العلم وحده لا يكفي لخلق الابداع

إذا كان العلم يمحو الجهل وينير العقول وهو سر التقدم العلمي والحضاري وبدونه لا تحدث النهضة ولا تتحقق التنمية كما إن العلم يفتح المجال أمام الباحثين للحصول علي أعلي الدرجات العلمية في مختلف التخصصات فأن الثقافة تحارب الجهل والتخلف وتعلم وتأدب وتهذب النفس وتضيئ الكون كله للجميع وتفتح أمامهم آفاقا واسعه لاكتساب المعرفة في كافة المجالات العلمية والأدبية والفنية كما أن الثقافة لا تقتصر علي المتعلمين الحاصلين علي شهادات عليا فقط

فهناك أشخاص لم يكملوا تعليمهم ولكنهم مثقفون ويضرب بهم المثل الأعلى في الابداع ومنهم (عباس محمود العقاد) ذلك الكاتب والأديب الكبير الذي لم يحصل إلا علي شهاده الابتدائية و الذي رفض منحه درجه الدكتوراه الفخرية ليثبت أن الإبداع ليس حكرا علي من حصلوا علي اعلي الشهادات العلمية ونالوا جوائز الدولة التقديرية هذا ما اكده د.سيد حسن السيد الخبير الدولي للإتيكيت وآداب السلوك بوسائل الإعلام والمحاضر بالمراكز التدريبية المتخصصة الذي يستطرد فيقول ولبيان اهمية تنميه الثقافة واكتساب المعرفة لمحاربه الجهل والتخلف يجب توضيح الآتي :-

1 _ لو بحثنا في المعاجم اللغوية عن معني كلمه( الثقافة) لوجدنا انها تعني المعارف والعلوم والفنون التي يطالب العلم بها والحذق فيها أي الاطلاع عليها ومعرفتها بإدراك ومهارة أما معني كلمه ( تثقف)فتعني تعلم وتأدب وتهذب يقول الشاعر: (والعلم أن لم تكتنفه شمائل تعليه لكان مطيه الإخفاق ق) المقصود بالشمائل الأخلاق الحميدة حقا أن الأمي المثقف الخلوق خير من متعلم بلا أخلاق العلم يجب أن تلازمه أخلاق تعلي من شأنه وثقافة تنمية وتطوره كم من علوم درست وبعد سنوات تم نسيانها نتيجة عدم القراءة والاطلاع لتذكر ما سبق دراسته ولمعرفه ما قد طرأ علي تلك العلوم من تطور

2_ تنميه الثقافة يجب ان تبدأ منذ مرحلة الطفولة من خلال التنشئة الاجتماعية للأبناء علي أن يقوم الوالدين بحكي القصص والروايات الطريفة التي تحمل قيم ومبادئ أخلاقية سامية لتعويدهم علي حسن الانصات والاستماع. وتهذيب سلوكهم ولتشجيعهم علي القراءة والإطلاع يمكن شراء بعض الكتب الخاصة بالأطفال ذات الصور الملونة والمحتوية علي الموضوعات المفيدة المشوقة التي تتناسب مع مراحلهم العمرية والتي تحتوي علي قصص البطولات وكذلك الخيال العلمي . علي أن يتم مناقشتهم بعد القراءة لتحفيزهم علي الاستمرار في الإطلاع بدلا من تركهم يلهو بالموبيل والتابلت لمشاهده افلام الكرتون والالعاب الخطيرة التي تشجعهم علي ممارسه العنف.

