منذ إعلان لجنة المتابعة للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني، الإضراب العام، الذي يشمل المدارس، في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، والذي سيكون في الإثنين القادم، في ذكرى هبة القدس والأقصى، بدأت أصوات طيباوية تعتلي منصات موقع التواصل “الفيسبوك”، منها المعارض والمؤيد.
ومن الجدير ذكره بأن الإضراب العام يأتي ضمن إضراب الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، في الضفة الغربية وفي الداخل الفلسطيني، ردا على قانون القومية الصهيوني العنصري ، ويشمل الإضراب العام ، كل مرافق الحياة بما فيها جهاز التعليم، باستثناء التعليم الخاص. كما وتقرر بدء زيارة أضرحة شهداء هبة القدس والأقصى في التاسعة من صباح الإثنين في مدينة عرابة البطوف، وأعلنت اللجنة أنها ستضع برنامجا تفصيليا، بشأن موعد الوصول إلى باقي المدن والبلدات حيث أضرحة الشهداء، على أن تختتم في قرية جت في ساعات بعد الظهر، ومنها ستنطلق المسيرة المركزية، عند الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر، وتختتم بمهرجان خطابي.
وبدورها دعت لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، رؤساء السلطات المحلية العربية، ومديري/ات أقسام التربية والتعليم فيها، ومديري/ات المدارس وأعضاء الهيئات التدريسية، إلى إحياء الذكرى الثامنة عشرة ليوم القدس والأقصى (أكتوبر 2000)، عبر تخصيص ساعتين دراسيتين لتنظيم فعاليات تثقيفية في المدارس ومناقشة الموضوع مع الطلاب، وكذلك الالتزام بقرارات لجنة المتابعة العليا واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية بإعلان الإضراب العام والشامل في هذه المناسبة والانخراط في الفعاليات القطرية والمحلية التي تنظم على شرف هذه الذكرى.
لا ضير بأن يخسر الطلبة يوما اكراما لمن خسر حياته!
وفي هذا السياق، شهد الشارع الطيباوي، جدلاً واسعاً في مدينة ينقسم أبناؤها بين معارض ومؤيد، لكل حجته، إذ إعتبر الكثيرون بأن لا جدال في المواقف الوطنية، ولا ضير بأن يخسر الطلبة يوما دراسيا، حدادا واكراما لمن خسر حياته وارتقى شهيدا في هبة القدس، مشيرين إلى أن الإضراب في هذا اليوم لا يتطلب قرارا من لجنة المتابعة، بل يلتزم به كل فلسطيني على هذ الأرض، دون دعوة أو ترتيب أو تنسق.
فقدت مصداقيتها !
فيما أشار غالبية الذين أدلوا بأرائهم، بأنهم ضد الإضراب، إلى أنهم فقدوا ثقتهم بلجنة المتابعة، مؤكدين بانها فقدت مصداقيتها بسبب سياستها الفاشلة وعدم فاعليتها، لذا قرار الإضراب لا يمثلهم، في حين أكد البعض الأخر رغم كل التحفظات على قرارات المتابعة العامة، إلا أن الإضراب واجب وطني علينا الإلتزام به.
ثمة من بعض المعارضين للإضراب، قالوا بأن الإضراب الشامل، يجب أن لا يقتصر على المدارس والمؤسسات والمحال التجارية، فيما توجه أصابع الإتهام نحو المعلمين الذين يزاولون عملها، فأين العمال من الإضراب، مؤكدين ان التزام البعض وتراخي البعض الأخر يقفد الإضراب مرماه!.
المربي صدر الدين طيبي، كتب بهذا الصدد منشورا مطولا، أكد فيه بأنه ضد الاضراب يوم الاثنين، لأنه يضر بالطلاب وخسارة ليوم تعليم وتوعية .
تجعل المعلمين في حيرة من امرهم ما بين الالتزام بالإضراب وبين الحفاظ على لقمة العيش!
واكد بأنه ضد الاضراب لان لجنة المتابعة تجعل المعلمين في حيرة من امرهم ما بين الالتزام بالإضراب وبين الحفاظ على لقمة العيش كموظف حكومي، لا بل يتركونهم علكة في افواه المنافقين المزايدين عليهم بالوطنية ووحدة الصف، مع انهم داخل “الصف” وعلى رأسه! .
