على هامش انتخابات السلطات المحلية وإمكانية اقتراب موعد انتخابات الكنسيت ، نعود ونبحث من جديد قضية التحالفات والائتلافات المحلية والقطرية .
فما هو معنى التحالف ؟
وكيف يمكن بناؤه وتطويره؟
وهل هو أمر شرعي في السياسة ؟
إن الغاية من السياسة هو خدمة المجتمع، فالبرنامج السياسي ينبغي أن يكون برنامج يعكس تطلعات وحاجيات المجتمع، والحزب السياسي ينبغي أن يكون حزبًا للمجتمع منصتًا إلى مشاكله ومعبرًا عنها في برامجه وأهدافه، ومنبثقًا في نشأته من رحم المجتمع، والدولة الكاسبة للشرعية هي من تكون دولة للمجتمع حاضنة لآماله خادمة له، ومعبرة عن اختياراته الكبرى، والتحالف هو أحد أنواع السلوكيات السياسية .
إن التحالف هو ذلك السلوك السياسي الذي يلجأ إليه طرف سياسي، بتعاضد مع أطراف سياسية أخرى، نتيجة اتفاق تعاوني بينهم مبني على أساس برنامجي، وذلك من أجل غاية معينة .
التحالف هو تعبير على أن الفرد أو الحزب أو حركة ، او مجموعة او الدولة مهما بلغت قوتها فهي بحاجة إلى الآخر لتحقيق النمو والطموح والريادة والنهضة، والوصول لهدف معين في فترة زمنية محددة، ويأخذ التحالف غالباً صيغة إلزامية لكل من يدخل هذا التحالف ويوقع عليه،
والتحالف هو أعلى مراحل التنسيق بين القوى السياسية المختلفة، وقد تصل إلى مرحلة الاندماج والذوبان ولكن هذا نادرًا ما يحدث، وليس معنى وجود التحالف هو وجود الاتفاق في المبادئ والأفكار، ولكنها تتويج لمرحلة التفاهم حول القواسم المشتركة، والعمل من أجل المصلحة مهما كانت بين الأطراف اختلافات فكرية وأيديولوجية .
إن التحالف ليس وحدة اندماجية، تنصهر فيها التنظيمات ولكنه اتفاق برنامجي مع الاحتفاظ بهوية كل تنظيم. التحالف بحد ذاته قد يكون بعيد المدى، إذا كانت الغاية منه النضال من أجل إرساء قواعد عملية سياسية متفق عليها مجتمعيًا، وقد يكون متوسط المدى إذا كانت الغاية منه حشد التعبئة الضرورية لإنجاح عمل الأغلبية الحاكمة، أو لإسقاط هذه الأغلبية الحاكمة في حال انحرافها عن تنفيذ ما وعدت به في إطار قواعد عملية سياسية متفق عليها مجتمعيًا، وقد يكون يوميا أو قريب المدى، إذا كانت الغاية منه التصدي لأمر معين او خطوة او قانون معين .
أن التحالف يتم عبر برنامج نضالي أو سياسي أو انتخابي حد أدنى متفق عليه بين الأطراف المتحالفة، تحدد فيه النقاط المشتركة التي تلتقي فيها البرامج النضالية أو السياسية أو الانتخابية، وهذا البرنامج حد أدنى يلزمه الوضوح في الغايات و الوسائل، ويتطلب الانسجام على مستوى الأداء السياسي العام لكل طرف سياسي، ذلك أن عدم الانسجام تنتج عنه انطباعية المواقف والقرارات وسعي نحو كسب مصالح فئوية خاصة، وقد تصل في الانحدار فتغدو مصالح شخصية خاصة داخل الفئة المعينة.
إن التحالف بهذه العناصر التوضيحية لمفهومه هو سعي حثيث نحو الإعلاء من شأن قيم السياسة والمصالح العامة للمجتمع، وتربية على نكران الذات الفئوية أو الشخصية، وعلى تنسيب للبرامج والرؤى، وتمرين على خلق التنازل الذي هو أصل عام في العمل الجماعي والتحالفي.
إن التحالف حينما تكون وجهته خدمة المجتمع والدفاع عن قضاياه وإرساء قواعد عملية سياسية متفق عليها مجتمعيًا ينبت خيرًا ونفعًا ويحفظ عالم القيم الإنسانية النبيلة المتميزة بتساميها عن المنفعة الذاتية والخلاص الفردي، ويشجع على التعاطي للسياسة بمعناها النبيل، إن إكراهات التحالف لا ينبغي لها في تقديرنا أن تفضل على حماية هذه القيم التي من أجل سيادتها أصلا يتم النضال ويتم التحالف في حد ذاته.
وإيجابيات التحالف المبني بشكل مدروس متنوعة ومنها :
توسيع نطاق قاعدة الموارد المتاحة سواء كانت مالية، أو بشرية، أو معنوية، أو قانونية وزيادة معدل الأمان والحماية لأعضاء التحالف الذين لا يستطيعون العمل بمفردهم.
وايضاً من إيجابيات التحالف هو توزيع المسؤوليات بين أعضاء التحالف، والتعزيز من المصداقية لدى الأعضاء ولدى التحالف.
وهو يساعد ايضاً في خلق كوادر للعمل، وفتح مجال للحوار والتنسيق على المستويات المختلفة بين أعضاء التحالف.
تحقيق المصالح المشتركة لأعضاء التحالف.
ولأي تحالف يوجد سلبيات منها :
اهتمام الأعضاء بالعمل بعيدًا عن العمل الأساسي للعضو، مما يعنى فقدان النمو الذاتي لأعضاء التحالف.
قد يتطلب التحالف أن يتخلى العضو عن رأيه في بعض القضايا، أو الفعاليات وطرق تناولها ومعالجتها.