3_قد يتساءل البعض أين نحن من الثقافة اليوم ؟ واين هي المكتبات العامة؟ وأين هو مشروع القراءة للجميع؟ وأين ذهبت مكتبه الأسرة؟ وماهو دور المكتبات المدرسية بعد أن اختفت حصص القراءة من جداول الحصص بالمدارس؟ واين دور قصور الثقافة الجماهيرية؟ التي تعمل تحت إشراف المسئولين التابعين لوزارة الثقافة والتي تجاوز عددها ال500 قصر ثقافه التي كان يقام بها الأمسيات لكبار الكتاب والأدباء والشعراء وتقدم عروض فرق الفنون الشعبية الراقية والمسرحيات الهادفة ومعارض الفنون التشكيلية الرائعة تلك هي القوي الناعمة التي تشكل الوجدان وتزيد الوعي وتخلق اجيال من المبدعين في كافه المجالات للإجابة علي جميع التساؤلات السابقة هو ما حدث من متغيرات عصريه والتي صاحبها التغير في المفاهيم مع عدم وجود توعيه تؤكد أهمية الثقافة

4_قديما كان الكتاب كوسيلة للثقافة هو خير صديق والان اصبح الموبيل هو أوفى وأعز صديق لأنه لا يفارقنا إلا عند النوم ولو أجرينا مقارنه لوجدنا أن الكتاب لا يكلفنا إلى ثمن شراؤه فقط وهو مبلغ ضئيل اما الموبيل يكلفنا الكثير لشرائه بمبلغ كبير باب الإضافة إلي قيمة كروت الشحن وكذلك اشتراك النت ولو تحدثنا عن مدي الإستفادة من حيث تنميه الثقافة لوجدنا أن الكتاب لا غني عنه ولكن الموبيل افضل من حيث التقنية كوسيله لتنميه الثقافة لكن ما يحدث من الكثيرين هو اساءه لاستخدامه معظم الأوقات وذلك يتضح من خلال استخدام شبكات التواصل الاجتماعي كوسيله للتسلية وهدر الوقت سواء بتبادل الصور والتعليقات الهزلية أو الساخرة أو تبادل الحكم والمواعظ التي تعبر عن مشاعر أو مواقف يصعب التعبير عنها مباشره وكذلك تبادل الليكات مجاملة للأصدقاء دون محاوله لاستخدامه في اكتساب المعرفة وتنميه الثقافة من خلال القراءة والاطلاع علي الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية للإستفادة من المعلومات الواردة بالمقالات والكتابات المفيدة وكذلك متابعه ما يحدث من أحداث محلية وعالميه وما وصل إليه العلم من تقنيات ومخترعات حديثة وذلك علي سبيل المعرفة وهذا ما يفعله المثقفون حقا ان الأمية ليست فقط عدم معرفه الكتابة والقراءة لأن هناك أمية فكريه وهي التي لا تحاول اكتساب المعرفة لتطوير ذاتها كما أن فقر الثقافة الذي يؤدي إلى التخلف أسوء بكثير من ثقافه الفقر المادي

5_ بعض الأشخاص يتهافتون علي عمل دراسات عليا رغبه في الحصول علي الألقاب أو شغل وظائف هامة وهذا المفهوم قد يكون خاطئا لأن الحصول علي الماجستير والدكتوراه ليس بأخر المطاف إذا أراد الدارس أن يكون مبدعا لأن التقدم العلمي مستمر والتطور يسابق الزمن والدراسة الأكاديمية يجب أن يصاحبها قراءه واطلاع وبحث دائم وذلك من خلال تنمية الثقافة لأنها تنشط الذاكرة وتجدد المعلومات وتجعل الانسان اكثر دراية وادراكا والماما بكل ما حوله من متغيرات وتقنيات حديثة وتحولات فكرية متقدمة. كم من نظريات حديثه الغت نظريات قديمة بواسطة عقول مستنيرة جمعت بين العلم والثقافة والمثابرة والرغبة الشديدة لاكتساب المعرفة ومسايرة التطور من أجل خدمه البشرية إن سبل تنميه الثقافة كثيرة ومتعددة تبدء بالقراءة والإطلاع وحضور الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية كما أن التدريب من خلال الحصول علي دورات تدريبية له دور كبير وفعال في تنمية المهارات والقدرات علي الابتكار والإبداع ورفع مستوي الاداء بالنسبة للعاملين قال تعالي:”يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” لاشك أن الانفتاح علي العالم الخارجي من خلال البعثات الخارجية والتبادل الثقافي والاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين له تأثير فعال يساهم في دفع عجله التنمية في جميع المجالات