وأوضح بأن لجنة المتابعة فقدت مصداقيتها بسبب سياستها الفاشلة وعدم فاعليتها التي اكل عليها الدهر وشرب، فلا يمكن ان تتبع نفس الأسلوب والطريقة للاحتجاج وتنتظر التغيير الإيجابي والنتائج المختلفة، مشيرا إلى أن على لجنة المتابعة تغيير تركيبتها ونهجها وسياستها وبرنامجها وفاعليتها فلا يمكن ان تكون دائما في وضع رد الفعل وليس التخطيط والمبادرة !.
وعلل معارضته للإضراب، “لان الإضرابات السابقة في مناسبات مماثلة لم يكن لها أي وقع او صدى او أي نتيجة إيجابية ..فكيف ستنجح عندما يذهب المضربون الطلاب وغيرهم الى المجمعات التجارية والرحلات او اعتباره كأي يوم راحة آخر !؟,ويذهب العمال والموظفون الذين يعملون خارج بلداتهم الى عملهم !؟ فأي اضراب هذا وماذا سيجني ؟وكيف سيؤثر على متخذي القرار في البرلمان والحكومة او الشارع العام خارج حدود البلدات العربية !؟ الا يوجد اليات احتجاجية قانونية أخرى ذات مردود إيجابي حقيقي وواقعي !؟”.
يحافظون على كراسيهم الوثيرة ومناصبهم العالية!
مضيفا أن لجنة المتابعة والذين يعتبرون انفسهم في موقع القيادة يتركون الحبل على الغارب للشارع دون قيادة ولا ارشاد ولا توجيه فعال وبارز، وحين تحدث مصادمات، خلال المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات “اللي بوكلها وبوكل الحسرة بجد” هم أهالي الشهداء والمساجين والموقوفين والجرحى والمفصولين من عملهم والملاحَقين، في حين يكمل من يسمون انفسهم القيادة والمتابعة حياتهم كالمعتاد حتى المناسبة القادمة، يحافظون على كراسيهم الوثيرة ومناصبهم العالية ومعاشاتهم السمينة !، لذلك كله وغيره انا ضد الاضراب !”.
وختم بالقول:” الرحمة والمجد والخلود للشهداء الابرار الذين سقطوا في هبة الأقصى أكتوبر 2000 ولأهلهم وذويهم الصبر والسلوان” .
ومن جانبه قال نائب أمين سر الحركة الوطنية “كفاح” في بيان مقتضب، علقه على صفحته، “بحجة الحفاظ على مصلحة الطلاب، تُخرب من قبل البعض قرارات وطنية وعلى راسها الاضراب العام”.
عندما عطلت المدارس ليومين متتالين!
وأضاف:” أصوات لم نسمعها عند تعطيل المدارس بسبب او بدون سبب لم نسمعها عندما عطلت المدارس ليومين متتالين، لكنها الان تهاجم الاضراب لأسباب واضحة وبعضها يحاول خرق الاجماع الوطني وكسر الاضراب”. مضيفا :” اقل ما يقال بهذه الصرفات بانها معيبة ومكشوفة” .
الخروج عن الاجماع الوطني بحجة مصلحة الطلاب لعبة مكشوفة
وأوضح حاج يحيى بأنه مع كل التحفظات على قرارات المتابعة العامة الا ان الخروج عن الاجماع الوطني بحجة مصلحة الطلاب لعبة مكشوفة ومفهوم لمصلحة من!.
ولفت إلى ان بعض الانتقادات على الاضراب بدون سابق تجهيز وتوعية للطلاب مفهومة وفي مكانها ولكن المحاولات الأخرى مفضوحة ومعيبة.
الالتزام الإضراب واجب وطني
الشاب رياض غنيمة قال إن ” كسر الاضراب المعلن وعدم الالتزام… بحجة المحافظة على الطلاب، خروج عن الاجماع، ورغم كل التحفظات على قرارات لجنة المتابعة فإن الالتزام الإضراب واجب وطني”.
