لتوطيد الروابط الاجتماعية ” من صنع إليكم معروفا فكافئوه”
إذا كان المعروف هو كل فعل طيب فيه طاعه لله وتقرب اليه وحسن معاملة للناس واعانة للمحتاج واغاثه للملهوف وقد جعل الله الأمر بالمعروف من علامات خيريه أمتنا عن غيرها من الأمم عملا بقوله تعالي: ” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” فأن غايه ما تدعو إليه الأديان ألا ينقطع المعروف بين الناس حتي يستمر الترابط الاجتماعي فيما بينهم ولاسيما بعد أن زحفت القيم المادية وتغلبت علي القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية في وجود قله من ضعاف النفوس ممن يستغلون رغبه الناس في فعل الخير
مما أدى إلى امتناع البعض عن فعل المعروف خشيه الوقوع ضحية لمثل هؤلاء المدعين لفعل الخير علي سبيل الخداع ومن وجهه النظر الخاطئة لدي ضعاف الإيمان المنافقون إنهم يعتبرون أن المعروف ما هو إلا غبن وخسارة مادية ومضيعة للوقت لهذا ينهون عن المعروف ويأمرون بالمنكر بينما المؤمنون الصادقين يبذلون المعروف ويتنافسون فيه ويتسابقون إليه ويتواصون به ويقبلون عليه لأنه من أسباب التقدير والتكريم في الدنيا والأخرة ولفعل المعروف هناك آدابا سلوكية متعلقة بصانع المعروف وأخرى متعلقة بمن صنع له معروف يجب ضرورة الالتزام باتباعها يحدثنا عنها د.سيد حسن السيد الخبير الدولي للإتيكيت وآداب السلوك بوسائل الإعلام والمحاضر بالمراكز المتخصصة في علم الاتيكيت والسلوك المتحضر لذا يقدم لنا هذا الإسبوع د.سيد حسن السيد النصائح السلوكية الأتية:-
1 – لقد ورد ذكر المعروف في 12 سوره من القرآن الكريم وقد تكرر ذكره 36 مره في مواضع مختلفه وذلك يدل علي أن الله سبحانه وتعالي اراد ان يؤكد لنا اهميه المعروف وفضله مع ضرورة الاستمرار في بذله من أجل توطيد الروابط الاجتماعية وتوثيق الصلات والعلاقات الطيبة بين جميع الناس بدءا من الابتسامة والكلمة الطيبة و حسن المعاملة والمعاشرة ومراعاه حقوق الغير والوقوف إلى جانبهم في المحن وعند الشدائد وتفريج الكربات وإغاثة الملهوف وإعانة المحتاج علي سبيل التكافل الاجتماعي حتي إماطة الأذى عن الطريق فهي أيضا من صنائع المعروف. قال تعالي “المؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر” وقال عز وجل :”قول معروف ومغفرة خير من صدقه يتبعها أذى ” وقال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم):”كل معروف صدقة وإن من المعروف أن تلقي أخاك بوجه طلق وان تفرغ من دلوك في إناء أخيك ” أن من يفعل المعروف اليوم قد يكون في الغد أحوج الناس إليه كما أن المعروف لا ينفع فاعله في الدنيا فحسب بل ينفعه كذلك في الأخرة قال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) :” صنائع المعروف تقي مصارع السوء” وقال رسول الله ( عليه الصلاة والسلام) :” أول أهل الجنة دخولا أهل المعروف” وإذا كان كل معروف صدقه فإن الصدقة بعشره أمثالها والله يضاعف لمن يشاء.
2 – ما أحوجنا الآن إلى بذل المعروف بعد أن تراجع التواصل الاجتماعي الحميم بين الناس مع عدم مراعاة حقوق الآخرين في ظل ما قد أحدثته المتغيرات العصرية من سلوكيات سلبية خاطئة أين المعروف ؟ عند كبار التجار الجشعين المحتكرين المتحكمين في أسعار السلع بمختلف أنواعها والذين قد تسببوا في معاناة الناس من غلاء المعيشة ؟ أين نحن من حق الجار الذي أصبح يغلق باب منزله علي نفسه ولا يعرف من هو جاره وما اسمه ؟ أين حق الصديق بعد أن اقتصر التواصل بين الأصدقاء علي مجرد إرسال ليكات وتعليقات علي صفحات الفيس بوك دون محاولة لمعرفه أحوالهم للإطمئنان عليهم؟ أين هي صله الرحم التي انقطعت بعد أن تم توزيع الميراث وانعدم التواصل واختفت الزيارات العائلية بين الاخوة والأخوات ؟ أين هو التكافل الاجتماعي بعد أن تنافست الجمعيات الخيرية علي نشر الإعلانات التلفزيونية التي أصبحت تستجدي الناس لمساعده المحتاجين والفقراء ؟ أين هي المعاشرة بالمعروف بين الأزواج والزوجات أو التسريح بإحسان بعد أن تزايدت حالات الطلاق والخلع وتكدست ساحات المحاكم بقضايا الأحوال الشخصية؟ أين المعروف ؟ بين أشخاص نجدهم يتواصلون ويكثرون من الزيارات واللقاءات الشخصية ويتبادلون الدعوات وتقديم الهدايا والعطايا بسخاء وبعد تحقيق أهدافهم وقضاء مصالحهم الخاصة التي كانت من وراء ذلك سرعان ما تنتهي العلاقة فيما بينهم وكأنها لم تكن أين المعروف ؟ بين شخصين أحدهما له فضل وجميل علي الأخر وإذا إحتاج صاحب الفضل للشخص الأخر وذلك من خلال موقف أو واجب إنساني يجب أن يؤديه له نجد أن الأخر يتنصل وقد ينكر تواجده أو يغلق تليفونه ويتعلل بأنه دائما مشغول. .
