خضعت لأي معالجات لصيانتها، لذلك وفرت المومياء فرصة فريدة لدراسة الكيمياء المصرية القديمة غير الملوثة.
أهمية “السر الفرعوني”
يقول باكلي إن السر الفرعوني يكشف عن “نظرة ثاقبة” بشأن كيف ومتى قدم المصريون القدماء وصفة تحنيط مضادة للبكتيريا تحمي وتحفظ موتاهم، تاركين وراءهم المومياوات المصرية الشهيرة التي نعرفها الآن.
وكان التحنيط مجرد خطوة في عملية دقيقة تحافظ على الجثامين بعد الوفاة، وتشمل:
إزالة المخ من الرأس، وذلك إما بكسر العظمة القفصية والدخول بخطاف عبر الأنف وبعد إذابة المخ يتم إخراجه من الأنف، أو عن طريق فتحة صغيرة عند مؤخرة الرأس يقوم المحنط بفتحها.
إزالة الأعضاء الداخلية.
تجفيف الجثمان في الملح.
وضع مكونات التحنيط على الجثمان لقتل البكتيريا.
لف الجثمان في قماش الكتان.