كل العمال الى العمل!
المحامي محمد أمين طيبي، ذكر في منشور له على صفحته بالفيسبوك، :” حاولت جاهدا ان لا أقول رأيي في موضوع الاضراب يوم 01.10 الذي اقرته المتابعة، لكن أقول : كان بالحري ان يكون بدل الاضراب يوم توعيه للطلاب عن موضوع قانون القومية، وما هي اثاره علينا بدل ان يكون اضراب اعمى واطرش وابكم، نعم الاضراب وسيلة عقيمة تغلق المدارس وفي نفس الوقت كل العمال الى العمل”.
وأشار طيبي إلى ان الإضراب وسيلة أخيرة وليس هدف وكم يوم اضربنا وبدون جدوى وفقط من اجل الاضراب”.
كم طالب وطالبة على علم بسبب الاضراب؟
الصيدلي ياسر محمد قال:” في كل إضراب ندعو بحييد الطلبة، رغم أن وحدة الصف مهمة وضرورية، “، مشيرا إلى أن على لجنة المتابعة أن توحد الصفوف بموضوع التربية والتعليم، وإطلاق فعاليات هادفه للطلاب بدلا من ابطال يوم دراسي! .
ونوه بأنه عوضا عن الإضراب، يجب توعية الطلبة حيال هذه القضة، ولماذا جاء الإضراب، السؤال: كم طالب وطالبة على علم بسبب الاضراب؟
وختم بالقول “الاضراب كانت وسيلة مجدية سابقا.. اما اليوم فهي غير مجدية”.
أي اضراب هذا بدون العمال؟
وفي منشوره الشاب وئام مصاروة، قال:” من يطالب أصحاب المحلات يخسروا يوم دخل في الأول من أكتوبر، وطلاب المدارس يوما تعليما . هل تبرعوا مرة بيوم الاضراب بيومياتهم كقدوة !”.
وأضاف:” أي اضراب هذا بدون العمال؟ ومن المتضرر منه؟ الإضراب اما شامل ويشمل الجميع ككل ،والا فهو بدون فائدة وإضاعة للوقت ويضعف القضية ويخدرها ويميتها”.
بلدية الطيبة ملتزمون بالإضراب!
ومن جانبها بلدية الطيبة المؤسسة الأكبر في المدينة، قالت “تطبيقا لقرار لجنة المتابعة العليا مظلة جماهيرنا العربية ولجنة رؤساء السلطات المحلية العربية، وكوننا جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الشعب الصامد، ندعو أبناء الطيبة بشكل خاص وجماهيرنا، أبناء هذا الشعب المكافح”.
قضايانا تستحق التضحية!
وأضافت:” تطبيق قرار الاضراب وإنجاح فعاليات ونشاطات إحياء الذكرى السنوية لهبّة القدس والأقصى، كمناسبة وطنية وحدوية كفاحية ونضالية، نرفع خلالها صوت قضايانا ومواقفنا الجماعية الكبرى والأساسية، إلى جانب إحياء ذكرى شهدائنا الأبرار الذين سقطوا ضحايا العدوان البوليسي المُؤسَّساتي الإسرائيلي ضد الجماهير العربية الفلسطينية في البلاد. وبناءً عليه، يوم الأثنين 1/10/18 ستكون بلدية الطيبة بجميع أقسامها مضربة. يشمل الأضراب المدارس وجميع قطاع التربية والتعليم في المدينة. قضايانا تستحق التضحية”.
بقي أن نشير إلى أن رئيس لجنة أولياء أمور الطلبة المركزية في مدينة الطيبة، المحامي يوسف جمعة، كان قد إنتقد قرار لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، في لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني، دعوة الهيئات التدريسية بالإلتزام بقرار الإضراب العام والشامل.
يجلس في البيت وفِي الصباح باكرا يشاهد والده يخرج للعمل
وقال جمعة :” نحن مع وحدة الصف والحفاظ على قوميتنا وهويتنا ولغتنا على هذه الأرض ، ونبارك كل خطوة تعزز من الانتماء والوحدة لمجتمعنا الفلسطيني في الداخل” .