ذوبان الطرف الضعيف تحت مظلة الطرف الأكبر هي احد سلبيات التحالفات، أو عدم توزيع السلطة توزيعًا عادلًا بين أطراف التحالفات.
قد ينسب الفضل في تحقيق الإنجازات للتحالف، وقد ينسى الطرف الفاعل الحقيقي لهذا الإنجاز داخل الحزب، ويمكن التغلب على ذلك بعمل
تقارير دورية للتحالفات توضح الجهود المختلفة للأعضاء كما أن المصلحة المقررة من التحالف، قد تجلب هذه السلبية العرضية.
عند فشل التحالف فإن ذلك قد يعكس صورة سيئة عن الأعضاء أو إدارته، في الوقت الذي قد تكون بعض الأطراف فيه ليست سببا في عدم نجاح التحالف وخفوته.
أخيرا يمكننا القول أنه إذا كانت هناك إدارة جيدة وتنظيم سليم للتحالفات ، فإنها غالبًا ما تضع في حسابها كيفية تلاشي هذه السلبيات، وهناك أمثلة عديدة للتحالفات التي لم تظهر بها تلك الأخطاء، كما أن الموازنة بين المصالح المرتقبة للتحالفات قد تفوق بمراحل هذه السلبيات ، مما يعنى تعظيم قيمة التحالفات وليس إهدارها .
التحالفات السياسية أمر شرعي وأمر في غاية الأهمية في اللعبة السياسية المحلية والقطرية.
اما التحالفات القبيلة العائلية، هي نوع اخر من التحالفات ، التي تتناقض مع ما ذكر من مفاهيم التحالفات السياسية، لان سبب بناءها هو مصالح تخدم مجموعة معينة من المجتمع ، عائلة او قبيلة او طائفة ، وان طريق تكونها يمتلئ بالمصالح الضيقة والانتهازية المقيتة .
في معظم الحالات البند الرئيسي او الوحيد توزيع الكراسي والوظائف وليس بتقسيم المهام لإدارة السلطة الحاكمة .
لا بد من التأكيد انه في بعض التحالفات السياسية نواجه أحياناً مظاهر المصالح الشخصية والانتهازية .
وممكن انه في مكان معين وظروف خاصة، ان تكون التحالفات العائلية تخدم المصلحة العامة ، ولكن بالأكثرية العظمى من الحالات التحالفات السياسية إيجابية ومفيدة للمجتمع والتحالفات العائلية تضر بمصالح المجتمع .
اما النوع الثالث من التحالفات فهو التحالفات بين قوى سياسية وعائلات في الانتخابات المحلية .
تحدث بشكل عام عندما تفتقد الأحزاب السياسية القدرة للوصول الى السلطة المحلية ، بسبب عمق التعصب والصراع العائلي او أزمة الأحزاب السياسية وضعفها .
هذا النوع من التحالفات مصيره اما امتزاج الأحزاب بنمط العائلية ، وحينها يصبح الحزب كعائلة يفقد كل مميزات الحزب .
وأما ان يقود الحزب العائلات المتحالف معهن ويدير السلطة من منطلق سياسي، وليس من منطلق عائلي .
في معظم الحالات يحدث السيناريو الأول .
لذلك يواجه الحزب مخاطر كبيرة حين يدخل بتحالف عائلي .
ما العمل ؟ وما الأفضل لجماهيرنا العربية في الظروف السياسية الاجتماعية الانية ؟
الوضعية المثلى ان نحول الصراعات العائلية او الطائفية الانتخابية لمنافسة سياسية لتفرز إدارات تخدم المجتمع بشكل مهني ووطني .
ولكن واقعنا بعيد عن هذا الامر في معظم القرى والمدن العربية .
في هذه المرحلة أقول تعالوا معاً نعمل لإعمار البلد ، لحمايتها من العنف المستشري فيها ، لرفع مستوى التربية والتعليم والفن والأدب والرياضة ، لاستئصال الكراهية والتعصب ، لزرع المودة والمحبة والتفاهم والمشاركة والعطاء والانتماء .
تعالوا معاً نناضل من اجل حماية ما تبقى لنا من ارض ومياه وهواء
رصوا الصفوف من اجل محاربة سياسة التميز العنصري ، والتحريض الارعن على الجماهير العربية .
تعالوا نتحد ، وحدة نضالية لخدمة كل الناس وليس وحدة انتهازية ، هدفها الأول والأخير الكراسي والمناصب وخدمة “قيادات ” انتفاعية .
تعالوا نعمل بشفافية ووضوح وصدق ، لان الصدق يولد الثقة ، والثقة تولد التعاون والتعاون يولد النجاح والنجاح يولد نجاحات اخرى وانجازات كبيرة .
تعالوا نعطي للشابات والشباب ان يكونوا في مراكز التأثير والعمل والعطاء ، تعالوا وبجد ان لا نهمش دور النساء ،بل إعطاء المجال للدور الرائد في المجتمع ، دور المرأة ، بالتقدم والتطور والازدهار .
باختصار تعالوا معاً ، كل أطياف المجتمع من أحزاب سياسية وحركات اجتماعية وعائلات ان نعمل بوحدة صف نضالية
الواحد مع الاخر وليس الواحد ضد الاخر
كلنا معاً ضد سياسة التميز العنصري والتفرقة العنصرية في ظل القوانين الفاشية التي سنت ضد كل الجماهير العربية وبالأخص قانون القومية .
تعالوا نبني تحالف لكل البلد في كل بلد
ائتلاف شامل ، يشمل كل أطراف البلد الحريصة على مصلحته والقادرة على إدارته
وتمتلك الحس الوطني الموحد لأبناء شعبنا .