6- أحوجنا إلى التمسك بتعاليم الدين من أجل تهذيب سلوكنا و تنميه ثقافتنا واكتساب العديد من المعارف قال تعالي ” إنا أنزلناه قرأنا عربيا لعلكم تعقلون” ليتنا نعتز بلغتنا العربية الجميلة وحتي نذوق حلاوتها فلنقرأ القرآن الكريم ونتدبر معانيه بعنايه ولنقتدي برسول الله (صلي الله عليه وسلم) الذي كان خلقه القران وقد قالت السيدة عائشة ( رضي الله عنها): “أن رسول الله (عليه الصلاة والسلام) كان قرآنا يمشي علي الأرض ” لقد استطاع نبينا الكريم رغم أميته أن يكون معلما للبشرية كلها لأنه استلهم من القران الكريم ما يعينه علي ذلك بوحي من الله عز وجل إن في القران أهم مصدرين للمعرفة وهما (التاريخ ) من خلال حكي قصص الانبياء و (الطبيعة) من خلال وصف الليل والنهار والشمس والقمر والبحار والأنهار والجبال والكواكب والنجوم وكذلك وصف خلق الكون والإنسان الذي فضله وكرمه الله عن سائر المخلوقات وجميعها معجزات إلهيه جعلت كبار المستشرقون والعلماء الغربيون يعترفون بقدره الله وعظمته ولقد أراد الله سبحانه وتعالي أن يؤكد أهمية القراءة حينما انزل أول سورة في القران الكريم وهي سوره (العلق)التي بدأت بكلمه ” اقرأ ”

7- ليتنا نتذكر زمن الماضي الجميل واجيال المثقفين المبدعين من كتاب وأدباء وعلماء الذين رحلوا عن عالمنا ومازالت ذكراهم خالدة واسمائهم مسجله بأحرف من نور في صفحات التاريخ أمثال د.طه حسين عميد الأدب العربي الحاصل علي قلادة الجمهورية والروائي الكبير نجيب محفوظ الحاصل عل جائزه نوبل و د أحمد زويل الحاصل علي جائزه نوبل وغيرهم من المثقفين المبدعين وإذا اردنأ ان نتحدث عن تجديد الخطاب الديني فلنتذكر الدعاة المبدعين ومنهم فضيله الشيخ محمد متولي الشعراوي ذلك الداعية الواسع الثقافة الذي لقب بإمام الدعاة. إذا كانت الساحة قد خلت الآن من أمثالهم فإن أم الدنيا دائما ولادة بتعاقب الأجيال المثقفة المبدعة ليت المسئولين عن الثقافة يقومون بتفعيل دور المكتبات ولاسيما مكتبه الأسرة وكذلك تفعيل دور قصور الثقافة الجماهيرية وأن تستعيد الدور الريادي للثقافة بإعداد أفلام تسجيلية مترجمة بجميع اللغات حتي تبرز للعالم الخارجي ما تم من انجازات ومشروعات قوميه حقيقيه علي أرض الواقع مع سرعه الإنجاز في وقت وجيز لدفع عجله التنمية بفضل مجهودات قيادتنا الرشيدة التي مازالت تبذل في الداخل والخارج تلك التنمية التي تحتاج إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية مع ضرورة التوعية لتنشيط السياحة والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والموارد البشرية القادرة علي العطاء إذا أردنا أن نمحو ثقافه الفقر المادي علينا اولا أن نمحو فقر الثقافة الفكري علي ان نبدأ بذلك منذ تنشئه ابناؤنا من الصغر مع ضرورة تفعيل دور المسئولين عن التعليم والثقافة حقا أن التعليم وحده لا يكفي لخلق الإبداع والمبدعين

Exit mobile version