وأوضح بأنه لا يكفي ان يضرب الطالب بغياب وجود جانب توعوي وفهم مدروس لسبب الإضراب”.
وتساءل جمعة :” لا يعقل ان يضرب الطالب ويجلس في البيت وفِي الصباح باكرا يشاهد والده يخرج للعمل ، أي انطباع وقيمة تربوية سنترك عند الطالب ؟”.
وطالب جمعة لجنة المتابعة بتحديث آليات عملها وأساليب نضالها ، قائلا:” نحن فعلا نحترم الجسم السياسي والاجتماعي الراعي للأقلية العربية ولكن نطمح لان يكون هذا الجسم مهني اكثر ومحتضن لقضايانا بتفكير عميق ويتلاءم مع متطلبات الوضع الراهن” .
طالبة من عتيد تقطع قول كل خطيب!
وفي حديث لنا مع أحدى طالبات ثانوية “المجد-عتيد” الشاملة، التي طلب عدم ذكر اسمها، قالت إن أقل واجب نقدمه لشهدائنا البررة الذين إرتقوا في هبة القدس والاقصى، هو الإضراب، فكما للعلم قيمة، هنالك قيم أكبر، واكبرها الكرامة، وما العلم والعمل، إذا تنقصنا الكرامة، كذلك قيمة الإنتماء للبلد الذي انجبنا، الوطن الذي يحملنا ونحمله، ولا يضر ان نخسر يوما دراسيا، كي نربح شرف الحداد على شهدائنا.
وتابعت:” نحن لسنا بحاجة لقرار الإضراب لأننا نضرب بكل فخر لو لم يعلن عن الإضراب، فخلال العام الدراسي، هنالك الكثير من العطل الرسمية، والأيام التي تمرر فيها فعاليات لا منهجية، كذلك الرحلات المدرسية والنزهات والأيام الرياضية، وما إلى ذلك، فلا تقف السنة الدراسية على يوم يضاف إلى الأيام اللامنهجية، نكتسب فيه مفهوم الإنتماء، وان “مثل المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحمهم وتعاطُفهم، مثلُ الجسد، اذا اشتكى منه عضو، تَدَاعَى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
وأردفت قائلة:” قد يرى البعض بأننا لا نعي ماهية قضايانا الوطنية، لكننا دوما نحمل هذا الألم في خاصرتنا، فمن يتجرد من أبناء جلدته ولا يلتزم بالإجماع الوطني، لا يرتقي بضميره وأن حمل اكبر الشهادات وتقلد أرفع المناصب، سيخفق في مواقفه وأداء واجبه من خلال منصبه، فمن يمشي نحو نجاحاته متجاهلا مجتمعه، سيواصل تجاهله حين يكون في أي موقع علمي أو قيادي أو حتى كأب وأم.
هبة القدس والأقصى
تحل الذكرى يوم الإثنين المقبل، الثامنة عشر لهبة القدس والأقصى، التي ارتقى فيها 13 شهيدًا من الفلسطينيين بالداخل المحتل، برصاص شرطة الاحتلال، عقب مواجهات دامية في مطلع شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2000 عقب اقتحام أريئيل شارون باحات المسجد الأقصى المبارك بالقدس المحتلة.
وتعود أحداث هبة القدس والأقصى لأكتوبر عام 2000 حيث انطلقت سلسلة مظاهرات واسعة قام بها فلسطينيو الداخل، استنفارًا لدخول أرئيل شارون إلى المسجد الأقصى، الأمر الذي سبب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، كما خرج الفلسطينيون في أراضي الـ48 احتجاجاً على وضع أوضاعهم وانتهاكات الاحتلال بحقهم.
وتعتبر هبة أكتوبر من أهم الأحداث في تاريخ فلسطينيي الداخل الإسرائيلي بحيث أثرت بشكل كبير على علاقتهم مع “اسرائيل” والاسرائيليين في أراضيهم.
وأسفرت المظاهرات عن سقوط 13 شهيدًا فلسطينيًا برصاص شرطة الاحتلال التي أطلقت الرصاص بشكل عشوائي على المتظاهرين، وتخلد الجماهير ذكرى الشهداء سنويًا.