أين هي المعاملة بالمعروف بين المعلم والطالب؟ بعد أن ضاعت هيبه المعلم بإعطائه للدروس الخصوصية بالمنازل والمراكز من أجل تحسين وضعه المادي المتدني حتي يتمكن من توفير المعيشة الكريمة لأسرته وأين حق الطالب الفقير في التعليم إذا لم يتوافر لدي والديه المقدرة لإعطائه الدروس الخصوصية ؟ وكيف تكون المعاملة بالمعروف؟ حينما نجد عاملين شرفاء في جهات عمل خدميه يؤدون عملهم بكل تفاني وإخلاص من أجل قضاء مصالح الناس دون تعطيلهم ابتغاءا لمرضاه الله ولكنهم لا ينالون أي تقدير أو احترام أو مجرد كلمه شكر و أين هو التعامل بالمعروف ؟ حينما نجد موظفا متعمدا تعطيل مصالح الناس أصحاب الحقوق أو ملتفا حول القوانين لتسهيل إجراءات بدون وجه حق رغبة منه في الحصول علي رشوة حقا إن المعروف فضيلة نابعة من تقوي الله وطاعته ومن يتقي الله يجعل له مخرجا من كل الأزمات . إن الكلمة الطيبة صدقه وكل معروف صدقه وقال رسول الله (صلي الله عليه وسلم) : ” لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقي أخاك بوجه طلق” وقال رسول الله (عليه الصلاة والسلام)” من صنع لكم معروفا فكافئوه” وعن جزاء من يقوم بإعانة المحتاج وتفريج كربته قال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم):”من كان في حاجه أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربه فرج الله عنه كربه من كربات يوم القيامة”
3 -من الآداب المتعلقة بصانع المعروف والتي يجب أن يؤديها أولها الإخلاص في العمل والإصرار علي قضاء حوائج الناس و الوقوف إلى جانبهم لنصرتهم أو مؤازرتهم دون انتظار مقابل منهم قال رسول الله (صلي الله عليه وسلم): “من يشفع لأخيه بشفاعة فأهدي له هديه عليها فقبلها فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا” وعند توزيع الصدقات لا يجب تقديمها في العلانية بل في الخفاء ودون أن يصاحبها من أو أذى وقال الله تعالي “لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذي” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء ” وفي حاله بذل المعروف يجب أن يعلم فاعله أنه يتعامل مع الله لأن الثواب عند الخالق وليس المخلوق قال رسول الله (عليه الصلاة والسلام):” لا يغرس غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو طائر أو شئ إلا كان له أجر ” كما لا يجب علي صانع المعروف الإقلال من شأن أو الاستهانة بأي معروف يفعله مهما صغر شأنه حتي ولو كان إماطة أذي عن طريق قال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم):” رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجره قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس”
4 – ومن الآداب المتعلقة بمن صنع له المعروف والتي يجب اتباعها ضرورة توجيه الشكر لله أولا ثم لصانع المعروف قال تعالي: “ولئن شكرتم لأزيدنكم” وقال رسول الله (صلوات الله عليه): “من صنع إليه معروفا فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء” وقال رسول الله (عليه الصلاة والسلام):” من أتى إليكم معروفا فكافئوه فأن لم تجدوا فأدعوا له حتي تعلموا أن قد كافأتموه” وقد قال أحد الشعراء قديما: زين أخاك بحسن وصفك فضله واذع لما يأتي من الحسنات وإذا الكريم مضي وولي عمره كفل الثناء به عمر ثاني ومن آداب المجاملة ضرورة قبول الشخص للمعروف الذي أسدى إليه قال رسول الله (عليه الصلاة والسلام):” من تلقي معروف عن أخيه من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده فأنما هو رزق قد ساقه الله عز وجل إليه “
5- إذا كان الاعتراف بالجميل لمن حسن الخلق ومن الخصال الحميدة فما أحوجنا إلي التمسك بتعاليم الدين كي نتحلي بمكارم الأخلاق وفي ظل واقعنا الحالي الذي نعيش فيه ورغم السلوكيات السلبية التي تصدر من البعض سواء كانت عفويه او متعمده ليتنا نتعامل بإيجابية دون حقد أو حسد أوضغينة وان نبادر بفعل الخيرات وبذل المعروف قال تعالي: “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون “. إذا كانت أم الدنيا بفضل قيادتها الرشيدة استطاعت أن توفر الأمن والأمان الذي نعيش فيه كما أنها تسعي جاهده لدفع عجله التنمية رغم ما تواجهه من تحديات وصعوبات بصبر وعزيمه واراده من اجل توفير المعيشة الكريمة لابنائها فأن من حق أم الدنيا علينا جميعا الاعتراف بفضلها وعلي ما تبذله من عطاء مع ضرورة توجيه الشكر كنوع من رد الجميل للإرادة السياسية التي تواجه الارهاب وتحارب الفساد ولنتذكر دائما قول أشرف الخلق أجمعين نبي الرحمة وخاتم المرسلين رسولنا الكريم( صلي الله عليه وسلم): “من صنع إليكم معروفا فكافئوه” وإذا كان المنافقون كاذبون لأنهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف فأن أهل المعروف المؤمنون صادقون وهم أول أهل الجنة دخولا وذلك وفقا لما جاء بالقران الكريم والسنه النبوية الشريفة.